الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              قوله تعالى : { واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء قدير } .

                                                                                                                                                                                                              فيها ثلاث عشرة مسألة :

                                                                                                                                                                                                              المسألة الأولى : قوله : { واعلموا أنما غنمتم } قد بينا القول في الغنيمة والفيء .

                                                                                                                                                                                                              فأما الأحكاميون ، فقالوا : إن الغنيمة من الأموال المنقولة ، والفيء : الأرضون ; قاله مجاهد .

                                                                                                                                                                                                              وقيل : إن الغنيمة ما أخذ عنوة .

                                                                                                                                                                                                              والفيء ما أخذ على صلح ; قاله الشافعي .

                                                                                                                                                                                                              وقيل : إن الفيء والغنيمة بمعنى واحد .

                                                                                                                                                                                                              وأما قول مجاهد فصار إليه ; لأن الله ذكر الفيء في القرى ، وذكر الغنيمة مطلقا ، ففصل الفرق هكذا .

                                                                                                                                                                                                              وأما قول الشافعي فبناه على العرف ، وأن الغنيمة تنطلق في العرف على الأموال القهرية ، وينطلق الفيء عرفا على ما أخذ من غير قهر .

                                                                                                                                                                                                              وليس الأمر كذلك ، بل الفيء عبارة عن كل ما صار للمسلمين من الأموال بقهر وبغير قهر .

                                                                                                                                                                                                              [ ص: 401 ] وحقيقته أن الله خلق الخلق ليعبدوه ، وجعل الأموال لهم ليستعينوا بها على ما يرضيه ، وربما صارت في أيدي أهل الباطل ، فإذا صارت في أيدي أهل الحق فقد صرفها عن طريق الإرادة إلى طريق الأمر والعبادة .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية