الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
1376 حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17081مسلم بن إبراهيم حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة حدثنا سعيد بن أبي بردة عن nindex.php?page=showalam&ids=11935أبيه عن nindex.php?page=showalam&ids=110جده nindex.php?page=hadith&LINKID=651353عن النبي صلى الله عليه وسلم قال nindex.php?page=treesubj&link=32477_23468_33615_29545على كل مسلم صدقة فقالوا يا نبي الله فمن لم يجد قال يعمل بيده فينفع نفسه ويتصدق قالوا فإن لم يجد قال يعين ذا الحاجة الملهوف قالوا فإن لم يجد قال فليعمل بالمعروف وليمسك عن الشر فإنها له صدقة
قوله : ( باب : على كل مسلم صدقة ، فمن لم يجد فليعمل بالمعروف ) قال الزين بن المنير : نصب هذه الترجمة علما على الخبر مقتصرا على بعض ما فيه إيجازا .
قوله : ( سعيد بن أبي بردة ) أي : ابن أبي موسى الأشعري . ووقع التصريح به عند أبي عوانة في صحيحه .
قوله : ( nindex.php?page=treesubj&link=23467على كل مسلم صدقة ) أي : على سبيل الاستحباب المتأكد أو على ما هو أعم من ذلك ، والعبارة صالحة للإيجاب والاستحباب ، كقوله عليه الصلاة والسلام : " على المسلم ست خصال " . فذكر منها ما هو مستحب اتفاقا ، وزاد nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة في حديثه تقييد ذلك بكل يوم ، كما سيأتي في الصلح من طريق همام عنه ، ولمسلم من حديث أبي ذر مرفوعا : nindex.php?page=hadith&LINKID=886127يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة . والسلامى بضم المهملة وتخفيف اللام : المفصل . وله في حديث عائشة : nindex.php?page=hadith&LINKID=886128خلق الله كل إنسان من بني آدم على ستين وثلاثمائة مفصل .
قوله : ( فقالوا : يا نبي الله فمن لم يجد ) كأنهم فهموا من لفظ الصدقة العطية ، فسألوا عمن ليس عنده شيء ، فبين لهم أن المراد بالصدقة ما هو أعم من ذلك ، ولو nindex.php?page=treesubj&link=18455بإغاثة الملهوف والأمر بالمعروف ، وهل تلتحق هذه الصدقة بصدقة التطوع التي تحسب يوم القيامة من الفرض الذي أخل به ؟ فيه نظر ، الذي يظهر أنها غيرها لما تبين من حديث عائشة المذكور أنها شرعت بسبب عتق المفاصل حيث قال في آخر هذا الحديث : " فإنه يمسي يومئذ وقد زحزح نفسه عن النار " .
قوله : ( الملهوف ) أي : المستغيث وهو أعم من أن يكون مظلوما أو عاجزا .
قوله : ( فليعمل بالمعروف ) في رواية المصنف في الأدب من وجه آخر عن شعبة : " فليأمر بالخير أو بالمعروف " . زاد nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود الطيالسي في مسنده عن شعبة : " وينهى عن المنكر " .
[ ص: 362 ] قوله : ( وليمسك ) في روايته في الأدب " قالوا : فإن لم يفعل ؟ قال : فليمسك عن الشر " . وكذا لمسلم من طريق أبي أسامة ، عن شعبة ، وهو أصح سياقا ، فظاهر سياق الباب أن الأمر بالمعروف والإمساك عن الشر رتبة واحدة ، وليس كذلك ، بل الإمساك هو الرتبة الأخيرة .
