الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        2682 - حدثنا علي بن معبد ، قال : ثنا عبد الوهاب بن عطاء ، قال : أنا سعيد ، عن قتادة ، عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من نسي صلاة أو نام عنها ، فإن كفارتها أن يصليها إذا ذكرها .

                                                        فلما قال : لا كفارة لها إلا ذلك استحال أن يكون عليه مع ذلك غيره لأنه لو كان عليه مع ذلك غيره إذا لما كان ذلك كفارة لها .

                                                        وقد روى الحسن عن عمران بن حصين في حديث النوم عن الصلاة حتى طلعت الشمس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاها بهم .

                                                        قال : فقلنا يا رسول الله ألا نقضيها لوقتها من الغد ؟ . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أينهاكم الله عن الربا ويقبله منكم ؟ وقد ذكرنا ذلك بإسناده في غير هذا الموضع من هذا الكتاب .

                                                        فلما سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فأجابهم بما ذكرنا ، استحال أن يكونوا عرفوا أن يقضوها من الغد إلا بمعاينتهم [ ص: 467 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك فيما تقدم ، أو أمرهم به أمرا دل ذلك على نسخ ما روى ذو مخمر وسمرة ، وأن هذا كان متأخرا عنه ، فهو أولى منه ، لأنه ناسخ له . فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار . وأما من طريق النظر فإنا رأينا الله عز وجل أوجب الصلاة لمواقيتها ، وأوجب الصيام لميقاته في شهر رمضان ثم جعل على من لم يصم شهر رمضان عدة من أيام أخر ، فجعل قضاءه في خلافه من الشهور ، ولم يجعل مع قضائه بعدد أيامه قضاء مثلها فيما بعد ذلك .

                                                        فالنظر على ما ذكرنا ، أن يكون كذلك الصلاة إذا نسيت ، أو فاتت ، أن يكون قضاؤها يجب فيما بعدها ، وإن لم يكن دخل وقت مثلها . ولا يجب مع قضائها مرة قضاؤها ثانية قياسا ونظرا على ما ذكرنا من الصيام الذي وصفنا . وهذا قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد ، رحمهم الله تعالى . وقد روي ذلك عن جماعة من المتقدمين .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية