الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
[ ص: 171 ] في nindex.php?page=treesubj&link=23988_17808_17833_17826_17843_17840_17811_17802_17800الأعذار المسقطة للتكليف السفر
فمنها : السفر مسقط لشطر الصلاة الرباعية ومسوغ لإخراجها عن وقتها ، إذ جوز له الشرع التأخير بنسبة الجمع ترخيصا ، ثم منه ما ثبت لمطلق السفر وإن قصر . وعدها الغزالي أربعة : النفل لغير القبلة ، وترك الجمعة ، والتيمم ، وأكل الميتة ، وقد ينازع في هذين فإنهما لا يختصان بالسفر .
ومنه ما يختص بالطويل . وهي أربعة : القصر ، والفطر ، والجمع ، والمسح على الخف ثلاثة أيام .
الاضطرار
ومنها : الاضطرار لاستبقاء المهجة ، رخص له الشرع بتناول الميتة بل أوجبه ، لأنها إنما حرمت لأن تناولها يخل بمكارم الأخلاق ، وذلك لا يقاوم استبقاء المهجة . الجهل
ومنها : الجهل ، ولهذا nindex.php?page=treesubj&link=27988_10351_28213_20742لم يجب الحد على من جهل تحريم الزنا والخمر إذا كان ممن يخفى عليه ، nindex.php?page=treesubj&link=27988_1588_20742ولا تبطل الصلاة بجهله تحريم الكلام ، ولا تبطل [ ص: 172 ] فورية الخيار بجهله ثبوته ، ولا يكفر nindex.php?page=treesubj&link=20742_21684منكر حكم الإجماع الخفي nindex.php?page=treesubj&link=20742_21684كتوريث بنت الابن مع البنت ، السدس .
وفي " تعليق " nindex.php?page=showalam&ids=14958القاضي الحسين في الكلام على خيط الخياط كل nindex.php?page=treesubj&link=27989_20742مسألة تدق وتغمض معرفتها هل يعذر فيها العامي ؟ على وجهين . وشرط nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في تعصيته nindex.php?page=treesubj&link=20742البيع على بيع أخيه العلم بالنهي وعذره بالجهل ، وكذا في النجش كما نقله nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . خلافا للرافعي في قوله : إنه لم يشرطه .
والصواب : أن ذلك شرط في جميع المناهي ، وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=15395النسائي { nindex.php?page=hadith&LINKID=62356آكل الربا وموكله وكاتبه إذا علموا بذلك ملعونون على لسان محمد يوم القيامة } . [ الخطأ ]
ومنها : الخطأ بأن يصدر منه الفعل بغير قصد ، ولهذا لا يجب فيه القصاص لكن حكى nindex.php?page=showalam&ids=11976الشيخ أبو حامد الإجماع على أنه حرام ، وأن لا إثم فيه . حكاه عنه صاحب " البيان " في كفارة القتل . وينبغي أن يكون على الخلاف في وطء الشبهة ونحوه حتى لا يوصف لا بحل ولا حرمة على الأصح .
[ ص: 173 ] الحيض ]
ومنها : nindex.php?page=treesubj&link=25833_2363الحيض مسقط للصلاة وكذا الصوم على الأصح المنصوص ، وإنما وجب قضاؤه بأمر جديد . [ المرض ]
ومنها : المرض مسقط للقيام في الفرض ومسوغ لإخراج الصوم عن وقته ، ويلتحق به دائم الحدث كالمستحاضة ، nindex.php?page=treesubj&link=672والسلس مسقط لحكم الطهارتين في الصلاة . [ الرق ]
ومنها : nindex.php?page=treesubj&link=921الرق يسقط الجمعة ، وكذلك الجماعة فلا تجب عليه قطعا .
[ الإكراه ]
ومنها : الإكراه المبيح له التلفظ بكلمة الكفر ، ولا خلاف في وجوب الاستسلام عند الإكراه على القتل والزنا .
وفي " المبسوط " للحنفية الإكراه أثره عند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في إلغاء عبارته كتأثير الصبا والجنون . وعندنا تأثيره في سلب الرضا ، لا في إهدار عبارته ، حتى كأن متصرفاته منعقدة ، ولكن ما يعتمد لزومه الرضا كالبيع والشراء ونحوهما لا يلزم ، وما لا يعتمد الرضا يلزم كالنكاح ، والطلاق ، والعتاق . [ ص: 174 ]
قال السرخسي : قد استكثر nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد - رحمه الله - الاستدلال بالآثار في أول كتاب الإكراه ، وهذا لا يزيل الخطاب حتى يتنوع أفعاله إلى مباح وواجب وحرام . فالواجب شرب الخمر وأكل الميتة وتارة قتل النفس والزنا ، وذلك لا يكون إلا باعتبار الخطاب .
قال إلكيا الطبري : وجملة nindex.php?page=treesubj&link=20728حقوق الله تعالى على الإنسان النظر أولا ، ثم المعرفة ثانيا ، ثم العبادات . nindex.php?page=showalam&ids=13790فالشافعي يقول : nindex.php?page=treesubj&link=20740_20739العبادات البدنية ساقطة عن الصبي دون العبادات المالية ، والعبادات المالية إذا أخذت من ماله ، فلا نقول : يستحق بها ثواب من يمتحن بتنقيص الملك ، ومراغم الشيطان الذي يعد الفقر ، ولكن يؤخذ من ماله نظرا للفقراء لا نظرا للصبي المؤدي . وهذا معنى قولنا : إنما تؤخذ منه باعتبار المواساة لا باعتبار العبادة . فعلى هذا ليس على الصبي عبادة مالية ولا بدنية ، وإنما المأخوذ من ماله نفقة أخوة الدين .
ثم لا يلزم قضاء العبادات بعد البلوغ ، لعلم الشرع بأن ذلك يجر حرجا عظيما من حيث إن الصبي عام في أصل الفطرة ، وقد صح قطعا مدة مديدة . والجنون عند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي يسقط القضاء مع أنه لا يقطع بدوامه ، ولا أنه عام فليس ملتحقا بالصبي مع الفرق القاطع . ولكن لأن أصله مسقط للقضاء ومقاديره ملحقة بأصله . nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة يلحق تفاصيله بأصل آخر : وهو الإغماء ، ونظر nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أولى . ويتصل بذلك أن عقله وتمييزه يقتضي تصحيح عبارته إلا أن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي يقول : فسدت عبارته فيما صار بولي عليه فيها ، وأما ما لم يصر مولى عليه فيها ففاسد فيما يضره ، صحيح فيما ينفعه ، [ ص: 175 ] حتى لو قال : أنا جائع يسمع منه ويطعم nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة فصل فقال : nindex.php?page=treesubj&link=20706_20734والأعذار المسقطة للوجوب بعد البلوغ تسعة : جنون ونوم وإغماء ونسيان وخطأ وإكراه وجهل بأسباب الوجوب وحيض ورق .
فالجنون رآه nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة شبيها بالصبي في عدم العقل بالجنون من أصله ، والصبي في كماله ، وألحقه به من وجه دون وجه ، والصبا يمنع وجوب حقوق الله كلها ماليها وبدنيها ، وعندنا لا يمنع وجوب الحقوق المالية .
والسفه لا يؤثر في العبادات إجماعا وفي الطلاق والإقرار بالدم ، ويؤثر في التصرفات عند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي خلافا nindex.php?page=showalam&ids=11990لأبي حنيفة .
والنوم والإغماء يمنعان استكمال العقل ، فلم نعتبر النوم لشيء من الأعذار المسقطة للعبادة ، وفي العبادة كلام .
والسكر وإن شابه الإغماء في الصورة ولكنه لما كان مقصودا للعقلاء صار السكران كالصاحي وما يقتضي النسيان والإكراه والرق عذر يستقصى في الفقه .
والكفر ليس مسقطا للخطاب عندنا ولكن الشرع رخص مع وجود سبب الوجوب بإسقاط القضاء بعد الإسلام ورخص بإسقاط ضمان المتلفات ، ورخص تصحيح أنكحتهم ومعاملتهم كثيرا مما يخالف وضع الشرع ترغيبا لهم في الإسلام . وكل ذلك مستقصى في الفقه . فهذا مجموع الأعذار المسقطة مع وجود السبب الموجب إلا أن الشرع رجح سببا على سبب من [ ص: 176 ] غير أن يظهر عند تفاوت مراتب الأدلة في بعضها . [ الصبا ]
واعلم أن الصبا ، إنما ينتصب عذرا في العبادات التي تقرر وجوبها بالشرع ، ومن قال : إن وجوب الإسلام بالعقل فلا يتصور أن يقدر الصبا عذرا أصلا ، ويقول : يجب على الله أن يعاقبه وهو قول باطل ، وبنى عليه الحنفية صحة إسلامه على معنى تعلق الأحكام به لترتبها على الإسلام المرفوع ، وأبطله nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، لأنه لم يظهر انطواء ضميره ، أو يقول : لا يحتمل الإسلام إلا فرضا ، ولا يمكن تقديره فرضا فخرج لذلك عن كونه مشروعا .