الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون ( 76 ) )

[ ص: 60 ] يقول تعالى ذكره : ولقد أخذنا هؤلاء المشركين بعذابنا ، وأنزلنا بهم بأسنا ، وسخطنا وضيقنا عليهم معايشهم ، وأجدبنا بلادهم ، وقتلنا سراتهم بالسيف . ( فما استكانوا لربهم ) يقول : فما خضعوا لربهم فينقادوا لأمره ونهيه ، وينيبوا إلى طاعته ( وما يتضرعون ) يقول : وما يتذللون له .

وذكر أن هذه الآية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أخذ الله قريشا بسني الجدب ، إذ دعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ذكر الخبر في ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا أبو تميلة ، عن الحسن ، عن يزيد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : جاء أبو سفيان إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا محمد ، أنشدك الله والرحم ، فقد أكلنا العلهز! يعني الوبر والدم ، فأنزل الله : ( ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون ) .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا عبد المؤمن ، عن علباء بن أحمر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : أن ابن أثال الحنفي ، لما أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو أسير ، فخلى سبيله ، فلحق بمكة ، فحال بين أهل مكة وبين الميرة من اليمامة ، حتى أكلت قريش العلهز ، فجاء أبو سفيان إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : أليس تزعم بأنك بعثت رحمة للعالمين؟ فقال : " بلى! " فقال : قد قتلت الآباء بالسيف والأبناء بالجوع ! فأنزل الله : ( ولقد أخذناهم بالعذاب . ) الآية .

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا الحكم بن بشير ، قال : أخبرنا عمرو ، قال : قال الحسن : إذا أصاب الناس من قبل الشيطان بلاء ، فإنما هي نقمة ، فلا تستقبلوا نقمة الله بالحمية ، ولكن استقبلوها بالاستغفار ، وتضرعوا إلى الله ، وقرأ هذه الآية : ( ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون ) .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قوله : ( ولقد أخذناهم بالعذاب ) قال : الجوع والجدب . ( فما استكانوا لربهم ) فصبروا ( وما يتضرعون ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية