القول في تأويل قوله تعالى : (
nindex.php?page=treesubj&link=28987_28902_33144nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=75ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا هل يستوون الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون ( 75 ) )
يقول تعالى ذكره : وشبه لكم شبها أيها الناس للكافر من عبيده ، والمؤمن به منهم . فأما مثل الكافر : فإنه لا يعمل بطاعة الله ، ولا يأتي خيرا ، ولا
[ ص: 261 ] ينفق في شيء من سبيل الله ماله لغلبة خذلان الله عليه ، كالعبد المملوك ، الذي لا يقدر على شيء فينفقه . وأما المؤمن بالله فإنه يعمل بطاعة الله ، وينفق في سبيله ماله كالحر الذي آتاه الله مالا فهو ينفق منه سرا وجهرا ، يقول : بعلم من الناس وغير علم (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=75هل يستوون ) يقول هل يستوي العبد الذي لا يملك شيئا ولا يقدر عليه ، وهذا الحر الذي قد رزقه الله رزقا حسنا فهو ينفق كما وصف ، فكذلك لا يستوي الكافر العامل بمعاصي الله المخالف أمره ، والمؤمن العامل بطاعته .
وبنحو ما قلنا في ذلك كان بعض أهل العلم يقول .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=75ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء ) هذا مثل ضربه الله للكافر ، رزقه مالا فلم يقدم فيه خيرا ولم يعمل فيه بطاعة الله ، قال الله تعالى ذكره (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=75ومن رزقناه منا رزقا حسنا ) فهذا المؤمن أعطاه الله مالا فعمل فيه بطاعة الله وأخذ بالشكر ومعرفة حق الله ، فأثابه الله على ما رزقه الرزق المقيم الدائم لأهله في الجنة ، قال الله تعالى ذكره (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=75هل يستويان مثلا ) والله ما يستويان (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=75الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون ) .
حدثنا
ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا
محمد بن ثور ، عن
معمر ، عن
قتادة (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=75عبدا مملوكا لا يقدر على شيء ) قال : هو الكافر لا يعمل بطاعة الله ولا ينفق خيرا (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=75ومن رزقناه منا رزقا حسنا ) قال : المؤمن يطيع الله في نفسه وماله .
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن
ابن عباس ، قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=75ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء ) يعني : الكافر أنه لا يستطيع أن ينفق نفقة في سبيل الله (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=75ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا ) يعني المؤمن ، وهذا المثل في النفقة .
وقوله : ( الحمد لله ) يقول : الحمد الكامل لله خالصا دون ما تدعون أيها القوم من دونه من الأوثان فإياه فاحمدوا دونها .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=75بل أكثرهم لا يعلمون ) يقول : ما الأمر كما تفعلون ، ولا القول كما تقولون ، ما للأوثان عندهم من يد ولا معروف فتحمد عليه ، إنما الحمد لله ، ولكن أكثر هؤلاء
[ ص: 262 ] الكفرة الذين يعبدونها لا يعلمون أن ذلك كذلك ، فهم بجهلهم بما يأتون ويذرون يجعلونها لله شركاء في العبادة والحمد .
وكان
مجاهد يقول : ضرب الله هذا المثل ، والمثل الآخر بعده لنفسه ، والآلهة التي تعبد من دونه .
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=treesubj&link=28987_28902_33144nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=75ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ( 75 ) )
يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : وَشَبَّهَ لَكُمْ شَبَهًا أَيُّهَا النَّاسُ لِلْكَافِرِ مِنْ عَبِيدِهِ ، وَالْمُؤْمِنِ بِهِ مِنْهُمْ . فَأَمَّا مَثَلُ الْكَافِرِ : فَإِنَّهُ لَا يَعْمَلُ بِطَاعَةِ اللَّهِ ، وَلَا يَأْتِي خَيْرًا ، وَلَا
[ ص: 261 ] يُنْفِقُ فِي شَيْءٍ مِنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَالَهُ لِغَلَبَةِ خِذْلَانِ اللَّهِ عَلَيْهِ ، كَالْعَبْدِ الْمَمْلُوكِ ، الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ فَيُنْفِقُهُ . وَأَمَّا الْمُؤْمِنُ بِاللَّهِ فَإِنَّهُ يَعْمَلُ بِطَاعَةِ اللَّهِ ، وَيُنْفِقُ فِي سَبِيلِهِ مَالَهُ كَالْحُرِّ الَّذِي آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يُنْفَقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا ، يَقُولُ : بِعِلْمٍ مِنَ النَّاسِ وَغَيْرِ عِلْمٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=75هَلْ يَسْتَوُونَ ) يَقُولُ هَلْ يَسْتَوِي الْعَبْدُ الَّذِي لَا يِمْلِكُ شَيْئًا وَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ ، وَهَذَا الْحُرُّ الَّذِي قَدْ رَزَقَهُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ كَمَا وَصَفَ ، فَكَذَلِكَ لَا يَسْتَوِي الْكَافِرُ الْعَامِلُ بِمَعَاصِي اللَّهِ الْمُخَالِفُ أَمْرَهُ ، وَالْمُؤْمِنُ الْعَامِلُ بِطَاعَتِهِ .
وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ كَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنَا
بِشْرٌ ، قَالَ : ثَنَا
يَزِيدُ ، قَالَ : ثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ ، قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=75ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ ) هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ لِلْكَافِرِ ، رَزَقَهُ مَالًا فَلَمْ يُقَدِّمْ فِيهِ خَيْرًا وَلَمْ يَعْمَلْ فِيهِ بِطَاعَةِ اللَّهِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=75وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا ) فَهَذَا الْمُؤْمِنُ أَعْطَاهُ اللَّهُ مَالًا فَعَمِلَ فِيهِ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَأَخَذَ بِالشُّكْرِ وَمَعْرِفَةِ حَقِّ اللَّهِ ، فَأَثَابَهُ اللَّهُ عَلَى مَا رَزَقَهُ الرِّزْقَ الْمُقِيمَ الدَّائِمَ لِأَهْلِهِ فِي الْجَنَّةِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=75هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا ) وَاللَّهِ مَا يَسْتَوِيَانِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=75الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ) .
حَدَّثَنَا
ابْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، قَالَ : ثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ ، عَنْ
مَعْمَرٍ ، عَنْ
قَتَادَةَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=75عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ ) قَالَ : هُوَ الْكَافِرُ لَا يَعْمَلُ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَلَا يُنْفِقُ خَيْرًا (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=75وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا ) قَالَ : الْمُؤْمِنُ يُطِيعُ اللَّهَ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ .
حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ ، قَالَ : ثَنِي أَبِي ، قَالَ : ثَنِي عَمِّي ، قَالَ : ثَنِي أَبِي ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=75ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ ) يَعْنِي : الْكَافِرَ أَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُنْفِقَ نَفَقَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=75وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا ) يَعْنِي الْمُؤْمِنَ ، وَهَذَا الْمَثَلُ فِي النَّفَقَةِ .
وَقَوْلُهُ : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ ) يَقُولُ : الْحَمْدُ الْكَامِلُ لِلَّهِ خَالِصًا دُونَ مَا تَدْعُونَ أَيُّهَا الْقَوْمُ مِنْ دُونِهِ مِنَ الْأَوْثَانِ فَإِيَّاهُ فَاحْمَدُوا دُونَهَا .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=75بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ) يَقُولُ : مَا الْأَمْرُ كَمَا تَفْعَلُونَ ، وَلَا الْقَوْلُ كَمَا تَقُولُونَ ، مَا لِلْأَوْثَانِ عِنْدَهُمْ مِنْ يَدٍ وَلَا مَعْرُوفٍ فَتُحْمَدُ عَلَيْهِ ، إِنَّمَا الْحَمْدُ لِلَّهِ ، وَلَكِنَّ أَكْثَرَ هَؤُلَاءِ
[ ص: 262 ] الْكَفَرَةِ الَّذِينَ يَعْبُدُونَهَا لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، فَهُمْ بِجَهْلِهِمْ بِمَا يَأْتُونَ وَيَذَرُونَ يَجْعَلُونَهَا لِلَّهِ شُرَكَاءَ فِي الْعِبَادَةِ وَالْحَمْدِ .
وَكَانَ
مُجَاهِدٌ يَقُولُ : ضَرَبَ اللَّهُ هَذَا الْمَثَلَ ، وَالْمَثَلَ الْآخَرَ بَعْدَهُ لِنَفْسِهِ ، وَالْآلِهَةِ الَّتِي تُعْبَدُ مِنْ دُونِهِ .