القول في تأويل قوله تعالى : (
nindex.php?page=treesubj&link=28987nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=26قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب [ ص: 192 ] من حيث لا يشعرون ( 26 ) )
يقول تعالى ذكره : قد مكر الذين من قبل هؤلاء المشركين الذين يصدون عن سبيل الله ، من أراد اتباع دين الله ، فراموا مغالبة الله ببناء بنوه ، يريدون بزعمهم الارتفاع إلى السماء لحرب من فيها ، وكان الذي رام ذلك فيما ذكر لنا جبار من جبابرة
النبط ، فقال بعضهم : هو
نمرود بن كنعان ، وقال بعضهم : هو
بختنصر ، وقد ذكرت بعض أخبارهما في سورة إبراهيم . وقيل : إن الذي ذكر في هذا الموضع هو الذي ذكره الله في سورة إبراهيم .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
موسى بن هارون ، قال : ثنا
عمرو ، قال : ثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، قال : أمر الذي حاج
إبراهيم في ربه
بإبراهيم فأخرج ، يعني من مدينته ، قال : فلقي
لوطا على باب المدينة وهو ابن أخيه ، فدعاه فآمن به ، وقال : إني مهاجر إلى ربي ، وحلف
نمرود أن يطلب إله
إبراهيم ، فأخذ أربعة أفراخ من فراخ النسور ، فرباهن باللحم والخبز حتى كبرن وغلظن واستعلجن ، فربطهن في تابوت ، وقعد في ذلك التابوت ثم رفع لهن رجلا من لحم ، فطرن ، حتى إذا ذهبن في السماء أشرف ينظر إلى الأرض ، فرأى الجبال تدب كدبيب النمل ، ثم رفع لهن اللحم ، ثم نظر فرأى الأرض محيطا بها بحر كأنها فلكة في ماء ، ثم رفع طويلا فوقع في ظلمة ، فلم ير ما فوقه وما تحته ، ففزع ، فألقى اللحم ، فاتبعته منقضات ، فلما نظرت الجبال إليهن ، وقد أقبلن منقضات وسمعت حفيفهن ، فزعت الجبال ، وكادت أن تزول من أمكنتها ولم يفعلن وذلك قول الله تعالى (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=46وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال ) وهي في قراءة
ابن مسعود : "وإن كاد مكرهم" . فكان طيرورتهن به من
بيت المقدس ووقوعهن به في
جبل الدخان ، فلما رأى أنه لا يطيق شيئا أخذ في بنيان الصرح ، فبنى حتى إذا شيده إلى السماء ارتقى فوقه ينظر ، يزعم إلى إله
إبراهيم ، فأحدث ، ولم يكن يحدث وأخذ الله بنيانه من القواعد (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=26فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون ) يقول : من مأمنهم ، وأخذهم من أساس الصرح ، فتنقض بهم ، فسقط ، فتبلبلت ألسن
[ ص: 193 ] الناس يومئذ من الفزع ، فتكلموا بثلاثة وسبعين لسانا ، فلذلك سميت بابل ، وإنما كان لسان الناس من قبل ذلك بالسريانية .
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي . عن أبيه ، عن
ابن عباس ، قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=26قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد ) قال : هو
نمرود حين بنى الصرح .
حدثني
المثنى ، قال : أخبرنا
إسحاق ، قال : ثنا
عبد الرزاق ، عن
معمر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم : إن أول جبار كان في الأرض
نمرود ، فبعث الله عليه بعوضة فدخلت في منخره ، فمكث أربع مئة سنة يضرب رأسه بالمطارق ، أرحم الناس به من جمع يديه ، فضرب رأسه بهما ، وكان جبارا أربع مئة سنة ، فعذبه الله أربع مئة سنة كملكه ، ثم أماته الله ، وهو الذي كان بنى صرحا إلى السماء ، وهو الذي قال الله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=26فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم ) . وأما قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=26فأتى الله بنيانهم من القواعد ) فإن معناه : هدم الله بنيانهم من أصله ، والقواعد : جمع قاعدة ، وهي الأساس ، وكان بعضهم يقول : هذا مثل للاستئصال ، وإنما معناه : إن الله استأصلهم ، وقال : العرب تقول ذلك إذا استؤصل الشيء .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=26فخر عليهم السقف من فوقهم ) اختلف أهل التأويل في معنى ذلك ، فقال بعضهم : معناه : فخر عليهم السقف من فوقهم : أعالي بيوتهم من فوقهم .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=26قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد ) إي والله ، لأتاها أمر الله من أصلها (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=26فخر عليهم السقف من فوقهم ) والسقف : أعالي البيوت ، فائتفكت بهم بيوتهم فأهلكهم الله ودمرهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=26وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون )
حدثنا
محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا
محمد بن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=26فخر عليهم السقف من فوقهم ) قال : أتى الله بنيانهم من أصوله ، فخر عليهم السقف .