قوله : ( فإنها ) كذا وقع هنا بضمير المؤنث ، وهو باعتبار الخصلة من الخير وهو الإمساك ، ووقع في رواية الأدب : فإنه - أي الإمساك - له ، أي : للممسك ، قال الزين بن المنير : إنما يحصل ذلك للممسك عن الشر إذا نوى بالإمساك القربة ، بخلاف محض الترك ، والإمساك أعم من أن يكون عن غيره ، فكأنه تصدق عليه بالسلامة منه ، فإن كان شره لا يتعدى نفسه فقد تصدق على نفسه بأن منعها من الإثم ، قال : وليس ما تضمنه الخبر من قوله : " فإن لم يجد " ترتيبا ، وإنما هو للإيضاح لما يفعله من عجز عن خصلة من الخصال المذكورة ، فإنه يمكنه خصلة أخرى ، فمن أمكنه أن يعمل بيده فيتصدق ، وأن يغيث الملهوف ، وأن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، ويمسك عن الشر فليفعل الجميع ، ومقصود هذا الباب أن nindex.php?page=treesubj&link=18303أعمال الخير تنزل منزلة الصدقات في الأجر ولا سيما في حق من لا يقدر عليها . ويفهم منه أن الصدقة في حق القادر عليها أفضل من الأعمال القاصرة ، ومحصل ما ذكر في حديث الباب أنه لا بد من nindex.php?page=treesubj&link=18306الشفقة على خلق الله ، وهي إما بالمال أو غيره ، والمال إما حاصل أو مكتسب ، وغير المال إما فعل ، وهو الإغاثة ، وإما ترك ، وهو الإمساك . انتهى . وقال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة نفع الله به : ترتيب هذا الحديث أنه ندب إلى الصدقة ، وعند العجز عنها ندب إلى ما يقرب منها أو يقوم مقامها وهو العمل والانتفاع ، وعند العجز عن ذلك ندب إلى ما يقوم مقامه وهو الإغاثة ، وعند عدم ذلك ندب إلى فعل المعروف ، أي : من سوى ما تقدم كإماطة الأذى ، وعند عدم ذلك ندب إلى الصلاة ، فإن لم يطق فترك الشر ، وذلك آخر المراتب . قال : ومعنى الشر هنا ما منعه الشرع ، ففيه تسلية للعاجز عن فعل المندوبات إذا كان عجزه عن ذلك من غير اختيار . قلت : وأشار بالصلاة إلى ما وقع في آخر حديث أبي ذر عند مسلم : " ويجزئ عن ذلك كله ركعتا الضحى " . وهو يؤيد ما قدمناه أن هذه الصدقة لا يكمل منها ما يختل من الفرض ، لأن الزكاة لا تكمل الصلاة ولا العكس . فدل على افتراق الصدقتين . واستشكل الحديث مع تقدم ذكر الأمر بالمعروف ، وهو من فروض الكفاية ، فكيف تجزئ عنه صلاة الضحى وهي من التطوعات ؟ وأجيب بحمل الأمر هنا على ما إذا حصل من غيره ، فسقط به الفرض ، وكأن في كلامه هو زيادة في تأكيد ذلك فلو تركه أجزأت عنه صلاة الضحى ، كذا قيل وفيه نظر ، والذي يظهر أن المراد أن nindex.php?page=treesubj&link=1224صلاة الضحى تقوم مقام الثلاثمائة وستين حسنة التي يستحب للمرء أن يسعى في تحصيلها كل يوم ليعتق مفاصله التي هي بعددها ، لا أن المراد أن صلاة الضحى تغني عن الأمر بالمعروف ، وما ذكر معه ، وإنما كان كذلك لأن الصلاة عمل بجميع الجسد ، فتتحرك المفاصل كلها فيها بالعبادة ، ويحتمل أن يكون ذلك لكون الركعتين تشتملان على ثلاثمائة وستين ما بين قول وفعل إذا جعلت كل حرف من القراءة مثلا صدقة ، وكأن صلاة الضحى خصت بالذكر لكونها أول تطوعات النهار بعد الفرض وراتبته ، وقد أشار في حديث أبي ذر إلى أن صدقة السلامى نهارية لقوله : " يصبح على كل سلامى من أحدكم " . وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة : " كل يوم تطلع فيه الشمس " . وفي حديث عائشة : " فيمسي وقد زحزح نفسه عن النار " .
[ ص: 363 ] وفي الحديث أن nindex.php?page=treesubj&link=21119الأحكام تجري على الغالب ، لأن في المسلمين من يأخذ الصدقة المأمور بصرفها ، وقد قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=886129على كل مسلم صدقة . وفيه nindex.php?page=treesubj&link=18486مراجعة العالم في تفسير المجمل وتخصيص العام . وفيه nindex.php?page=treesubj&link=24476فضل التكسب لما فيه من الإعانة ، وتقديم النفس على الغير ، والمراد بالنفس ذات الشخص وما يلزمه . والله أعلم .
قوله : ( باب : على كل مسلم صدقة ، فمن لم يجد فليعمل بالمعروف ) قال الزين بن المنير : نصب هذه الترجمة علما على الخبر مقتصرا على بعض ما فيه إيجازا .
قوله : ( سعيد بن أبي بردة ) أي : ابن أبي موسى الأشعري . ووقع التصريح به عند أبي عوانة في صحيحه .
قوله : ( nindex.php?page=treesubj&link=23467على كل مسلم صدقة ) أي : على سبيل الاستحباب المتأكد أو على ما هو أعم من ذلك ، والعبارة صالحة للإيجاب والاستحباب ، كقوله عليه الصلاة والسلام : " على المسلم ست خصال " . فذكر منها ما هو مستحب اتفاقا ، وزاد nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة في حديثه تقييد ذلك بكل يوم ، كما سيأتي في الصلح من طريق همام عنه ، ولمسلم من حديث أبي ذر مرفوعا : nindex.php?page=hadith&LINKID=886127يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة . والسلامى بضم المهملة وتخفيف اللام : المفصل . وله في حديث عائشة : nindex.php?page=hadith&LINKID=886128خلق الله كل إنسان من بني آدم على ستين وثلاثمائة مفصل .
قوله : ( فقالوا : يا نبي الله فمن لم يجد ) كأنهم فهموا من لفظ الصدقة العطية ، فسألوا عمن ليس عنده شيء ، فبين لهم أن المراد بالصدقة ما هو أعم من ذلك ، ولو nindex.php?page=treesubj&link=18455بإغاثة الملهوف والأمر بالمعروف ، وهل تلتحق هذه الصدقة بصدقة التطوع التي تحسب يوم القيامة من الفرض الذي أخل به ؟ فيه نظر ، الذي يظهر أنها غيرها لما تبين من حديث عائشة المذكور أنها شرعت بسبب عتق المفاصل حيث قال في آخر هذا الحديث : " فإنه يمسي يومئذ وقد زحزح نفسه عن النار " .
قوله : ( الملهوف ) أي : المستغيث وهو أعم من أن يكون مظلوما أو عاجزا .
قوله : ( فليعمل بالمعروف ) في رواية المصنف في الأدب من وجه آخر عن شعبة : " فليأمر بالخير أو بالمعروف " . زاد nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود الطيالسي في مسنده عن شعبة : " وينهى عن المنكر " .
[ ص: 362 ] قوله : ( وليمسك ) في روايته في الأدب " قالوا : فإن لم يفعل ؟ قال : فليمسك عن الشر " . وكذا لمسلم من طريق أبي أسامة ، عن شعبة ، وهو أصح سياقا ، فظاهر سياق الباب أن الأمر بالمعروف والإمساك عن الشر رتبة واحدة ، وليس كذلك ، بل الإمساك هو الرتبة الأخيرة .
قوله : ( فإنها ) كذا وقع هنا بضمير المؤنث ، وهو باعتبار الخصلة من الخير وهو الإمساك ، ووقع في رواية الأدب : فإنه - أي الإمساك - له ، أي : للممسك ، قال الزين بن المنير : إنما يحصل ذلك للممسك عن الشر إذا نوى بالإمساك القربة ، بخلاف محض الترك ، والإمساك أعم من أن يكون عن غيره ، فكأنه تصدق عليه بالسلامة منه ، فإن كان شره لا يتعدى نفسه فقد تصدق على نفسه بأن منعها من الإثم ، قال : وليس ما تضمنه الخبر من قوله : " فإن لم يجد " ترتيبا ، وإنما هو للإيضاح لما يفعله من عجز عن خصلة من الخصال المذكورة ، فإنه يمكنه خصلة أخرى ، فمن أمكنه أن يعمل بيده فيتصدق ، وأن يغيث الملهوف ، وأن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، ويمسك عن الشر فليفعل الجميع ، ومقصود هذا الباب أن nindex.php?page=treesubj&link=18303أعمال الخير تنزل منزلة الصدقات في الأجر ولا سيما في حق من لا يقدر عليها . ويفهم منه أن الصدقة في حق القادر عليها أفضل من الأعمال القاصرة ، ومحصل ما ذكر في حديث الباب أنه لا بد من nindex.php?page=treesubj&link=18306الشفقة على خلق الله ، وهي إما بالمال أو غيره ، والمال إما حاصل أو مكتسب ، وغير المال إما فعل ، وهو الإغاثة ، وإما ترك ، وهو الإمساك . انتهى . وقال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة نفع الله به : ترتيب هذا الحديث أنه ندب إلى الصدقة ، وعند العجز عنها ندب إلى ما يقرب منها أو يقوم مقامها وهو العمل والانتفاع ، وعند العجز عن ذلك ندب إلى ما يقوم مقامه وهو الإغاثة ، وعند عدم ذلك ندب إلى فعل المعروف ، أي : من سوى ما تقدم كإماطة الأذى ، وعند عدم ذلك ندب إلى الصلاة ، فإن لم يطق فترك الشر ، وذلك آخر المراتب . قال : ومعنى الشر هنا ما منعه الشرع ، ففيه تسلية للعاجز عن فعل المندوبات إذا كان عجزه عن ذلك من غير اختيار . قلت : وأشار بالصلاة إلى ما وقع في آخر حديث أبي ذر عند مسلم : " ويجزئ عن ذلك كله ركعتا الضحى " . وهو يؤيد ما قدمناه أن هذه الصدقة لا يكمل منها ما يختل من الفرض ، لأن الزكاة لا تكمل الصلاة ولا العكس . فدل على افتراق الصدقتين . واستشكل الحديث مع تقدم ذكر الأمر بالمعروف ، وهو من فروض الكفاية ، فكيف تجزئ عنه صلاة الضحى وهي من التطوعات ؟ وأجيب بحمل الأمر هنا على ما إذا حصل من غيره ، فسقط به الفرض ، وكأن في كلامه هو زيادة في تأكيد ذلك فلو تركه أجزأت عنه صلاة الضحى ، كذا قيل وفيه نظر ، والذي يظهر أن المراد أن nindex.php?page=treesubj&link=1224صلاة الضحى تقوم مقام الثلاثمائة وستين حسنة التي يستحب للمرء أن يسعى في تحصيلها كل يوم ليعتق مفاصله التي هي بعددها ، لا أن المراد أن صلاة الضحى تغني عن الأمر بالمعروف ، وما ذكر معه ، وإنما كان كذلك لأن الصلاة عمل بجميع الجسد ، فتتحرك المفاصل كلها فيها بالعبادة ، ويحتمل أن يكون ذلك لكون الركعتين تشتملان على ثلاثمائة وستين ما بين قول وفعل إذا جعلت كل حرف من القراءة مثلا صدقة ، وكأن صلاة الضحى خصت بالذكر لكونها أول تطوعات النهار بعد الفرض وراتبته ، وقد أشار في حديث أبي ذر إلى أن صدقة السلامى نهارية لقوله : " يصبح على كل سلامى من أحدكم " . وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة : " كل يوم تطلع فيه الشمس " . وفي حديث عائشة : " فيمسي وقد زحزح نفسه عن النار " .
[ ص: 363 ] وفي الحديث أن nindex.php?page=treesubj&link=21119الأحكام تجري على الغالب ، لأن في المسلمين من يأخذ الصدقة المأمور بصرفها ، وقد قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=886129على كل مسلم صدقة . وفيه nindex.php?page=treesubj&link=18486مراجعة العالم في تفسير المجمل وتخصيص العام . وفيه nindex.php?page=treesubj&link=24476فضل التكسب لما فيه من الإعانة ، وتقديم النفس على الغير ، والمراد بالنفس ذات الشخص وما يلزمه . والله أعلم .