الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        4697 حدثنا عمرو بن محمد حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا أبي عن صالح بن كيسان عن ابن شهاب قال أخبرني أنس بن مالك رضي الله عنه أن الله تعالى تابع على رسوله صلى الله عليه وسلم الوحي قبل وفاته حتى توفاه أكثر ما كان الوحي ثم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        الحديث الخامس : قوله : ( حدثنا عمرو بن محمد ) هو الناقد ، وبذلك جزم أبو نعيم في " المستخرج " . وكذا أخرجه مسلم عن عمرو بن محمد الناقد وغيره عن يعقوب بن إبراهيم . ووقع في الأطراف لخلف " حدثنا عمرو بن علي الفلاس " ورأيت في نسخة معتمدة من رواية النسفي عن البخاري " حدثنا عمرو بن خالد " وأظنه تصحيفا ، والأول هو المعتمد ، فإن الثلاثة وإن كانوا معروفين من شيوخ البخاري ، لكن الناقد أخص من غيره بالرواية عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، ورواية صالح بن كيسان عن ابن شهاب من رواية الأقران ، بل صالح بن كيسان أكبر سنا من ابن شهاب وأقدم سماعا ، وإبراهيم بن سعد قد سمع من ابن شهاب كما سيأتي تصريحه بتحديثه له في الحديث الآتي بعد باب واحد .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( إن الله تابع على رسوله - صلى الله عليه وسلم - قبل وفاته ) كذا للأكثر ، وفي رواية أبي ذر " إن الله تابع على رسوله الوحي قبل وفاته " أي أكثر إنزاله قرب وفاته - صلى الله عليه وسلم - والسر في ذلك أن الوفود بعد فتح مكة كثروا وكثر سؤالهم عن الأحكام فكثر النزول بسبب ذلك . ووقع لي سبب تحديث أنس بذلك من رواية الدراوردي عن الإمامي عن الزهري " سألت أنس بن مالك : هل فتر الوحي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يموت ؟ قال : أكثر ما كان وأجمه " أورده ابن يونس في " تاريخ مصر " في ترجمة محمد بن سعيد بن أبي مريم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حتى توفاه أكثر ما كان الوحي ) أي الزمان الذي وقعت فيه وفاته كان نزول الوحي فيه أكثر من غيره من الأزمنة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ثم توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ) فيه إظهار ما تضمنته الغاية في قوله " حتى توفاه الله " ، وهذا الذي وقع أخيرا على خلاف ما وقع أولا ، فإن الوحي في أول البعثة فتر فترة ثم كثر ، وفي أثناء النزول بمكة لم ينزل من السور الطوال إلا القليل ، ثم بعد الهجرة نزلت السور الطوال المشتملة على غالب الأحكام ، إلا أنه كان الزمن الأخير من الحياة النبوية أكثر الأزمنة نزولا بالسبب المتقدم ، وبهذا تظهر مناسبة هذا الحديث للترجمة لتضمنه الإشارة إلى كيفية النزول .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية