الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب فيمن نعس خلف الإمام أو غفل عنه حتى ركع أو سجد ومن سبق إمامه بالتكبير أو الركوع أو السجود أو السلام

                                                                                                                                                                                        واختلف فيمن نعس خلف الإمام وهو قائم أو غفل حتى ركع الإمام ورفع من الركوع، فقال مالك: إن كان ذلك في أول ركعة ألغاها ولم يعتد بها، وإن كان في الثانية أو الثالثة أو الرابعة أتى بالركوع ما لم يرفع الإمام من سجودها .

                                                                                                                                                                                        وأرى أنه إذا كان ذلك في الأولى لم يحصل له من الصلاة إلا الإحرام والقراءة، وليس ذلك بكبير عمل يبني عليه، فلا يأتي بالركوع; لأنه بمنزلة من يقضي، وهو في حكم الإمام.

                                                                                                                                                                                        وقال أيضا: يلغيها ولا يصلحها، وإن كان في الثانية أو فيما بعدها - ورأى أن ذلك كله قضاء وهو مع الإمام.

                                                                                                                                                                                        وقال أيضا: يأتي بالركوع وإن كان ذلك في أول ركعة .

                                                                                                                                                                                        وهو أحسن، ولا يكون قاضيا; لأن القاضي من يأتي بما سبقه به الإمام قبل أن يدخل معه، وهذا كان مدركا لتلك الركعة ومخاطبا بأن يصليها مع [ ص: 291 ] الإمام، فعليه أن يأتي بها حينئذ.

                                                                                                                                                                                        واختلف بعد القول أن له أن يتمها في الموضع الذي يكون له أن يأتي بالركوع فيه، فقيل: ذلك ما لم يرفع الإمام من سجودها ; فإنه إذا كان في سجودها فهو فيها لم يخرج منها بعد، وإذا دخل في الثانية صار مخاطبا بها.

                                                                                                                                                                                        وقال مالك: يأتي بالركوع ما لم يركع الإمام التي تليها . وقال أيضا: ما لم يرفع من ركوعها. وأرى أن يصلحها ما لم يركع التي تليها; لأنهم لم يختلفوا أنه إذا ركع وغفل عن السجود أن له أن يأتي به.

                                                                                                                                                                                        وإن دخل الإمام في التي تليها فليفعل ما لم يركع أو يرفع من الركوع، على القول الآخر; لأن القراءة يحملها الإمام، فلو أدرك رجل الإمام وهو راكع فركع معه لاحتسب بها، وإذا كان ذلك جاز لهذا أن يكون حينئذ في إصلاح الأولى، فإن لم يفعل حتى ركع الإمام ألغى الأولى وركع معه; لأن الركوع ليس مما يحمله الإمام عنه، ولا يوسع له الإصلاح في حال ركوع الإمام وإن لم يرفع منه; لأن معظم الركعة حال الركوع وهو الفرض بغير خلاف.

                                                                                                                                                                                        واختلف في الرفع منه هل هو فرض أم لا؟ واختلف في المزاحم فقال ابن القاسم: إذا لم يستطع أن يركع مع الإمام فإنه يلغي تلك الركعة، سواء كانت الأولى أو غيرها. قال: والناعس والغافل سواء وليسا كالمزاحم، ويستوي المزاحم والناعس والغافل في أول ركعة . وقال عبد الملك في كتاب محمد: [ ص: 292 ]

                                                                                                                                                                                        المزاحم والناعس والغافل سواء .

                                                                                                                                                                                        قال: والمزاحم أعذر لأنه مغلوب، وإذا عقد ركعة كان له اتباع الإمام، وإن رفع رأسه من السجدتين ما لم يرفع رأسه من الركعة التي تليها .

                                                                                                                                                                                        وعلى أحد أقوال مالك يكون للمزاحم أن يتبعه في الأولى ما لم يركع الثانية; لأنه أعذر.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية