الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                صفحة جزء
                                الحديث الأول :

                                603 629 - ثنا مسلم بن إبراهيم : ثنا شعبة ، عن المهاجر أبي الحسن ، عن زيد بن وهب ، عن أبي ذر ، قال : كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر ، فأراد المؤذن أن يؤذن ، فقال له : ( أبرد ) . ثم أراد أن يؤذن ، فقال له : ( أبرد ) . ثم أراد أن يؤذن ، فقال له : ( أبرد ) ، حتى ساوى الظل التلول ،فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( إن شدة الحر من فيح جهنم ) .

                                التالي السابق


                                هذا الحديث قد خرجه البخاري فيما سبق في ( أبواب : وقت صلاة الظهر ) .

                                ومقصوده منه هاهنا : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يؤذن له في السفر .

                                وقد تقدم الكلام على الإبراد ، وهل كان بالأذان أو بالإقامة .

                                وقوله في هذه الرواية : ( حتى ساوى الظل التلول ) ظاهره أنه أخر صلاة الظهر يومئذ إلى أن صار ظل كل شيء مثله ، وهو آخر وقتها .

                                وهذا يحتمل أمرين : [ ص: 541 ] أحدهما : أنه صلاها في آخر وقتها قبل دخول وقت العصر .

                                والثاني : أنه أخرها إلى دخول وقت العصر وجمع بينهما في وقت العصر .

                                فإن كان قد أخرها إلى وقت العصر استدل بالحديث حينئذ على أن تأخير الصلاة الأولى من المجموعتين إلى وقت الثانية للجمع في السفر لا يحتاج إلى نية الجمع ؛ لأنهم كانوا يؤذنونه بالصلاة في وقتها ، وهو يأمر بالتأخير ، وهم لا يعلمون أنه يريد جمعها مع الثانية في وقتها ، ولا أعلمهم بذلك .

                                ولكن الأظهر هو الأول ، ولا يلزم من مصير ظل التلول مثلها أن يكون قد خرج وقت الظهر ؛ فإن وقت الظهر إنما يخرج إذا صار ظل الشيء مثله بعد الزوال .

                                وقد خرجه البخاري فيما تقدم من وجهين عن شعبة ، وفيهما : ( حتى رأينا فيء التلول ) .

                                ويدل على هذا : أنه إنما أمره بالإبراد ، لا بالجمع .



                                الخدمات العلمية