الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        واختلف في خروج الدم أو الدود من المخرجين، فقال مالك في " المدونة" في الدود : إنه لا ينقض الوضوء . وقال ابن نافع : إلا أن يخرج بأذى .

                                                                                                                                                                                        وقال مالك في " المجموعة" مثل ذلك في الدم: لا وضوء عليه .

                                                                                                                                                                                        وقال ابن القاسم في الحصاة تخرج من الإحليل: لا وضوء عليه . إلا أن يخرج بإثر ذلك بول.

                                                                                                                                                                                        وقال محمد بن عبد الحكم فيمن خرج من دبره دم صاف أو دود نقي: فيه الوضوء . فأوجب الوضوء من الدود لأنه كالميتة في حكم النجس، ولأنها تخرج ببلة، وكذلك الحصاة تخرج ببلة أيضا.

                                                                                                                                                                                        واختلف في المستحاضة فقال مالك: لا وضوء عليها. وقال أيضا: أحب [ ص: 85 ] إلي أن تتوضأ لكل صلاة .

                                                                                                                                                                                        وقال في كتاب محمد: إذا جمعت الصلاتين بوضوء واحد تعيد الآخرة في الوقت .

                                                                                                                                                                                        والقول بوجوب الوضوء أحسن، لحديث فاطمة بنت أبي حبيش - رضي الله عنها -: كانت تستحاض فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: " إنما ذلك عرق وليس بالحيضة" ، ثم أمرها أن تتوضأ لكل صلاة. ذكره الترمذي .

                                                                                                                                                                                        وهو حديث صحيح فيه فائدتان:

                                                                                                                                                                                        إحداهما: أن الدم إذا خرج من الذكر أو الدبر ينقض الطهارة; لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر أنه عرق وليس بحيضة ، وأوجب منه الوضوء ولم يوجب منه الغسل، وإذا لم يكن حيض فلا فرق بين خروج ذلك من فرجها أو من دبرها، أو من مثل ذلك من الرجل.

                                                                                                                                                                                        والأخرى: أن تكرر ما ينقض الطهارة لا يوجب بقاء الإنسان على طهارته; لأن الاستحاضة مما تتكرر. [ ص: 86 ]

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية