الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        4700 حدثنا أبو نعيم حدثنا همام حدثنا عطاء وقال مسدد حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج قال أخبرني عطاء قال أخبرني صفوان بن يعلى بن أمية أن يعلى كان يقول ليتني أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ينزل عليه الوحي فلما كان النبي صلى الله عليه وسلمبالجعرانة عليه ثوب قد أظل عليه ومعه ناس من أصحابه إذ جاءه رجل متضمخ بطيب فقال يا رسول الله كيف ترى في رجل أحرم في جبة بعد ما تضمخ بطيب فنظر النبي صلى الله عليه وسلم ساعة فجاءه الوحي فأشار عمر إلى يعلى أن تعال فجاء يعلى فأدخل رأسه فإذا هو محمر الوجه يغط كذلك ساعة ثم سري عنه فقال أين الذي يسألني عن العمرة آنفا فالتمس الرجل فجيء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أما الطيب الذي بك فاغسله ثلاث مرات وأما الجبة فانزعها ثم اصنع في عمرتك كما تصنع في حجك

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال مسدد حدثنا يحيى ) في رواية أبي ذر " يحيى بن سعيد " وهو القطان ، وهذا الحديث وقع لنا موصولا في رواية مسدد من رواية معاذ بن المثنى عنه كما بينته في " تعليق التعليق " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( إن يعلى ) هو ابن أمية والد صفوان .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( كان يقول : ليتني أرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلخ ) هذا صورته مرسل ، لأن صفوان بن يعلى ما حضر القصة ، وقد أورده في كتاب العمرة من كتاب الحج بالإسناد الآخر المذكور هنا عن أبي نعيم عن همام فقال فيه " عن صفوان بن يعلى عن أبيه " فوضح أنه ساقه هنا على لفظ رواية ابن جريج ، وقد أخرجه أبو نعيم من طريق محمد بن خلاد عن يحيى بن سعيد بنحو اللفظ الذي ساقه المصنف هنا ، وقد تقدم شرح هذا الحديث مستوفى في كتاب الحج . وقد خفي وجه دخوله في هذا الباب على كثير من الأئمة حتى قال ابن كثير في تفسيره : ذكر هذا الحديث في الترجمة التي قبل هذه أظهر وأبين ، فلعل ذلك وقع من بعض النساخ . وقيل بل أشار المصنف بذلك إلى أن قوله تعالى وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه لا يستلزم أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - أرسل بلسان قريش فقط لكونهم قومه ، بل أرسل بلسان جميع العرب لأنه أرسل إليهم كلهم ، بدليل أنه خاطب الأعرابي الذي سأله بما يفهمه بعد أن نزل الوحي عليه بجواب مسألته فدل على أن الوحي كان ينزل عليه بما يفهمه السائل من العرب قرشيا كان أو غير قرشي ، والوحي أعم من أن يكون قرآنا يتلى أو لا يتلى . قال ابن بطال : مناسبة الحديث للترجمة أن الوحي كله متلوا كان أو غير متلو إنما نزل بلسان العرب ، ولا يرد على هذا كونه - صلى الله عليه وسلم - بعث إلى الناس كافة عربا وعجما وغيرهم لأن اللسان [ ص: 627 ] الذي نزل عليه به الوحي عربي وهو يبلغه إلى طوائف العرب وهم يترجمونه لغير العرب بألسنتهم ، ولذا قال ابن المنير : كان إدخال هذا الحديث في الباب الذي قبله أليق ، لكن لعله قصد التنبيه على أن الوحي بالقرآن والسنة كان على صفة واحدة ولسان واحد .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية