الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
359 [ ص: 498 ] (باب من ترك مواضع الوضوء شيئا غسله وأعاد الوضوء)
وترجمه النووي بقوله: (باب وجوب استيعاب جميع أجزاء محل الطهارة).
(حديث الباب)
وهو بصحيح nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم \ النووي ص 131 - 132 ج3 المطبعة المصرية
[حدثني سلمة بن شبيب حدثنا الحسن بن محمد بن أعين حدثنا معقل ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير ، عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر أخبرني nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب nindex.php?page=hadith&LINKID=657367أن رجلا توضأ فترك موضع ظفر على قدمه، فأبصره النبي صلى الله عليه وسلم، فقال nindex.php?page=treesubj&link=28328_22630_9_30499_237ارجع فأحسن وضوءك، فرجع ثم صلى .
(عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر رضي الله عنه، قال: أخبرني nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب) رضي الله عنه: (أن رجلا توضأ، فترك موضع ظفر على قدمه) فيه لغتان: أجودهما "ضم الظاء والفاء" وبه جاء الكتاب العزيز، ويجوز إسكان الفاء" على هذا.
ويقال: بكسر الظاء وإسكان الفاء، وبكسرهما، وجمعه "أظفار" وجمع الجمع "أظافير". ويقال في الواحد أيضا: أظفور.
"فأبصره النبي صلى الله عليه وسلم"، فقال: "ارجع فأحسن وضوءك"، فرجع ثم صلى".
[ ص: 499 ] "فيه" أن nindex.php?page=treesubj&link=26768من ترك جزءا يسيرا مما يجب تطهيره لا تصح طهارته، وهذا متفق عليه.
واختلفوا في nindex.php?page=treesubj&link=325المتيمم يترك بعض وجهه؛ فمذهب الجمهور أنه لا يصح كما لا يصح وضوؤه.
"وفيه" دليل على أن nindex.php?page=treesubj&link=26768من ترك شيئا من أعضاء طهارته جاهلا، لم تصح طهارته.
واستدل به nindex.php?page=showalam&ids=14961عياض وغيره، على وجوب nindex.php?page=treesubj&link=75_61الموالاة في الوضوء. لقوله "أحسن وضوءك" ولم يقل: اغسل الموضع الذي تركته.
قال النووي: وهذا الاستدلال ضعيف أو باطل. فإن قوله "أحسن وضوءك" محتمل للتتميم، والاستئناف. وليس حمله على أحدهما أولى من الآخر، والله أعلم.
وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=13ابن عمرو عند nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم: (قال: nindex.php?page=hadith&LINKID=657362رجعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة. حتى إذا كنا بماء بالطريق تعجل قوم عند العصر فتوضأوا وهم عجال، فانتهينا إليهم، وأعقابهم تلوح، لم يمسها الماء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ويل للأعقاب من النار"، أسبغوا الوضوء).
"عجال"، بكسر العين. جمع "عجلان"، وهو المستعجل".
وفي رواية أخرى عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=hadith&LINKID=657365 (أسبغوا الوضوء، فإني سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول: "ويل للعراقيب من النار" ).
[ ص: 500 ] ومفرد "العراقيب": "عرقوب" بضم العين. وهو العقبة التي فوق "العقب".
وفي رواية عن nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو nindex.php?page=hadith&LINKID=657363عنده:( تخلف عنا النبي صلى الله عليه وسلم في سفر سافرناه، فأدركنا، وقد حضرت صلاة العصر، فجعلنا نمسح على أرجلنا فنادى: "ويل للأعقاب من النار" ).
وفي رواية nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عند nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أيضا: nindex.php?page=hadith&LINKID=657364أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا لم يغسل عقبيه، فقال: "ويل للأعقاب من النار".
ومعنى "ويل": هلكة، وخيبة.
وهذه الأحاديث رادة على من يرى nindex.php?page=treesubj&link=57المسح على الرجلين. واستدلوا به على وجوب "غسلهما"، وأن المسح لا يجزي. وهو الحق. وإليه ذهب جمع "جم" من الفقهاء، وأهل الفتوى، في جميع الأعصار، والأمصار، والأقطار، وأنه لا يجب المسح مع الغسل، ولم يثبت خلاف هذا عن أحد يعتد به في الإجماع.
وقالت الشيعة: "الواجب مسحهما".
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير، "والجبائي رأس المعتزلة": يتخير بين المسح والغسل.
وقال بعض أهل الظاهر: يجب الجمع بينهما.
[ ص: 501 ] وجميع من وصف وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواطن مختلفة، وعلى صفات متعددة، متفقون على غسل الرجلين. ولو كان المسح كافيا لما تواعد تاركه بالنار.
وقد أوضح النووي دلائل هذه المسألة من الكتاب والسنة وشواهدها. وجواب ما تعلق به المخالفون بأبسط العبارات المنقحات: في "شرح المهذب" بحيث لم تبق شبهة أصلا.
وكذا القاضي الشوكاني: "في شرح المنتقى" وغيره، من المؤلفات.