الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        4529 حدثني محمد بن عبد الله حدثنا محمد بن عبيد الطنافسي عن العوام قال سألت مجاهدا عن سجدة في ص فقال سألت ابن عباس من أين سجدت فقال أو ما تقرأ ومن ذريته داود وسليمان أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده فكان داود ممن أمر نبيكم صلى الله عليه وسلم أن يقتدي به فسجدها داود عليه السلام فسجدها رسول الله صلى الله عليه وسلم عجاب عجيب القط الصحيفة هو ها هنا صحيفة الحساب وقال مجاهد في عزة معازين الملة الآخرة ملة قريش الاختلاق الكذب الأسباب طرق السماء في أبوابها قوله جند ما هنالك مهزوم يعني قريشا أولئك الأحزاب القرون الماضية فواق رجوع قطنا عذابنا اتخذناهم سخريا أحطنا بهم أتراب أمثال وقال ابن عباس الأيد القوة في العبادة الأبصار البصر في أمر الله حب الخير عن ذكر ربي من ذكر طفق مسحا يمسح أعراف الخيل وعراقيبها الأصفاد الوثاق

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله ( حدثنا محمد بن عبد الله ) قال : الكلاباذي وابن طاهر : هو الذهلي نسب إلى جده ، وقال : غيرهما : يحتمل أن يكون محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي فإنه من هذه الطبقة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فسجدها داود فسجدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) سقط " فسجدها داود " من رواية غير أبي ذر ؛ وهذا أصرح في الرفع من رواية شعبة وقد تقدم الكلام على ما يتعلق بالسجود في " ص " في كتاب سجود التلاوة مستوفى ، واستدل بهذا على أن شرع من قبلنا شرع لنا وهي مسألة مشهورة في الأصول وقد تعرضنا لها في مكان آخر .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عجاب : عجيب ) هو قول أبي عبيدة قال : والعرب تحول فعيلا إلى فعال بالضم وهو مثل طويل وطوال ، قال : الشاعر :

                                                                                                                                                                                                        تعدو به سلهبة سراعة

                                                                                                                                                                                                        أي سريعة ، وقرأ عيسى بن عمر ونقلت عن علي " عجاب " بالتشديد وهو مثل كبار في قوله : مكروا مكرا كبارا وهو أبلغ من كبار بالتخفيف وكبار المخفف أبلغ من كبير .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( القط : الصحيفة هو هاهنا صحيفة الحسنات ) في رواية الكشميهني " الحساب " وكذا في رواية النسفي ، وذكر بعض الشراح بالعكس ، قال : أبو عبيدة : القط : الكتاب والجمع قطوط وقططة كقرد وقرود وقردة ، وأصله من قط الشيء أي قطعه والمعنى قطعة مما وعدتنا به ، ويطلق على الصحيفة قط لأنها قطعة تقطع ، وكذلك الصك ، ويقال للجائزة أيضا قط لأنها قطعة من العطية ، وأكثر استعماله في الكتاب ، وسيأتي له تفسير آخر قريبا . وعند عبد بن حميد من طريق عطاء أن قائل ذلك هو النضر بن الحارث .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال : مجاهد في عزة ) أي ( معازين ) وصله الفريابي من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد به ، وروى الطبري من طريق سعيد عن قتادة في قوله " في عزة " قال : في حمية ، ونقل عن الكسائي في رواية أنه قرأ " في غرة " بالمعجمة والراء ، وهي قراءة الجحدري وأبي جعفر .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( الملة الآخرة ملة قريش . الاختلاق الكذب ) وصله الفريابي أيضا عن مجاهد في قوله : " ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة " قال : ملة قريش " إن هذا إلا اختلاق " : كذب وأخرج الطبري من طريق علي بن أبي طلحة [ ص: 407 ] عن ابن عباس في قوله : الملة الآخرة قال : النصرانية . وعن السدي نحوه . وكذا قال : عبد الرزاق عن معمر عن الكلبي ، قال : وقال : قتادة : دينهم الذي هم عليه

