الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا ( 109 ) يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما ( 110 ) )

يقول تعالى ذكره ( يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا ) شفاعة ( من أذن له الرحمن ) أن يشفع ( ورضي له قولا ) وأدخل في الكلام له دليلا على إضافة [ ص: 376 ] القول إلى كناية " من " وذلك كقول القائل الآخر : رضيت لك عملك ، ورضيته منك ، وموضع " من " من قوله ( إلا من أذن له ) نصب لأنه خلاف الشفاعة .

وقوله ( يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ) يقول تعالى ذكره : يعلم ربك يا محمد ما بين أيدي هؤلاء الذين يتبعون الداعي من أمر القيامة ، وما الذي يصيرون إليه من الثواب والعقاب ( وما خلفهم ) يقول : ويعلم أمر ما خلفوه وراءهم من أمر الدنيا . كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة ( يعلم ما بين أيديهم ) من أمر الساعة ( وما خلفهم ) من أمر الدنيا .

وقوله ( ولا يحيطون به علما ) يقول تعالى ذكره : ولا يحيط خلقه به علما . ومعنى الكلام : أنه محيط بعباده علما ، ولا يحيط عباده به علما ، وقد زعم بعضهم أن معنى ذلك أن الله يعلم ما بين أيدي ملائكته وما خلفهم ، وأن ملائكته لا يحيطون علما بما بين أيدي أنفسهم وما خلفهم ، وقال : إنما أعلم بذلك الذين كانوا يعبدون الملائكة ، أن الملائكة كذلك لا تعلم ما بين أيديها وما خلفها ، موبخهم بذلك ومقرعهم بأن من كان كذلك ، فكيف يعبد ، وأن العبادة إنما تصلح لمن لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء .

التالي السابق


الخدمات العلمية