الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                503 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب جميعا عن وكيع قال زهير حدثنا وكيع حدثنا سفيان حدثنا عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بمكة وهو بالأبطح في قبة له حمراء من أدم قال فخرج بلال بوضوئه فمن نائل وناضح قال فخرج النبي صلى الله عليه وسلم عليه حلة حمراء كأني أنظر إلى بياض ساقيه قال فتوضأ وأذن بلال قال فجعلت أتتبع فاه ها هنا وها هنا يقول يمينا وشمالا يقول حي على الصلاة حي على الفلاح قال ثم ركزت له عنزة فتقدم فصلى الظهر ركعتين يمر بين يديه الحمار والكلب لا يمنع ثم صلى العصر ركعتين ثم لم يزل يصلي ركعتين حتى رجع إلى المدينة

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله : ( وهو بالأبطح ) هو الموضع المعروف على باب مكة ، ويقال لها البطحاء أيضا .

                                                                                                                قوله : ( فمن نائل وناضح ) معناه فمنهم من ينال منه شيئا ، ومنهم من ينضح عليه غيره شيئا مما ناله ويرش عليه بللا مما حصل له ، وهو معنى ما جاء في الحديث الآخر فمن لم يصب أخذ من يد صاحب .

                                                                                                                قوله : ( فخرج بلال بوضوء فمن نائل وناضح فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - فتوضأ ) فيه تقديم وتأخير تقديره فتوضأ فمن نائل بعد ذلك وناضح تبركا بآثاره - صلى الله عليه وسلم - وقد جاء مبينا في الحديث الآخر : فرأيت الناس يأخذون من فضل وضوئه ، ففيه التبرك بآثار الصالحين واستعمال فضل طهورهم وطعامهم وشرابهم ولباسهم .

                                                                                                                قوله : ( عليه حلة حمراء ) قال أهل اللغة : الحلة ثوبان لا يكون واحدا ، وهما إزار ورداء ونحوهما ، وفيه جواز لباس الأحمر .

                                                                                                                قوله : ( كأني أنظر إلى بياض ساقيه ) فيه أن الساق ليست بعورة وهذا مجمع عليه .

                                                                                                                قوله : ( فأذن بلال ) فيه الأذان في السفر . قال الشافعي رضي الله عنه : ولا أكره من تركه في [ ص: 164 ] السفر ما أكره من تركه في الحضر لأن أمر المسافر مبني على التخفيف .

                                                                                                                قوله : ( فأذن بلال فجعلت أتتبع فاه هاهنا وهاهنا يقول يمينا وشمالا حي على الصلاة حي على الفلاح ) فيه أنه يسن للمؤذن الالتفات في الحيعلتين يمينا وشمالا برأسه وعنقه . قال أصحابنا : ولا يحول قدميه وصدره عن القبلة ، وإنما يلوي رأسه وعنقه . واختلفوا في كيفية التفاته على مذاهب ، وهي ثلاثة أوجه لأصحابنا أصحها وهو قول الجمهور أنه يقول : ( حي على الصلاة ) مرتين عن يمينه ، ثم يقول عن يساره مرتين : ( حي على الفلاح ) .

                                                                                                                والثاني يقول عن يمينه حي على الصلاة مرة ثم مرة عن يساره ، ثم يقول حي على الفلاح مرة عن يمينه ثم مرة عن يساره .

                                                                                                                والثالث يقول عن يمينه حي على الصلاة ثم يعود إلى القبلة . ثم يعود إلى الالتفات عن يمينه فيقول حي على الصلاة ، ثم يلتفت عن يساره فيقول حي على الفلاح ثم يعود إلى القبلة ، ويلتفت عن يساره فيقول حي على الفلاح .

                                                                                                                قوله : ( ثم ركزت له عنزة ) هي عصا في أسفلها حديدة ، وفيه دليل على جواز استعانة الإمام بمن يركز له عنزة ونحو ذلك .

                                                                                                                قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( فصلى الظهر ركعتين ) فيه أن الأفضل قصر الصلاة في السفر ، وإن كان بقرب بلد ما لم ينو الإقامة أربعة أيام فصاعدا .

                                                                                                                قوله : ( يمر بين يديه الحمار والكلب لا يمنع ) معناه يمر الحمار والكلب وراء السترة وقدامها إلى [ ص: 165 ] القبلة كما قال في الحديث الآخر : ورأيت الناس والدواب يمرون بين يدي العنزة ، وفي الحديث الآخر فيمر من ورائها المرأة والحمار ، وفي الحديث السابق ولا يضره من مر وراء ذلك .




                                                                                                                الخدمات العلمية