الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله ويصلي ركعتين مثنيا قبل الزوائد ) أما كونها ركعتين فمتفق عليه ، وأما كون الثناء قبل التكبيرات فلأنه شرع أول الصلاة فيقدم عليها في ظاهر الرواية كما يقدم على سائر الأفعال والأذكار ( قوله وهي ثلاث في كل ركعة ) أي الزوائد ثلاث تكبيرات في كل ركعة ، وهو قول ابن مسعود رضي الله عنه وبه أخذ أئمتنا أبو حنيفة وصاحباه وأما ما في الخلاصة وعن أبي يوسف كما قال ابن عباس رضي الله عنهما خمس في الأولى وخمس في الثانية أو أربع على اختلاف الروايات والأئمة في زماننا يكبرون على مذهب ابن عباس ; لأن الخلفاء شرطوا عليهم ذلك ا هـ .

                                                                                        فليس مذهبا لأبي يوسف ، وإنما فعله امتثالا لأمر هارون الرشيد قال في السراج الوهاج لما انتقلت الولاية إلى بني العباس أمروا الناس بالعمل في التكبيرات بقول جدهم وكتبوا ذلك في مناشيرهم وهذا تأويل ما روي عن أبي يوسف أنه قدم بغداد فصلى بالناس صلاة العيد وخلفه هارون الرشيد فكبر تكبير ابن عباس فيحتمل أن هارون أمره أن يكبر تكبير جده ففعله امتثالا لأمره وأما مذهبه فهو على تكبير ابن مسعود رضي الله عنه ; لأن التكبير ورفع الأيدي خلاف المعهود فكان الأخذ فيه بالأقل أولى ا هـ .

                                                                                        وكذا هو مروي عن محمد قال في الظهيرية إنهما فعلا ذلك امتثالا لأمر الخليفة لا مذهبا ، ولا اعتقادا وذكر في المجتبى ثم يأخذ بأي هذه التكبيرات شاء ، وفي رواية عن أبي يوسف ومحمد قال في الموطإ بعد ذكر الروايات فما أخذت به فحسن ، ولو كان فيها ناسخ ومنسوخ لكان محمد بن الحسن أولى بمعرفته لقدمه في علم الحديث والفقه وقيل الآخر ناسخ للأول والصحيح ما قلناه والأخذ بتكبيرات ابن مسعود أولى ا هـ .

                                                                                        وبهذا ظهر أن الخلاف في الأولوية ، وفي المحيط ، ولو كبر الإمام أكثر من تكبير ابن مسعود اتبعه ما لم يكبر أكثر مما جاء به الآثار ; لأنه مولى عليه فيلزمه العمل برأي الإمام وذلك إلى ستة عشر ، فإن زاد لا يلزمه متابعته ; لأنه مخطئ بيقين ، ولو سمع التكبيرات من المكبرين يأتي بالكل احتياطا ، وإن كثر لاحتمال الغلط من المكبرين ; ولهذا قيل ينوي بكل تكبيرة الافتتاح [ ص: 174 ] لاحتمال التقدم على الإمام في كل تكبيرة ا هـ .

                                                                                        ثم قال الأصل أن المنفرد يتبع رأي نفسه في التكبيرات والمقتدي يتبع رأي إمامه ، ومن أدرك الإمام راكعا في صلاة العيد فخشي أن يرفع رأسه يركع ويكبر في ركوعه عندهما خلافا لأبي يوسف ، ولو أدركه في القيام فلم يكبر حتى ركع لا يكبر في الركوع على الصحيح كما لو ركع الإمام قبل أن يكبر فإن الإمام لا يكبر في الركوع ، ولا يعود إلى القيام ليكبر في ظاهر الرواية ، ومن فاتته أول الصلاة مع الإمام يكبر في الحال ويكبر برأي نفسه .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله ففعله امتثالا لأمره ) ; لأن طاعة الإمام فيما ليس بمعصية واجبة وهذا ليس بمعصية ; لأنه قول بعض الصحابة كذا في المعراج وقال في شرح المنية والذي ذكروا من عمل العامة بقول ابن عباس لأمر بينه الخلفاء بذلك كان في زمنهم أما في زماننا فقد زال إذ لا خليفة الآن والذي يكون بمصر فهو خليفة اسما لا معنى لانتفاء بعض شروط الخلافة فيه على ما لا يخفى على من له أدنى علم بشروطها ، فالعمل الآن بما هو المذهب عندنا لكن حيث لا يقع الالتباس على الناس . ا هـ .

                                                                                        أقول : يؤخذ من هذا أن أمر الخليفة بشيء لا يبقى حكمه بعد موته أو عزله إذ لو بقي العمل بأمره واجبا لوجب علينا إلى اليوم العمل بما أمر به هارون أبا يوسف وبه يعلم حكم أوامر سلاطين بني عثمان فتدبر ( قوله ; ولهذا قيل ينوي بكل تكبيرة الافتتاح إلخ ) أقول : ظاهره أنه ينوي بما زاد على الستة عشر ; لأنه الذي ظهر به احتمال الغلط ولعل وجهه أنه لما زاد على المأثور احتمل خطأ المكبرين بأنهم زادوا تكبيرة مثلا واحتمل أن تكون هذه الزائدة هي تكبيرة الافتتاح تقدموا بها على الإمام فلم يصح الشروع فلذا ينوي بما زاده الافتتاح [ ص: 174 ] ( قوله كما لو ركع الإمام إلخ ) هذا مخالف لما ذكره في باب الوتر ، والنوافل من أنه يكبر في الركوع وذكر هناك الفرق بينه وبين القنوت إذا تذكره في الركوع حيث لا يعود إليه ; لأن القنوت لم يشرع إلا في محض القيام ، ومخالف لما في شرح المنية من أنه يعود إلى القيام ويكبر وتكلف للفرق بينه وبين القنوت فإنه على هذا القول يشكل أكثر منه على الأول ، وأما على ما هنا فلا فرق بينهما ، فلا إشكال أصلا ، وما هنا صرح بمثله ابن أمير حاج في شرح المنية حيث قال : وإن تذكر في الركوع ففي ظاهر الرواية لا يكبر ويمضي على صلاته ، وعلى ما ذكره الكرخي ومشى عليه صاحب البدائع ، وهو رواية النوادر يعود إلى القيام ويكبر ويعيد الركوع ، ولا يعيد في الفصلين القراءة ا هـ .




                                                                                        الخدمات العلمية