الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      95 حدثنا محمد بن الصباح البزاز حدثنا شريك عن عبد الله بن عيسى عن عبد الله بن جبر عن أنس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ بإناء يسع رطلين ويغتسل بالصاع قال أبو داود رواه يحيى بن آدم عن شريك قال عن ابن جبر بن عتيك قال ورواه سفيان عن عبد الله بن عيسى حدثني جبر بن عبد الله قال أبو داود ورواه شعبة قال حدثني عبد الله بن عبد الله بن جبر سمعت أنسا إلا أنه قال يتوضأ بمكوك ولم يذكر رطلين قال أبو داود و سمعت أحمد بن حنبل يقول الصاع خمسة أرطال وهو صاع ابن أبي ذئب وهو صاع النبي صلى الله عليه وسلم

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( يسع رطلين ) : من الماء ، والرطل معيار يوزن به وكسره أشهر من فتحه ، وهو بالبغدادي اثنتا عشرة أوقية ، والأوقية أستار وثلثا أستار ، والأستار أربعة مثاقيل ونصف مثقال ، والمثقال درهم وثلاثة أسباع درهم ، والدرهم ستة دوانيق ، والدانق ثماني حبات وخمسا حبة ، وعلى هذا فالرطل تسعون مثقالا وهي مائة درهم وثمانية وعشرون درهما وأربعة أسباع درهم ، والجمع أرطل .

                                                                      والرطل مكيال أيضا وهو بالكسر ، وبعضهم يحكي [ ص: 136 ] فيه بالفتح . كذا في المصباح

                                                                      ( إلا أنه ) : أي شعبة ( بمكوك ) : بفتح الميم وضم الكاف الأولى وتشديدها جمعه مكاكيك ومكاكي ، ولعل المراد بالمكوك هاهنا المد . قاله النووي .

                                                                      وقال ابن الأثير : أراد بالمكوك المد وقيل الصاع ، والأول أشبه وجمعه المكاكي بإبدال الياء من الكاف الأخيرة .

                                                                      والمكوك اسم للمكيال ويختلف مقداره باختلاف الاصطلاح في البلاد . انتهى .

                                                                      قلت : المراد بالمكوك هاهنا المد لا غير لأنه جاء في حديث آخر مفسرا بالمد .

                                                                      قال القرطبي : الصحيح أن المراد به هاهنا المد بدليل الرواية الأخرى .

                                                                      وقال الشيخ ولي الدين العراقي في صحيح ابن حبان في آخر الحديث : قال أبو خيثمة : المكوك : المد ( ولم يذكر ) : شعبة كما ذكر عبد الله بن عيسى ( عتيك ) : بفتح العين وكسر التاء الفوقانية ( قال ) : أبو داود وحاصل الكلام أنهم اختلفوا في اسم الراوي عن أنس ، فقال شعبة : هو عبد الله بن عبد الله بن جبر ، ومنهم من نسبه إلى جده ، فقال شريك : هو عبد الله بن جبر .

                                                                      وقال يحيى بن آدم : هو ابن جبر ، وأما سفيان فقال جبر بن عبد الله ، والصحيح المحفوظ : عبد الله بن عبد الله بن جبر بن عتيك لاتفاق أكثر الحفاظ عليه والله أعلم ( وهو ) : أي ما قاله أحمد في تقدير الصاع ( ابن أبي ذئب ) : هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب أبو الحارث المدني أحد الأئمة عن نافع والزهري وشرحبيل وعنه الثوري ويحيى بن سعيد القطان وأبو نعيم وجماعة .

                                                                      قال الحافظ : هو أحد الأئمة الأكابر العلماء الثقاة ، لكن قال ابن المديني : كانوا يوهنونه في الزهري وكذا وثقه أحمد ولم يرضه في الزهري ، ورمي بالقدر ، ولم يثبت عنه ، بل نفى ذلك عنه مصعب الزبيري وغيره ، وكان أحمد يعظمه جدا حتى قدمه في الورع على مالك ، وإنما تكلموا في سماعه عن الزهري لأنه كان وقع بينه وبين الزهري شيء ، فحلف الزهري أن لا يحدثه ثم ندم .

                                                                      وقال عمرو بن علي الفلاس : هو أحب إلي في الزهري من كل شامي ( وهو ) : أي صاع ابن أبي ذئب كصاع النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو ما يسع فيه خمسة أرطال [ ص: 137 ] وثلثا من الماء .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه النسائي ولفظه : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بمكوك ، ويغتسل بخمس مكاكي " ، وأخرجه مسلم ولفظه : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل بخمس مكاكيك ويتوضأ بمكوك " وفي رواية مكاكي .




                                                                      الخدمات العلمية