[ ص: 194 ] حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء وحدثني
المثنى ، قال : أخبرنا
أبو حذيفة ، قال : ثنا
شبل وحدثني
المثنى ، قال : أخبرنا
إسحاق ، قال : ثنا
عبد الله ، عن
ورقاء جميعا ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=26فأتى الله بنيانهم من القواعد ) قال : مكر
نمرود بن كنعان الذي حاج
إبراهيم في ربه .
حدثنا
القاسم ، قال : ثنا
الحسين ، قال : ثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
مجاهد ، مثله .
وقال آخرون : عنى بقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=26فخر عليهم السقف من فوقهم ) أن العذاب أتاهم من السماء .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس ، قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=26فخر عليهم السقف من فوقهم ) يقول : عذاب من السماء لما رأوه استسلموا وذلوا .
وأولى القولين بتأويل الآية ، قول من قال : معنى ذلك : تساقطت عليهم سقوف بيوتهم ، إذ أتى أصولها وقواعدها أمر الله ، فائتفكت بهم منازلهم لأن ذلك هو الكلام المعروف من قواعد البنيان ، وخر السقف ، وتوجيه معاني كلام الله إلى الأشهر الأعرف منها ، أولى من توجيهها إلى غير ذلك ما وجد إليه سبيل (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=26وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون ) يقول تعالى ذكره : وأتى هؤلاء الذين مكروا من قبل مشركي
قريش ، عذاب الله من حيث لا يدرون أنه أتاهم منه .
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=treesubj&link=28987nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=26قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ [ ص: 192 ] مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُون ( 26 ) )
يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ، مَنْ أَرَادَ اتِّبَاعَ دِينِ اللَّهِ ، فَرَامُوا مُغَالَبَةَ اللَّهِ بِبِنَاءٍ بَنَوْهُ ، يُرِيدُونَ بِزَعْمِهِمُ الِارْتِفَاعَ إِلَى السَّمَاءِ لِحَرْبِ مَنْ فِيهَا ، وَكَانَ الَّذِي رَامَ ذَلِكَ فِيمَا ذُكِرَ لَنَا جَبَّارٌ مِنْ جَبَابِرَةِ
النَّبَطِ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : هُوَ
نُمْرُودُ بْنُ كَنْعَانَ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : هُوَ
بُخْتَنَصَّرُ ، وَقَدْ ذَكَرْتُ بَعْضَ أَخْبَارِهِمَا فِي سُورَةِ إِبْرَاهِيمَ . وَقِيلَ : إِنَّ الَّذِي ذُكِرَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي سُورَةِ إِبْرَاهِيمَ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنِي
مُوسَى بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : ثَنَا
عَمْرٌو ، قَالَ : ثَنَا
أَسْبَاطٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ ، قَالَ : أَمَرَ الَّذِي حَاجَّ
إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ
