الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
باب الحث على إكرام الجار والضيف ولزوم الصمت إلا عن الخير وكون ذلك كله من الإيمان
47 حدثني nindex.php?page=showalam&ids=15708حرملة بن يحيى أنبأنا nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب قال أخبرني nindex.php?page=showalam&ids=17423يونس عن nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب عن nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة بن عبد الرحمن عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=hadith&LINKID=657075عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال nindex.php?page=treesubj&link=28647_30572_24549_24546_19137_32660_18109_18119_30179_30495من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه
[ ص: 214 ]
[ ص: 214 ] قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=753843من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ) وفي الرواية الأخرى ( nindex.php?page=hadith&LINKID=753844فلا يؤذي جاره ) قال أهل اللغة : يقال : صمت يصمت بضم الميم صمتا وصموتا وصماتا أي سكت . قال الجوهري : ويقال أصمت بمعنى صمت والتصميت السكوت . والتصميت أيضا التسكيت . قال القاضي عياض - رحمه الله - : معنى الحديث أن من التزم شرائع الإسلام لزمه إكرام جاره وضيفه ، وبرهما . وكل ذلك تعريف بحق الجار ، وحث على حفظه . وقد أوصى الله تعالى بالإحسان إليه في كتابه العزيز . وقال - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=753845ما زال جبريل عليه السلام يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه . nindex.php?page=treesubj&link=24547والضيافة من آداب الإسلام ، وخلق النبيين والصالحين . وقد أوجبها الليث nindex.php?page=treesubj&link=24550ليلة واحدة . واحتج بالحديث : " nindex.php?page=hadith&LINKID=753846ليلة الضيف حق واجب على كل مسلم " وبحديث عقبة : " nindex.php?page=hadith&LINKID=753847إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بحق الضيف فاقبلوا ، وإن لم يفعلوا فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم " وعامة الفقهاء على أنها من مكارم الأخلاق . وحجتهم قوله - صلى الله عليه وسلم - : " جائزته يوم وليلة " والجائزة العطية والمنحة والصلة وذلك لا يكون إلا مع الاختيار . وقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( فليكرم وليحسن ) يدل على هذا أيضا إذ ليس يستعمل مثله في الواجب مع أنه مضموم إلى nindex.php?page=treesubj&link=18086الإكرام للجار والإحسان إليه ، وذلك غير واجب . وتأولوا الأحاديث أنها كانت في أول الإسلام إذ كانت المواساة واجبة . واختلفوا nindex.php?page=treesubj&link=24551هل الضيافة على الحاضر والبادي أم على البادي خاصة ؟ فذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رضي الله عنه - ، ومحمد بن الحكم إلى أنها عليهما . وقال مالك nindex.php?page=showalam&ids=15968وسحنون : إنما ذلك على أهل البوادي لأن المسافر يجد في الحضر المنازل في الفنادق ومواضع النزول ، وما يشتري من المأكل في الأسواق . وقد جاء في حديث " الضيافة على أهل الوبر وليست على أهل المدر " ولكن هذا الحديث عند أهل المعرفة موضوع . وقد تتعين nindex.php?page=treesubj&link=24551الضيافة لمن اجتاز محتاجا وخيف عليه ، وعلى أهل الذمة إذا اشترطت عليهم . هذا كلام القاضي .
وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=753848فليقل خيرا أو ليصمت ) فمعناه أنه إذا أراد أن يتكلم فإن كان ما يتكلم به خيرا محققا يثاب عليه ، واجبا أو مندوبا فليتكلم . وإن لم يظهر له أنه خير يثاب عليه ، فليمسك عن الكلام سواء ظهر له أنه حرام أو مكروه أو مباح مستوي الطرفين . فعلى هذا يكون الكلام المباح مأمورا بتركه مندوبا إلى الإمساك عنه مخافة من انجراره إلى المحرم أو المكروه . وهذا يقع في العادة كثيرا أو غالبا .
[ ص: 215 ] وقد قال الله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=18ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد واختلف السلف والعلماء في أنه nindex.php?page=treesubj&link=29655هل يكتب جميع ما يلفظ به العبد وإن كان مباحا لا ثواب فيه ولا عقاب لعموم الآية أم لا يكتب إلا ما فيه جزاء من ثواب أو عقاب ؟ وإلى الثاني ذهب ابن عباس - رضي الله عنهما - ، وغيره من العلماء . وعلى هذا تكون الآية مخصوصة ، أي ما يلفظ من قول يترتب عليه جزاء . وقد ندب الشرع إلى nindex.php?page=treesubj&link=18604الإمساك عن كثير من المباحات لئلا ينجر صاحبها إلى المحرمات أو المكروهات . وقد أخذ الإمام nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رضي الله عنه - معنى الحديث فقال : إذا أراد أن يتكلم فليفكر ; فإن ظهر له أنه لا ضرر عليه تكلم ، وإن ظهر له فيه ضرر ، أو شك فيه أمسك . وقد قال الإمام الجليل أبو محمد عبد الله بن أبي زيد إمام المالكية بالمغرب في زمنه : جماع آداب الخير يتفرع من أربعة أحاديث : قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=753849من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ، وقوله - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=753850من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه وقوله - صلى الله عليه وسلم - للذي اختصر له الوصية : nindex.php?page=hadith&LINKID=753851لا تغضب ، وقوله - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=753852لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه . والله أعلم .
وروينا عن الأستاذ nindex.php?page=showalam&ids=14999أبي القاسم القشيري - رحمه الله - قال : الصمت بسلامة وهو الأصل والسكوت في وقته صفة الرجال كما أن النطق في موضعه من أشرف الخصال قال : وسمعت أبا علي الدقاق يقول : من سكت عن الحق فهو شيطان أخرس . قال : فأما إيثار أصحاب المجاهدة السكوت فلما علموا ما في الكلام من الآفات ، ثم ما فيه من حظ النفس ، وإظهار صفات المدح ، والميل إلى أن يتميز من بين أشكاله بحسن النطق ، وغير هذا من الآفات وذلك نعت أرباب الرياضة ، وهو أحد أركانهم في حكم المنازلة وتهذيب الخلق . وروينا عن الفضيل بن عياض - رحمه الله - قال : من عد كلامه من عمله قل كلامه فيما لا يعنيه . وعن nindex.php?page=showalam&ids=15874ذي النون - رحمه الله - : أصون الناس لنفسه أمسكهم للسانه . والله أعلم .