الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                1538 حدثني أبو كريب محمد بن العلاء حدثنا محمد بن فضيل عن أبيه عن ابن أبي نعم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تبتاعوا الثمار حتى يبدو صلاحها

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله : ( عن ابن أبي نعم ) هو بإسكان العين بلا ياء بعدها واسمه دكين بن الفضيل ، وشروح مسلم كلها ساكتة عنه .

                                                                                                                أما أحكام الباب فإن باع الثمرة قبل بدو صلاحها بشرط القطع صح بالإجماع ، قال أصحابنا : ولو شرط القطع ثم لم يقطع فالبيع صحيح ويلزمه البائع بالقطع ، فإن تراضيا على إبقائه جاز وإن باعها بشرط التبقية فالبيع باطل بالإجماع ، لأنه ربما تلفت الثمرة قبل إدراكها فيكون البائع قد أكل مال أخيه بالباطل كما جاءت به الأحاديث .

                                                                                                                وأما إذا شرط القطع فقد انتفى هذا الضرر . وإن باعها مطلقا بلا شرط فمذهبنا ومذهب جمهور العلماء أن البيع باطل لإطلاق هذه الأحاديث ، وإنما صححناه بشرط القطع للإجماع فخصصنا الأحاديث بالإجماع فيما إذا شرط القطع ولأن العادة في الثمار الإبقاء فصار كالمشروط .

                                                                                                                وأما إذا بيعت الثمرة بعد بدو الصلاح فيجوز بيعها مطلقا وبشرط القطع وبشرط التبقية لمفهوم هذه الأحاديث ، ولأن ما بعد الغاية يخالف ما قبلها إذا لم يكن من جنسها ، ولأن الغالب فيها السلامة بخلاف ما قبل الصلاح . ثم إذا بيعت بشرط التبقية أو مطلقا يلزم البائع بسقايتها إلى أوان الجذاذ لأن ذلك هو العادة فيها . هذا مذهبنا وبه قال مالك . وقال أبو حنيفة : يجب شرط القطع ، والله أعلم .

                                                                                                                [ ص: 141 ] قوله : ( وعن السنبل حتى يبيض ) فيه دليل لمذهب مالك والكوفيين وأكثر العلماء أنه يجوز بيع السنبل المشتد ، وأما مذهبنا ففيه تفصيل ; فإن كان السنبل شعيرا أو ذرة أو ما في معناهما مما ترى حباته جاز بيعه ، وإن كان حنطة ونحوها مما تستر حباته بالقشور التي تزال بالدياس ففيه قولان للشافعي رضي الله عنه : الجديد أنه لا يصح وهو أصح قوليه ، والقديم أنه يصح . وأما قبل الاشتداد فلا يصح بيع الزرع إلا بشرط القطع كما ذكرنا ، وإذا باع الزرع قبل الاشتداد مع الأرض بلا شرط جاز تبعا للأرض وكذا الثمر قبل بدو الصلاح إذا بيع مع الشجر جاز بلا شرط تبعا وهكذا حكم البقول في الأرض ، لا يجوز بيعها في الأرض دون الأرض إلا بشرط القطع ، وكذا لا يصح بيع البطيخ ونحوه قبل بدو صلاحه وفروع المسألة كثيرة ، وقد نقحت مقاصدها في روضة الطالبين ، وشرح المهذب ، وجمعت فيها جملا مستكثرات وبالله التوفيق .

                                                                                                                قوله في الحديث ( نهى البائع والمشتري ) أما البائع فلأنه يريد أكل المال بالباطل وأما المشتري فلأنه يوافقه على حرام ولأنه يضيع ماله وقد نهي عن إضاعة المال .




                                                                                                                الخدمات العلمية