بِإِبْرَاهِيمَ فَأُخْرِجَ ، يَعْنِي مِنْ مَدِينَتِهِ ، قَالَ : فَلَقِيَ
لُوطًا عَلَى بَابِ الْمَدِينَةِ وَهُوَ ابْنُ أَخِيهِ ، فَدَعَاهُ فَآمَنَ بِهِ ، وَقَالَ : إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي ، وَحَلَفَ
نُمْرُودُ أَنْ يَطْلُبَ إِلَهَ
إِبْرَاهِيمَ ، فَأَخَذَ أَرْبَعَةَ أَفْرَاخٍ مِنْ فِرَاخِ النُّسُورِ ، فَرَبَّاهُنَّ بِاللَّحْمِ وَالْخُبْزِ حَتَّى كَبِرْنَ وَغَلُظْنَ وَاسْتَعْلَجْنَ ، فَرَبَطَهُنَّ فِي تَابُوتٍ ، وَقَعَدَ فِي ذَلِكَ التَّابُوتِ ثُمَّ رَفَعَ لَهُنَّ رِجْلًا مِنْ لَحْمٍ ، فَطِرْنَ ، حَتَّى إِذَا ذَهَبْنَ فِي السَّمَاءِ أَشْرَفَ يَنْظُرُ إِلَى الْأَرْضِ ، فَرَأَى الْجِبَالَ تَدِبُّ كَدَبِيبِ النَّمْلِ ، ثُمَّ رَفَعَ لَهُنَّ اللَّحْمَ ، ثُمَّ نَظَرَ فَرَأَى الْأَرْضَ مُحِيطًا بِهَا بَحْرٌ كَأَنَّهَا فُلْكَةٌ فِي مَاءٍ ، ثُمَّ رَفَعَ طَوِيلًا فَوَقَعَ فِي ظُلْمَةٍ ، فَلَمْ يَرَ مَا فَوْقَهُ وَمَا تَحْتَهُ ، فَفَزِعَ ، فَأَلْقَى اللَّحْمَ ، فَاتَّبَعَتْهُ مُنْقَضَّاتٌ ، فَلَمَّا نَظَرَتِ الْجِبَالُ إِلَيْهِنَّ ، وَقَدْ أَقْبَلْنَ مُنْقَضَّاتٍ وَسَمِعَتْ حَفِيفَهُنَّ ، فَزِعَتِ الْجِبَالُ ، وَكَادَتْ أَنْ تَزُولَ مِنْ أَمْكِنَتِهَا وَلَمْ يَفْعَلْنَ وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=46وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ ) وَهِيَ فِي قِرَاءَةِ
ابْنِ مَسْعُودٍ : "وَإِنْ كَادَ مَكْرُهُمْ" . فَكَانَ طَيْرُورَتُهُنَّ بِهِ مِنْ
بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَوُقُوعُهُنَّ بِهِ فِي
جَبَلِ الدُّخَانِ ، فَلَمَّا رَأَى أَنَّهُ لَا يُطِيقُ شَيْئًا أَخَذَ فِي بُنْيَانِ الصَّرْحِ ، فَبَنَى حَتَّى إِذَا شَيَّدَهُ إِلَى السَّمَاءِ ارْتَقَى فَوْقَهُ يَنْظُرُ ، يَزْعُمُ إِلَى إِلَهِ
إِبْرَاهِيمَ ، فَأَحْدَثَ ، وَلَمْ يَكُنْ يُحْدِثُ وَأَخَذَ اللَّهُ بُنْيَانَهُ مِنَ الْقَوَاعِدِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=26فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ ) يَقُولُ : مِنْ مَأْمَنِهِمْ ، وَأَخَذَهُمْ مِنْ أَسَاسِ الصَّرْحِ ، فَتَنَقَّضَ بِهِمْ ، فَسَقَطَ ، فَتَبَلْبَلَتْ أَلْسُنُ
[ ص: 193 ] النَّاسِ يَوْمَئِذٍ مِنَ الْفَزَعِ ، فَتَكَلَّمُوا بِثَلَاثَةٍ وَسَبْعِينَ لِسَانًا ، فَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ بَابِلَ ، وَإِنَّمَا كَانَ لِسَانُ النَّاسِ مِنْ قَبْلِ ذَلِكَ بِالسُّرْيَانِيَّةِ .
حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ ، قَالَ : ثَنِي أَبِي ، قَالَ : ثَنِي عَمِّي ، قَالَ : ثَنِي أَبِي . عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=26قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ ) قَالَ : هُوَ
نُمْرُودٌ حِينَ بَنَى الصَّرْحَ .
حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى ، قَالَ : أَخْبَرَنَا
إِسْحَاقُ ، قَالَ : ثَنَا
عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنْ
مَعْمَرٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15944زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ : إِنَّ أَوَّلَ جَبَّارٍ كَانَ فِي الْأَرْضِ
نُمْرُودٌ ، فَبَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَعُوضَةً فَدَخَلَتْ فِي مَنْخَرِهِ ، فَمَكَثَ أَرْبَعَ مِئَةِ سَنَةٍ يُضْرَبُ رَأْسُهُ بِالْمَطَارِقِ ، أَرْحَمُ النَّاسِ بِهِ مَنْ جَمَعَ يَدَيْهِ ، فَضَرَبَ رَأْسَهُ بِهِمَا ، وَكَانَ جَبَّارًا أَرْبَعَ مِئَةِ سَنَةٍ ، فَعَذَّبَهُ اللَّهُ أَرْبَعَ مِئَةِ سَنَةٍ كَمُلْكِهِ ، ثُمَّ أَمَاتَهُ اللَّهُ ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ بَنَى صَرْحًا إِلَى السَّمَاءِ ، وَهُوَ الَّذِي قَالَ اللَّهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=26فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ ) . وَأَمَّا قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=26فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ ) فَإِنَّ مَعْنَاهُ : هَدَمَ اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنْ أَصْلِهِ ، وَالْقَوَاعِدُ : جَمْعُ قَاعِدَةٍ ، وَهِيَ الْأَسَاسُ ، وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ : هَذَا مَثَلٌ لِلِاسْتِئْصَالِ ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ : إِنَّ اللَّهَ اسْتَأْصَلَهُمْ ، وَقَالَ : الْعَرَبُ تَقُولُ ذَلِكَ إِذَا اسْتُؤْصِلَ الشَّيْءُ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=26فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ ) اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى ذَلِكَ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : مَعْنَاهُ : فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ : أَعَالِي بُيُوتِهِمْ مِنْ فَوْقِهِمْ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنَا
بِشْرٌ ، قَالَ : ثَنَا
يَزِيدُ ، قَالَ : ثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ ، قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=26قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ ) إِي وَاللَّهِ ، لَأَتَاهَا أَمْرُ اللَّهِ مِنْ أَصْلِهَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=26فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ ) وَالسَّقْفُ : أَعَالِي الْبُيُوتِ ، فَائْتَفَكَتْ بِهِمْ بُيُوتُهُمْ فَأَهْلَكَهُمُ اللَّهُ وَدَمَّرَهُمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=26وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ )
حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، قَالَ : ثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ ، عَنْ
مَعْمَرٍ ، عَنْ
قَتَادَةَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=26فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ ) قَالَ : أَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنْ أُصُولِهِ ، فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ .
[ ص: 194 ] حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، قَالَ : ثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ ، قَالَ : ثَنَا
عِيسَى وَحَدَّثَنِي
الْحَارِثُ ، قَالَ : ثَنَا
الْحَسَنُ ، قَالَ : ثَنَا
وَرْقَاءُ وَحَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى ، قَالَ : أَخْبَرَنَا
أَبُو حُذَيْفَةَ ، قَالَ : ثَنَا
شِبْلٌ وَحَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى ، قَالَ : أَخْبَرَنَا
إِسْحَاقُ ، قَالَ : ثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ ، عَنْ
وَرْقَاءَ جَمِيعًا ، عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=26فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ ) قَالَ : مَكَرَ
نُمْرُودُ بْنُ كَنْعَانَ الَّذِي حَاجَّ
إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ .
حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ ، قَالَ : ثَنَا
الْحُسَيْنُ ، قَالَ : ثَنِي
حَجَّاجٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، مِثْلَهُ .
وَقَالَ آخَرُونَ : عَنَى بِقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=26فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ ) أَنَّ الْعَذَابَ أَتَاهُمْ مِنَ السَّمَاءِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ ، قَالَ : ثَنِي أَبِي ، قَالَ : ثَنِي عَمِّي ، قَالَ : ثَنِي أَبِي ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=26فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ ) يَقُولُ : عَذَابٌ مِنَ السَّمَاءِ لَمَّا رَأَوْهُ اسْتَسْلَمُوا وَذَلُّوا .
وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ ، قَوْلُ مَنْ قَالَ : مَعْنَى ذَلِكَ : تَسَاقَطَتْ عَلَيْهِمْ سُقُوفُ بُيُوتِهِمْ ، إِذْ أَتَى أُصُولَهَا وَقَوَاعِدَهَا أَمْرُ اللَّهِ ، فَائْتَفَكَتْ بِهِمْ مَنَازِلُهُمْ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْكَلَامُ الْمَعْرُوفُ مِنْ قَوَاعِدِ الْبُنْيَانِ ، وَخَرَّ السَّقْفُ ، وَتَوْجِيهُ مَعَانِي كَلَامِ اللَّهِ إِلَى الْأَشْهَرِ الْأَعْرَفِ مِنْهَا ، أَوْلَى مِنْ تَوْجِيهِهَا إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مَا وُجِدَ إِلَيْهِ سَبِيلٌ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=26وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ ) يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : وَأَتَى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ مَكَرُوا مِنْ قَبْلِ مُشْرِكِي
قُرَيْشٍ ، عَذَابُ اللَّهِ مِنْ حَيْثُ لَا يَدْرُونَ أَنَّهُ أَتَاهُمْ مِنْهُ .