الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                885 وحدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا أبي حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن جابر بن عبد الله قال شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة يوم العيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة ثم قام متوكئا على بلال فأمر بتقوى الله وحث على طاعته ووعظ الناس وذكرهم ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن فقال تصدقن فإن أكثركن حطب جهنم فقامت امرأة من سطة النساء سفعاء الخدين فقالت لم يا رسول الله قال لأنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير قال فجعلن يتصدقن من حليهن يلقين في ثوب بلال من أقرطتهن وخواتمهن

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله : ( فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة ) هذا دليل على أنه لا أذان ولا إقامة للعيد ، وهو إجماع العلماء اليوم ، وهو المعروف من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء الراشدين . ونقل عن بعض السلف فيه شيء خلاف إجماع من قبله وبعده ، ويستحب أن يقال فيها : الصلاة جامعة بنصبها الأول على الإغراء والثاني على الحال .

                                                                                                                [ ص: 482 ] قوله : ( فقالت امرأة من سطة النساء ) هكذا هو في النسخ سطة بكسر السين وفتح الطاء المخففة ، وفي بعض النسخ ( واسطة النساء ) قال القاضي : معناه من خيارهن ، والوسط العدل والخيار قال : وزعم حذاق شيوخنا أن هذا الحرف مغير في كتاب مسلم ، وأن صوابه ( من سفلة النساء ) وكذا رواه ابن أبي شيبة في مسنده ، والنسائي في سننه ، وفي رواية لابن أبي شيبة امرأة ليست من علية النساء ، وهذا ضد التفسير الأول ، ويعضده قوله : بعده سفعاء الخدين ، هذا كلام القاضي ، وهذا الذي ادعوه من تغيير الكلمة غير مقبول بل هي صحيحة ، وليس المراد بها من خيار النساء كما فسره هو ، بل المراد امرأة من وسط النساء جالسة في وسطهن . قال الجوهري وغيره من أهل اللغة : يقال وسطت القوم أسطهم وسطا وسطة أي توسطتهم .

                                                                                                                قوله : ( سفعاء الخدين ) بفتح السين المهملة أي فيها تغير وسواد .

                                                                                                                قوله - صلى الله عليه وسلم : ( تكثرن الشكاة ) هو بفتح الشين أي الشكوى .

                                                                                                                قوله - صلى الله عليه وسلم : ( وتكفرن العشير ) قال أهل اللغة : يقال : هو العشير المعاشر والمخالط ، وحمله الأكثرون هنا على الزوج . وقال آخرون : هو كل مخالط . قال الخليل : يقال : هو العشير والشعير على القلب .

                                                                                                                [ ص: 483 ] ومعنى الحديث أنهن يجحدن الإحسان لضعف عقلهن وقلة معرفتهن فيستدل به على ذم من يجحد إحسان ذي إحسان .

                                                                                                                قوله : ( من أقرطتهن ) هو جمع قرط . قال ابن دريد : كل ما علق من شحمة الأذن فهو قرط سواء كان من ذهب أو خرز وأما الخرص فهو الحلقة الصغيرة من الحلي . قال القاضي : قيل : الصواب قرطتهن بحذف الألف وهو المعروف في جمع قرط كخرج وخرجة ، ويقال في جمعه قراط كرمح ورماح . قال القاضي : لا يبعد صحة أقرطة ، ويكون جمع جمع أي جمع قراط لا سيما وقد صح في الحديث .




                                                                                                                الخدمات العلمية