الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( قل إنما أنذركم بالوحي ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون ( 45 ) )

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد لهؤلاء القائلين فليأتنا بآية كما أرسل الأولون : إنما أنذركم أيها القوم بتنزيل الله الذي يوحيه إلي من عنده ، وأخوفكم به بأسه .

كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة قوله ( قل إنما أنذركم بالوحي ) أي بهذا القرآن . [ ص: 450 ] وقوله ( ولا يسمع الصم الدعاء ) اختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء الأمصار : ( ولا يسمع ) بفتح الياء من ( يسمع ) بمعنى أنه فعل للصم ، والصم حينئذ مرفوعون ، وروي عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه كان يقرأ ( ولا تسمع ) بالتاء وضمها ، فالصم على هذه القراءة مرفوعة ، لأن قوله ( لا تسمع ) لم يسم فاعله ، ومعناه على هذه القراءة : ولا يسمع الله الصم الدعاء .

قال أبو جعفر : والصواب من القراءة عندنا في ذلك ما عليه قراء الأمصار لإجماع الحجة من القراء عليه ، ومعنى ذلك : ولا يصغي الكافر بالله بسمع قلبه إلى تذكر ما في وحي الله من المواعظ والذكر ، فيتذكر به ويعتبر ، فينزجر عما هو عليه مقيم من ضلاله إذا تلي عليه وأريد به ، ولكنه يعرض عن الاعتبار به والتفكر فيه ، فعل الأصم الذي لا يسمع ما يقال له فيعمل به .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة ( ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون ) يقول : إن الكافر قد صم عن كتاب الله لا يسمعه ، ولا ينتفع به ولا يعقله ، كما يسمعه المؤمن وأهل الإيمان .

التالي السابق


الخدمات العلمية