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( جند ما هنالك مهزوم ، يعني قريشا ) سقط لفظ : " قوله " لغير أبي ذر ، وقد وصله الفريابي من طريق مجاهد في قوله : جند ما هنالك مهزوم قال : قريش ، وقوله جند خبر مبتدأ محذوف أي هم ، وما مزيدة أو صفة لجند وهنالك مشار به إلى مكان المراجعة ، ومهزوم صفة لجند أي سيهزمون بذلك المكان ، وهو من الإخبار بالغيب لأنهم هزموا بعد ذلك بمكة ، لكن يعكر على هذا ما أخرجه الطبري من طريق سعيد عن قتادة قال : وعده الله وهو بمكة أنه سيهزم جند المشركين ، فجاء تأويلها ببدر ، فعلى هذا فهنالك ظرف للمراجعة فقط ومكان الهزيمة لم يذكر .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( الأسباب طرق السماء في أبوابها ) وصله الفريابي من طريق بلفظ : " طرق السماء أبوابها " وقال : عبد الرزاق عن معمر عن قتادة : الأسباب هي أبواب السماء . وقال : أبو عبيدة : العرب تقول للرجل إذا كان ذا دين ارتقى فلان في الأسباب .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أولئك الأحزاب : القرون الماضية ) وصله الفريابي عن مجاهد .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فواق : رجوع ) وصله الفريابي من طريق مجاهد مثله ، وقال : عبد الرزاق عن معمر عن قتادة : ليس لها مثنوية وهي بمعنى قول مجاهد . وروى ابن أبي حاتم من طريق السدي ما لها من فواق يقول ليس لهم إفاقة ولا رجوع إلى الدنيا ، وقال : أبو عبيدة من فتحها أي الفاء قال : ما لها من راحة ، ومن ضمها جعلها من فواقي ناقة وهو ما بين الحلبتين ، والذي قرأ بضم الفاء حمزة والكسائي والباقون بفتحها ، وقال : قوم : المعنى بالفتح وبالضم واحد مثل قصاص الشعر يقال بضم القاف وبفتحها .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قطنا عذابنا ) وصله الفريابي من طريق مجاهد أيضا ، ولا منافاة بينه وبين ما تقدم فإنه محمول على أن المراد بقولهم : " قطنا " أي : نصيبنا من العذاب . وقد أخرج عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله " قطنا " قال : نصيبنا من العذاب وهو شبيه قولهم : وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك الآية ، وقول الآخرين ائتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين وقد أخرج الطبري من طريق إسماعيل بن أبي خالد قال : قوله قطنا أي رزقنا ، ومن طريق سعيد بن جبير قال : نصيبنا من الجنة ، ومن طريق السدي نحوه . ثم قال : وأولى الأقوال بالصواب أنهم سألوا تعجيل كتبهم بنصيبهم من الخير أو الشر الذي وعد الله عباده في الآخرة أن يعجل لهم ذلك في الدنيا استهزاء منهم وعنادا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( الصافنات صفن الفرس إلخ ) وقوله : الجياد : السراع . وقوله : جسدا : شيطانا . وقوله : رخاء : الرخاء الطيب . وقوله : حيث أصاب : حيث شاء . وقوله : فامنن : أعط وقوله : بغير حساب : بغير حرج . ثبت هذا كله للنسفي هنا وسقط للباقين وقد تقدم جميعه في ترجمة سليمان بن داود عليهما السلام من أحاديث الأنبياء .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( اتخذناهم سخريا : أحطنا بهم ) قال : الدمياطي في حواشيه لعله أحطناهم ، وتلقاه عن عياض فإنه قال : أحطنا بهم كذا وقع ولعله أحطناهم وحذف مع ذلك القول الذي هذا تفسيره وهو أم زاغت عنهم الأبصار انتهى وقد أخرجه ابن أبي حاتم من طريق مجاهد بلفظ أخطأناهم أم هم في النار لا نعلم مكانهم . وقال : ابن عطية المعنى [ ص: 408 ] ليسوا معنا أم هم معنا لكن أبصارنا تميل عنهم . وقال : أبو عبيدة من قرأها : " أتخذناهم " أي بهمزة قطع جعلها استفهاما وجعل أم جوابا ، ومن لم يستفهم فتحها على القطع ، ومعنى أم معنى بل ومثله : " أم أنا خير من هذا الذي هو مهين " انتهى والذي قرأها بهمزة وصل أبو عمرو وحمزة والكسائي .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أتراب : أمثال ) وصله الفريابي كذلك قال : أبو عبيدة : الأتراب جمع ترب وهو بكسر أوله من يولد في زمن واحد . وروى ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : أتراب : مستويان .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال : ابن عباس الأيد القوة في العبادة ) وصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله داود ذا الأيد قال : القوة ، ومن طريق مجاهد قال : القوة في الطاعة وقال : عبد الرزاق عن معمر عن قتادة ذا الأيد : ذا القوة في العبادة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( الأبصار البصر في أمر الله ) وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله أولي الأيدي والأبصار قال : أولي القوة في العبادة والفقه في الدين . ومن طريق منصور عن مجاهد قال : الأبصار : العقول .

                                                                                                                                                                                                        ( تنبيه ) : الأبصار وردت في هذه السورة عقب " الأيدي " لا عقب " الأيد " لكن في قراءة ابن مسعود " أولي الأيد والأبصار " من غير ياء فلعل البخاري فسره على هذه القراءة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حب الخير عن ذكر ربي إلى آخره ) سقط هذا لأبي ذر وقد تقدم في ترجمة سليمان بن داود من أحاديث الأنبياء .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( الأصفاد : الوثاق ) سقط هذا أيضا لأبي ذر وقد تقدم في ترجمة سليمان أيضا




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية