الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          ذكر وصف حجة المصطفى صلى الله عليه وسلم

                                                                                                                          3943 - أخبرنا أبو يعلى قال : حدثنا العباس بن الوليد النرسي قال : حدثنا وهيب بن خالد قال : حدثنا جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله ، قال : أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعا بالمدينة ، لم يحج ، ثم أذن في الناس بالخروج ، فلما جاء ذا الحليفة صلى بذي الحليفة ، وولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر ، فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اغتسلي ، واستثفري بثوب وأهلي ، قال : ففعلت ، فلما اطمأن صدر راحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم على ظهر البيداء ، أهل وأهللنا ، لا نعرف إلا الحج ، وله خرجنا ، [ ص: 251 ] ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا ، والقرآن ينزل عليه ، وهو يعرف تأويله ، وإنما يفعل ما أمر به .

                                                                                                                          قال جابر : فنظرت بين يدي ، ومن خلفي ، وعن يميني ، وعن شمالي مد بصري ، والناس مشاة وركبان ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبي : لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك .

                                                                                                                          فلما قدمنا مكة ، بدأ ، فاستلم الركن ، ثم سعى ثلاثة أطواف ، ومشى أربعا ، فلما فرغ من طوافه ، انطلق إلى المقام ، فقال : قال الله : واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى . فصلى خلف مقام إبراهيم ركعتين ، ثم انطلق إلى الركن فاستلمه ، ثم انطلق إلى الصفا ، فقال : نبدأ بما بدأ الله به : إن الصفا والمروة من شعائر الله ، فرقي على الصفا حتى بدا له البيت ، فكبر ثلاثا ، وقال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، يحيي ويميت ، بيده الخير ، وهو على كل شيء قدير ، ثلاثا ، ثم دعا ، ثم هبط من الصفا ، فمشى حتى إذا تصوبت قدماه في بطن المسيل سعى حتى إذا صعدت قدماه من بطن المسيل ، مشى إلى المروة ، فرقي على المروة حتى بدا له البيت ، فقال مثل ما قال على الصفا ، فطاف سبعا ، وقال : من لم يكن معه هدي ، فليحل ، ومن كان معه هدي [ ص: 252 ] فليقم على إحرامه ، فإني لولا أن معي هديا لتحللت ، ولو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لأهللت بعمرة .

                                                                                                                          قال : وقدم علي من اليمن ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : بأي شيء أهللت يا علي ؟ قال : قلت : اللهم إني أهل بما أهل به رسولك ، قال : فإن معي هديا ، فلا تحل ، قال علي : فدخلت على فاطمة وقد اكتحلت ، ولبست ثياب صبغ ، فقلت : من أمرك بهذا ؟ فقالت لي : أمرني أبي صلى الله عليه وسلم ، قال : فكان علي يقول بالعراق : فانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم محرشا على فاطمة مستثبتا في الذي قالت ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صدقت ، أنا أمرتها ، قال : ونحر رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة بدنة من ذلك بيده ثلاثا وستين ، ونحر علي ما غبر ، ثم أخذ من كل بدنة قطعة فطبخ جميعا ، فأكلا من اللحم ، وشربا من المرق ، فقال سراقة بن مالك بن جعشم : ألعامنا هذا أم للأبد ؟ قال : لا ، بل للأبد ، دخلت العمرة في الحج ، وشبك بين أصابعه
                                                                                                                          .

                                                                                                                          قال أبو حاتم رضي الله عنه : العلة في نحر المصطفى صلى الله عليه وسلم ثلاثا وستين بدنة بيده دون ما وراء هذا العدد أن له في ذلك اليوم كانت ثلاثا وستين سنة ، ونحر لكل سنة من سنيه بدنة بيده ، وأمر عليا بالباقي ، فنحرها .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          الخدمات العلمية