الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان وما يدريك لعل الساعة قريب ( 17 ) يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق ألا إن الذين يمارون في الساعة لفي ضلال بعيد ( 18 ) ) [ ص: 520 ]

يقول - تعالى ذكره - : ( الله الذي أنزل ) هذا ( الكتاب ) يعني القرآن ( بالحق والميزان ) يقول : وأنزل الميزان وهو العدل ، ليقضي بين الناس بالإنصاف ، ويحكم فيهم بحكم الله الذي أمر به في كتابه .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ؛ وحدثنا الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : ( أنزل الكتاب بالحق والميزان ) قال : العدل .

حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : ( الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان ) قال : الميزان : العدل .

وقوله : ( وما يدريك لعل الساعة قريب ) يقول - تعالى ذكره - : وأي شيء يدريك ويعلمك ، لعل الساعة التي تقوم فيها القيامة قريب ( يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها ) : يقول : يستعجلك يا محمد بمجيئها الذين لا يوقنون بمجيئها ، ظنا منهم أنها غير جائية ( والذين آمنوا مشفقون منها ) يقول : والذين صدقوا بمجيئها ، ووعد الله إياهم الحشر فيها ، ( مشفقون منها ) يقول : وجلون من مجيئها ، خائفون من قيامها ، لأنهم لا يدرون ما الله فاعل بهم فيها ( ويعلمون أنها الحق ) يقول : ويوقنون أن مجيئها الحق اليقين ، لا يمترون في مجيئها ( ألا إن الذين يمارون في الساعة ) يقول - تعالى ذكره - : ألا إن الذين يخاصمون في قيام الساعة ويجادلون فيه ( لفي ضلال بعيد ) يقول : لفي جور عن طريق الهدى ، وزيغ عن سبيل الحق والرشاد ، بعيد من الصواب .

التالي السابق


الخدمات العلمية