الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
5553 حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16921محمد بن منهال حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17360يزيد بن زريع حدثنا عمر بن محمد بن زيد عن nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=hadith&LINKID=655442عن النبي صلى الله عليه وسلم قال nindex.php?page=treesubj&link=30561_756_735_25492خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب وكان ابن عمر إذا حج أو اعتمر قبض على لحيته فما فضل أخذه
الحديث الثالث قوله : ( عمر بن محمد بن زيد ) أي ابن عبد الله بن عمر .
قوله : ( خالفوا المشركين ) في حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عند مسلم nindex.php?page=hadith&LINKID=842694خالفوا المجوس وهو المراد في حديث ابن عمر فإنهم كانوا يقصون لحاهم ومنهم من كان يحلقها .
قوله : ( أحفوا الشوارب ) بهمزة قطع من الإحفاء للأكثر ، وحكى ابن دريد حفى شاربه حفوا إذا استأصل أخذ شعره ، فعلى هذا فهي همزة وصل .
قوله : ( ووفروا اللحى ) أما قوله وفروا فهو بتشديد الفاء من التوفير وهو الإبقاء أي اتركوها وافرة وفي رواية عبيد الله بن عمر عن نافع في الباب الذي يليه أعفوا وسيأتي تحريره ، وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عند مسلم أرجئوا وضبطت بالجيم والهمزة أي أخروها ، وبالخاء المعجمة بلا همز أي أطيلوها ، وله في رواية أخرى أوفوا أي اتركوها وافية ، قال النووي وكل هذه الروايات بمعنى واحد ، واللحى بكسر اللام وحكي ضمها وبالقصر والمد جمع لحية بالكسر فقط وهي اسم لما نبت على الخدين والذقن .
قوله : ( وكان ابن عمر إذا حج أو اعتمر قبض على لحيته فما فضل أخذه ) هو موصول بالسند المذكور إلى نافع ، وقد أخرجه مالك في " الموطأ " عن نافع بلفظ " كان ابن عمر إذا حلق رأسه في حج أو عمرة أخذ من لحيته وشاربه " وفي حديث الباب مقدار المأخوذ ، وقوله " فضل " بفتح الفاء والضاد المعجمة ويجوز كسر الضاد كعلم والأشهر الفتح قاله ابن التين ، وقال الكرماني : لعل ابن عمر أراد الجمع بين الحلق والتقصير في النسك فحلق رأسه كله وقصر من لحيته ليدخل في عموم قوله - تعالى - : nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=27محلقين رءوسكم ومقصرين وخص ذلك من عموم قوله nindex.php?page=hadith&LINKID=840033وفروا اللحى فحمله على حالة غير حالة النسك . قلت . الذي يظهر أن ابن عمر كان لا يخص هذا التخصيص بالنسك بل كان يحمل الأمر بالإعفاء على غير الحالة التي تتشوه فيها الصورة بإفراط طول شعر اللحية أو عرضه ، فقد قال الطبري : ذهب قوم إلى ظاهر الحديث فكرهوا تناول شيء من اللحية من طولها ومن عرضها ، وقال قوم إذا زاد على القبضة يؤخذ الزائد ، ثم ساق بسنده إلى ابن عمر أنه فعل ذلك ، وإلى عمر أنه فعل ذلك برجل ، ومن طريق nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أنه فعله ، وأخرج أبو داود من حديث جابر بسند حسن قال . " كنا نعفي السبال إلا في حج أو عمرة " وقوله " نعفي " بضم أوله وتشديد الفاء أي نتركه وافرا وهذا يؤيد ما نقل عن ابن عمر ، فإن السبال بكسر المهملة وتخفيف الموحدة جمع سبلة بفتحتين وهي ما طال من شعر اللحية ، فأشار جابر إلى أنهم يقصرون منها في النسك . ثم حكى الطبري اختلافا فيما يؤخذ من اللحية هل له حد أم لا ؟ فأسند عن جماعة الاقتصار على أخذ الذي يزيد منها على قدر الكف ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري أنه يؤخذ من طولها [ ص: 363 ] وعرضها ما لم يفحش ، وعن عطاء نحوه قال : وحمل هؤلاء النهي على منع ما كانت الأعاجم تفعله من قصها وتخفيفها ، قال : وكره آخرون التعرض لها إلا في حج أو عمرة وأسنده عن جماعة ، واختار قول عطاء ، وقال : إن الرجل لو ترك لحيته لا يتعرض لها حتى أفحش طولها وعرضها لعرض نفسه لمن يسخر به ، واستدل بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده nindex.php?page=hadith&LINKID=842695أن النبي - صلى الله عليه وسلم - " كان يأخذ من لحيته من عرضها وطولها " وهذا أخرجه الترمذي ونقل عن nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أنه قال في رواية عمر بن هارون . لا أعلم له حديثا منكرا إلا هذا ا ه وقد ضعف عمر بن هارون مطلقا جماعة ، وقال عياض : يكره nindex.php?page=treesubj&link=25493_25495حلق اللحية وقصها وتحذيفها ، وأما nindex.php?page=treesubj&link=25494الأخذ من طولها وعرضها إذا عظمت فحسن ، بل تكره الشهرة في تعظيمها كما يكره في تقصيرها ، كذا قال ، وتعقبه النووي بأنه خلاف ظاهر الخبر في الأمر بتوفيرها ; قال : والمختار تركها على حالها وأن لا يتعرض لها بتقصير ولا غيره ، وكأن مراده بذلك في غير النسك لأن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي نص على استحبابه فيه ، وذكر النووي عن nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي - وهو في ذلك تابع nindex.php?page=showalam&ids=16161لأبي طالب المكي في " القوت " - قال : nindex.php?page=treesubj&link=25495يكره في اللحية عشر خصال : خضبها بالسواد لغير الجهاد ، وبغير السواد إيهاما للصلاح لا لقصد الاتباع ، وتبييضها استعجالا للشيخوخة لقصد التعاظم على الأقران ، ونتفها إبقاء للمرودة وكذا تحذيفها ونتف الشيب . ورجح النووي تحريمه لثبوت الزجر عنه كما سيأتي قريبا ، وتصفيفها طاقة طاقة تصنعا ومخيلة ، وكذا ترجيلها والتعرض لها طولا وعرضا على ما فيه من اختلاف ، وتركها شعثة إيهاما للزهد ، والنظر إليها إعجابا ، وزاد النووي : وعقدها ، لحديث رويفع رفعه nindex.php?page=hadith&LINKID=842696من عقد لحيته فإن محمدا منه بريء الحديث أخرجه أبو داود ، قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : قيل المراد عقدها في الحرب وهو من زي الأعاجم ، وقيل المراد معالجة الشعر لينعقد ، وذلك من فعل أهل التأنيث .
( تنبيه ) : أنكر ابن التين ظاهر ما نقل عن ابن عمر فقال : ليس المراد أنه كان يقتصر على قدر القبضة من لحيته ، بل كان يمسك عليها فيزيل ما شذ منها ، فيمسك من أسفل ذقنه بأصابعه الأربعة ملتصقة فيأخذ ما سفل عن ذلك ليتساوى طول لحيته . قال أبو شامة : وقد حدث قوم يحلقون لحاهم ، وهو أشد مما نقل عن المجوس أنهم كانوا يقصونها . وقال النووي : يستثنى من الأمر بإعفاء اللحى ما لو nindex.php?page=treesubj&link=25493_17511نبتت للمرأة لحية فإنه يستحب لها حلقها ، وكذا لو nindex.php?page=treesubj&link=17511نبت لها شارب أو عنفقة ، وسيأتي البحث فيه في " باب المتنمصات " .