الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        [ ص: 134 ] 3621 - حدثنا الحسين بن الحكم الحبري الكوفي ، قال : ثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل ، قال : ثنا زهير بن معاوية ، قال : ثنا أبو الزبير ، عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من لم يجد النعلين فليلبس الخفين ، ومن لم يجد إزارا فليلبس سراويلا .

                                                        قال أبو جعفر : فذهب إلى هذه الآثار قوم فقالوا : من لم يجد إزارا وهو محرم لبس سراويلا ، ولا شيء عليه ، ومن لم يجد نعلين لبس خفين ، ولا شيء عليه .

                                                        وخالفهم في ذلك آخرون ، فقالوا : أما ما ذكرتموه من لبس المحرم الخف والسراويل على الضرورة ، فنحن نقول بذلك ، ونبيح له لبسه للضرورة التي هي به .

                                                        ولكنا نوجب عليه - مع ذلك - الكفارة ، وليس فيما رويتموه نفي لوجوب الكفارة ، ولا فيه ولا في قولنا خلاف لشيء من ذلك .

                                                        لأنا لم نقل : لا يلبس الخفين إذا لم يجد نعلين ، ولا السراويل إذا لم يجد إزارا .

                                                        ولو قلنا ذلك كنا مخالفين لهذا الحديث ، ولكنا قد أبحنا له اللباس كما أباح له النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم أوجبنا عليه مع ذلك الكفارة بالدلائل القائمة الموجبة لذلك .

                                                        وقد يحتمل أيضا قوله صلى الله عليه وسلم : من لم يجد نعلين فليلبس خفين على أن يقطعهما من تحت الكعبين ، فيلبسهما كما يلبس النعلين .

                                                        وقوله : من لم يجد إزارا فيلبس سراويلا ، على أن يشق السراويل ، فيلبسه كما يلبس الإزار .

                                                        فإن كان هذا الحديث أريد به هذا المعنى فلسنا نخالف شيئا من ذلك ، ونحن نقول بذلك ونثبته .

                                                        وإنما وقع الخلاف بيننا وبينكم في التأويل لا في نفس الحديث ؛ لأنا قد صرفنا الحديث إلى وجه يحتمله ، فاعرفوا موضع خلاف التأويل من موضع خلاف الحديث ؛ فإنهما مختلفان ، ولا توجبوا على من خالف تأويلكم خلافا لذلك الحديث .

                                                        وقد بين عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم بعض ذلك .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية