الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                2498 حدثنا عبد الله بن براد أبو عامر الأشعري وأبو كريب محمد بن العلاء واللفظ لأبي عامر قالا حدثنا أبو أسامة عن بريد عن أبي بردة عن أبيه قال لما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من حنين بعث أبا عامر على جيش إلى أوطاس فلقي دريد بن الصمة فقتل دريد وهزم الله أصحابه فقال أبو موسى وبعثني مع أبي عامر قال فرمي أبو عامر في ركبته رماه رجل من بني جشم بسهم فأثبته في ركبته فانتهيت إليه فقلت يا عم من رماك فأشار أبو عامر إلى أبي موسى فقال إن ذاك قاتلي تراه ذلك الذي رماني قال أبو موسى فقصدت له فاعتمدته فلحقته فلما رآني ولى عني ذاهبا فاتبعته وجعلت أقول له ألا تستحيي ألست عربيا ألا تثبت فكف فالتقيت أنا وهو فاختلفنا أنا وهو ضربتين فضربته بالسيف فقتلته ثم رجعت إلى أبي عامر فقلت إن الله قد قتل صاحبك قال فانزع هذا السهم فنزعته فنزا منه الماء فقال يا ابن أخي انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقرئه مني السلام وقل له يقول لك أبو عامر استغفر لي قال واستعملني أبو عامر على الناس ومكث يسيرا ثم إنه مات فلما رجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم دخلت عليه وهو في بيت على سرير مرمل وعليه فراش وقد أثر رمال السرير بظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وجنبيه فأخبرته بخبرنا وخبر أبي عامر وقلت له قال قل له يستغفر لي فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء فتوضأ منه ثم رفع يديه ثم قال اللهم اغفر لعبيد أبي عامر حتى رأيت بياض إبطيه ثم قال اللهم اجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك أو من الناس فقلت ولي يا رسول الله فاستغفر فقال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه وأدخله يوم القيامة مدخلا كريما قال أبو بردة إحداهما لأبي عامر والأخرى لأبي موسى

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله : ( فنزا منه الماء ) هو بالنون والزاي أي ظهر وارتفع ، وجرى ولم ينقطع .

                                                                                                                قوله : ( على سرير مرمل ، وعليه فراش ، وقد أثر رمال السرير بظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم ) أما ( مرمل ) فبإسكان الراء وفتح الميم ، ورمال بكسر الراء وضمها ، وهو الذي ينسج في وجهه بالسعف ونحوه ، ويشد بشريط ونحوه ، يقال منه : أرملته فهو مرمل وحكي رملته فهو مرمول .

                                                                                                                [ ص: 49 ] وأما قوله : ( وعليه فراش ) فكذا وقع في صحيح البخاري ومسلم ، فقال القابسي : الذي أحفظه في غير هذا السند ( عليه فراش ) قال : وأظن لفظة ( ما ) سقطت لبعض الرواة ، وتابعه القاضي عياض وغيره على أن لفظة ( ما ) ساقطة ، وأن الصواب إثباتها . قالوا : وقد جاء في حديث عمر في تخيير النبي صلى الله عليه وسلم أزواجه على رمال سرير ليس بينه وبينه فراش ، قد أثر الرمال بجنبيه .

                                                                                                                قوله : ( ثم رفع يديه ، ثم قال : اللهم اغفر لعبيد أبي عامر حتى رأيت بياض إبطيه إلى آخره ) فيه استحباب الدعاء ، واستحباب رفع اليدين فيه ، وأن الحديث الذي رواه أنس أنه لم يرفع يديه إلا في ثلاثة مواطن محمول على أنه لم يره ، وإلا فقد ثبت الرفع في مواطن كثيرة فوق ثلاثين موطنا .




                                                                                                                الخدمات العلمية