الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
2414 حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16957محمد حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن nindex.php?page=showalam&ids=17257همام بن منبه أنه سمع nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة رضي الله عنه يحدث nindex.php?page=hadith&LINKID=652366عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال nindex.php?page=treesubj&link=32456_19508_27140_24554لا يقل أحدكم أطعم ربك وضئ ربك اسق ربك وليقل سيدي مولاي ولا يقل أحدكم عبدي أمتي وليقل فتاي وفتاتي وغلامي
ثالثها : حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، ومحمد شيخ المؤلف فيه لم أره منسوبا في شيء من الروايات إلا في رواية nindex.php?page=showalam&ids=13265أبي علي بن شبويه فقال : " حدثنا محمد بن سلام " وكذا حكاه الجياني عن رواية nindex.php?page=showalam&ids=12757أبي علي بن السكن ، وحكي عن nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم أنه الذهلي .
قلت : وقد أخرجه مسلم عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق فيحتمل أن يكون هو شيخ nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري فيه ، فقد حدث عنه في الصحيح أيضا ، وكلام الطرقي يشير إليه .
قوله : ( لا يقل أحدكم أطعم ربك إلخ ) هي أمثلة ، وإنما ذكرت دون غيرها لغلبة استعمالها في المخاطبات ، ويجوز في ألف " اسق " الوصل والقطع . وفيه nindex.php?page=treesubj&link=28693نهي العبد أن يقول لسيده : ربي ، كذلك نهي غيره فلا يقول له أحد : ربك ، ويدخل في ذلك أن يقول السيد ذلك عن نفسه فإنه قد يقول لعبده : اسق ربك فيضع الظاهر موضع الضمير على سبيل التعظيم لنفسه ، والسبب في النهي أن nindex.php?page=treesubj&link=28657حقيقة الربوبية لله تعالى ، لأن الرب هو المالك والقائم بالشيء فلا توجد حقيقة ذلك إلا لله تعالى . قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : سبب المنع أن الإنسان مربوب متعبد [ ص: 213 ] بإخلاص التوحيد لله وترك الإشراك معه ، فكره له المضاهاة في الاسم لئلا يدخل في معنى الشرك ، ولا فرق في ذلك بين الحر والعبد ، فأما ما لا تعبد عليه من سائر الحيوانات والجمادات فلا يكره إطلاق ذلك عليه عند الإضافة كقوله : رب الدار ورب الثوب ، وقال ابن بطال : لا يجوز أن يقال لأحد غير الله : رب ، كما لا يجوز أن يقال له : إله ا هـ .
والذي يختص بالله تعالى إطلاق الرب بلا إضافة ، أما مع الإضافة فيجوز إطلاقه كما في قوله تعالى حكاية عن يوسف - عليه السلام - : nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=42اذكرني عند ربك وقوله : nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=50ارجع إلى ربك وقوله - عليه الصلاة والسلام - في أشراط الساعة nindex.php?page=hadith&LINKID=887894nindex.php?page=treesubj&link=30209أن تلد الأمة ربها فدل على أن النهي في ذلك محمول على الإطلاق ، ويحتمل أن يكون النهي للتنزيه ، وما ورد من ذلك فلبيان الجواز . وقيل هو مخصوص بغير النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يرد ما في القرآن ، أو المراد النهي عن الإكثار من ذلك واتخاذ استعمال هذه اللفظة عادة ، وليس المراد النهي عن ذكرها في الجملة .
قوله : ( وليقل سيدي مولاي ) فيه جواز nindex.php?page=treesubj&link=18418_28693إطلاق العبد على مالكه سيدي ، قال القرطبي وغيره : إنما فرق بين الرب والسيد لأن nindex.php?page=treesubj&link=28723الرب من أسماء الله تعالى اتفاقا ، واختلف في السيد ، ولم يرد في القرآن أنه من أسماء الله تعالى . فإن قلنا : إنه ليس من أسماء الله تعالى فالفرق واضح إذ لا التباس وإن قلنا : إنه من أسمائه فليس في الشهرة والاستعمال كلفظ الرب فيحصل الفرق بذلك أيضا ، وقد روى أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي وأحمد والمصنف في " الأدب المفرد " من حديث عبد الله بن الشخير عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=887895السيد الله وقال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : إنما أطلقه لأن مرجع السيادة إلى معنى الرياسة على من تحت يده والسياسة له وحسن التدبير لأمره ، ولذلك سمي الزوج سيدا ، قال : وأما المولى فكثير التصرف في الوجوه المختلفة من ولي وناصر وغير ذلك ، ولكن لا يقال السيد ولا المولى على الإطلاق من غير إضافة إلا في صفة الله تعالى انتهى .
وفي الحديث جواز إطلاق مولاي أيضا ، وأما ما أخرجه مسلم nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من طريق الأعمش عن أبي صالح عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة في هذا الحديث نحوه وزاد nindex.php?page=hadith&LINKID=887896ولا يقل أحدكم مولاي فإن مولاكم الله ، ولكن ليقل سيدي فقد بين مسلم الاختلاف في ذلك على الأعمش وأن منهم من ذكر هذه الزيادة ومنهم من حذفها ، وقال عياض : حذفها أصح . وقال القرطبي : المشهور حذفها قال : وإنما صرنا إلى الترجيح للتعارض مع تعذر الجمع وعدم العلم بالتاريخ انتهى . ومقتضى ظاهر هذه الزيادة أن إطلاق السيد أسهل من إطلاق المولى ، وهو خلاف المتعارف ، فإن المولى يطلق على أوجه متعددة منها الأسفل والأعلى ، والسيد لا يطلق إلا على الأعلى ، فكان إطلاق المولى أسهل وأقرب إلى عدم الكراهة والله أعلم .
وقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة فلم يتعرض للفظ المولى إثباتا ولا نفيا ، أخرجه أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي والمصنف في " الأدب المفرد " بلفظ nindex.php?page=hadith&LINKID=887897لا يقولن أحدكم عبدي ولا أمتي ولا يقل المملوك ربي وربتي ، ولكن ليقل المالك : فتاي وفتاتي والمملوك : سيدي وسيدتي ، فإنكم المملوكون والرب الله تعالى ويحتمل أن يكون المراد النهي عن الإطلاق كما تقدم من كلام nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي ، ويؤيد كلامه حديث ابن الشخير المذكور والله أعلم ، وعن مالك تخصيص الكراهة بالنداء فيكره أن يقول يا سيدي ولا يكره في غير النداء .
قوله : ( ولا يقل أحدكم عبدي أمتي ) زاد المصنف في " الأدب المفرد " ومسلم من طريق العلاء [ ص: 214 ] بن عبد الرحمن عن أبيه عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=hadith&LINKID=887898كلكم عبيد الله وكل نسائكم إماء الله ونحو ما قدمته من رواية ابن سيرين ، فأرشد - صلى الله عليه وسلم - إلى العلة في ذلك لأن nindex.php?page=treesubj&link=19696حقيقة العبودية إنما يستحقها الله تعالى ، ولأن فيها تعظيما لا يليق بالمخلوق استعماله لنفسه . قال nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : المعنى في ذلك كله راجع إلى البراءة من الكبر والتزام الذل والخضوع لله عز وجل ، وهو الذي يليق بالمربوب .
قوله : ( وليقل فتاي وفتاتي وغلامي ) زاد مسلم في الرواية المذكورة " وجاريتي " إلى ما يؤدي المعنى مع السلامة من التعاظم ، لأن لفظ الفتى والغلام ليس دالا على محض الملك كدلالة العبد ، فقد كثر استعمال الفتى في الحر وكذلك الغلام والجارية ، قال النووي : المراد بالنهي من استعمله على جهة التعاظم لا من أراد التعريف انتهى . ومحله ما إذا لم يحصل التعريف بدون ذلك استعمالا للأدب في اللفظ كما دل عليه الحديث .