الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب ليس فيما دون خمس ذود صدقة

                                                                                                                                                                                                        1390 حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة المازني عن أبيه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة وليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة وليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب ليس فيما دون خمس ذود صدقة ) الذود بفتح المعجمة وسكون الواو بعدها مهملة . قال الزين بن المنير : أضاف خمس إلى ذود ، وهو مذكر ، لأنه يقع على المذكر والمؤنث ، وأضافه إلى الجمع ، لأنه يقع على المفرد والجمع . وأما قول ابن قتيبة : إنه يقع على الواحد فقط ، فلا يدفع ما نقله غيره أنه يقع على الجمع . انتهى . والأكثر على أن الذود من الثلاثة إلى العشرة ، وأنه لا واحد له من لفظه . وقال أبو عبيد : من الثنتين إلى العشرة . قال : وهو يختص بالإناث . وقال سيبويه : تقول ثلاث ذود ، لأن الذود مؤنث ، وليس باسم كسر عليه مذكر . وقال القرطبي : أصله ذاد يذود إذا دفع شيئا فهو مصدر ، وكأن من كان عنده دفع عن نفسه معرة الفقر وشدة الفاقة والحاجة . وقوله : " من الإبل " بيان للذود . وأنكر ابن قتيبة أن يراد بالذود الجمع ، وقال : لا يصح أن يقال خمس ذود كما لا يصح أن يقال : خمس ثوب . وغلطه العلماء في ذلك ، لكن قال أبو حاتم السجستاني : تركوا القياس في الجمع ، فقالوا : خمس ذود لخمس من الإبل ، كما قالوا : ثلاثمائة على غير قياس . قال القرطبي : وهذا صريح في أن الذود واحد في لفظه ، والأشهر ما قاله المتقدمون : إنه لا يقصر على الواحد . قال الزين بن المنير أيضا : هذه الترجمة تتعلق بزكاة الإبل ، وإنما اقتطعها من ثم ، لأن الترجمة المتقدمة مسوقة للإيجاب وهذه للنفي ، فلذلك فصل بينهما بزكاة الغنم وتوابعه . كذا قال ، ولا يخفى تكلفه ، والذي يظهر لي أن لها تعلقا بالغنم التي تعطى في الزكاة من جهة أن الواجب في الخمس شاة ، وتعلقها بزكاة الإبل ظاهر ، فلها تعلق بهما كالتي قبلها .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 379 ] قوله : ( عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة المازني ) كذا وقع في رواية مالك ، والمعروف أنه محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة ، نسب إلى جده ، ونسب جده إلى جده .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن أبيه ) كذا رواه مالك . وروى إسحاق بن راهويه في مسنده عن أبي أسامة ، عن الوليد بن كثير ، عن محمد هذا عن عمرو بن يحيى ، وعباد بن تميم كلاهما عن أبي سعيد . ونقل البيهقي ، عن محمد بن يحيى الذهلي أن محمدا سمعه من ثلاثة أنفس ، وأن الطريقين محفوظان . وقد سبق باقي الكلام على حديث الباب في " باب زكاة الورق " .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية