الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            1183 - ( وعن حفصة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { رواح الجمعة واجب على كل محتلم } رواه النسائي ) .

                                                                                                                                            [ ص: 270 ] ( وعن طارق بن شهاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { : الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة : عبد مملوك ، أو امرأة ، أو صبي ، أو مريض } رواه أبو داود ، وقال : طارق بن شهاب قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه شيئا ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الحديث الأول رجال إسناده رجال الصحيح إلا عياش بن عياش وقد وثقه العجلي . والحديث الآخر أخرجه أيضا الحاكم من حديث طارق هذا عن أبي موسى ، قال الحافظ : وصححه غير واحد . وقال الخطابي : ليس إسناد هذا الحديث بذاك ، وطارق بن شهاب لا يصح له سماع من النبي صلى الله عليه وسلم ، إلا أنه قد لقي النبي . قال العراقي : فإذا قد ثبتت صحته ، فالحديث صحيح ، وغايته أن يكون مرسل صحابي وهو حجة عند الجمهور ، إنما خالف فيه أبو إسحاق الإسفراييني ، بل ادعى بعض الحنفية الإجماع على أن مرسل الصحابي حجة ا هـ على أنه قد اندفع الإعلال بالإرسال بما في رواية الحاكم من ذكر أبي موسى . وقد شد من عضد هذا الحديث حديث حفصة المذكور في الباب . ويؤيده أيضا ما أخرجه الدارقطني والبيهقي من حديث جابر بلفظ : { من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعة ، إلا امرأة أو مسافرا أو عبدا أو مريضا } وفي إسناده ابن لهيعة ومعاذ بن محمد الأنصاري وهما ضعيفان وفي الباب عن تميم الداري عند العقيلي والحاكم أبي أحمد وفيه أربعة ضعفاء على الولاء قاله ابن القطان . وعن ابن عمر عند الطبراني في الأوسط . وعن مولى لآل الزبير عند البيهقي . وعن أبي هريرة ذكره الحافظ في التلخيص وذكره صاحب مجمع الزوائد ، وقال : فيه إبراهيم بن حماد ضعفه الدارقطني وعن أم عطية بلفظ { نهينا عن اتباع الجنائز ولا جمعة علينا } أخرجه ابن خزيمة . وقد استدل بحديثي الباب على أن الجمعة من فرائض الأعيان ، وقد تقدم الكلام على ذلك . قوله : ( عبد مملوك ) فيه أن الجمعة غير واجبة على العبد . وقال داود : إنها واجبة عليه لدخوله تحت عموم الخطاب .

                                                                                                                                            قوله : ( أو امرأة ) فيه عدم وجوب الجمعة على النساء ، أما غير العجائز فلا خلاف في ذلك . وأما العجائز فقال الشافعي : يستحب لهن حضورها . قوله : ( أو صبي ) فيه أن الجمعة غير واجبة على الصبيان وهو مجمع عليه . قوله : ( أو مريض ) فيه أن المريض لا تجب عليه الجمعة إذا كان الحضور يجلب عليه مشقة . وقد ألحق به الإمام يحيى وأبو حنيفة : الأعمى وإن وجد قائدا لما في ذلك من المشقة .

                                                                                                                                            وقال الشافعي : إنه غير معذور عن الحضور إن وجد قائدا . وظاهر حديث أبي هريرة وابن أم مكتوم [ ص: 271 ] المتقدمين في شرح الحديث الذي في أول هذا الباب أنه غير معذور مع سماعه للنداء وإن لم يجد قائدا لعدم الفرق بين الجمعة وغيرها من الصلوات . وقد تقدم الكلام على الحديثين في أول أبواب الجماعة .

                                                                                                                                            واختلف في المسافر هل تجب عليه الجمعة إذا كان نازلا أم لا ؟ فقال الفقهاء وزيد بن علي والناصر والباقر والإمام يحيى : إنها لا تجب عليه ولو كان نازلا وقت إقامتها . واستدلوا بما تقدم في حديث جابر من استثناء المسافر ، وكذا استثناء المسافر في حديث أبي هريرة الذي أشرنا إليه . وقال الهادي والقاسم وأبو العباس والزهري والنخعي : إنها تجب على المسافر إذا كان نازلا وقت إقامتها ، لا إذا كان سائرا .

                                                                                                                                            ومحل الخلاف هل يطلق اسم المسافر على من كان نازلا أو يختص بالسائر ، وقد تقدم الكلام على ذلك في أبواب صلاة السفر .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية