الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      200 حدثنا شاذ بن فياض حدثنا هشام الدستوائي عن قتادة عن أنس قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رءوسهم ثم يصلون ولا يتوضئون قال أبو داود زاد فيه شعبة عن قتادة قال كنا نخفق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورواه ابن أبي عروبة عن قتادة بلفظ آخر

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( حدثنا شاذ ) : بالشين المعجمة والذال المعجمة المشددة ( بن فياض ) : بالفاء والياء المشددة اسمه هلال ولقبه شاذ أبو عبيدة البصري . قال أبو حاتم ثقة ( الدستوائي ) : بفتح الدال منسوب إلى الدستواء وهي كورة من كور الأهواز أو قرية ، وقيل هو منسوب إلى [ ص: 263 ] بيع الثياب الدستوائية التي تجلب منها قاله ابن الأثير ( العشاء الآخرة ) : العشي والعشية من صلاة المغرب إلى العتمة ، تقول : أتيته عشية أمس وعشي أمس ، والعشاء بالكسر والمد ، والعشاءان المغرب والعتمة ، وزعم قوم أن العشاء من زوال الشمس إلى طلوع الفجر ، وأنشدوا :

                                                                      غدونا غدوة سحرا بليل عشاء بعد ما انتصف النهار

                                                                      والعشاء بالفتح والمد : الطعام بعينه وهو خلاف الغداء كذا في الصحاح ( حتى تخفق رءوسهم ) : خفق يخفق من باب ضرب يضرب يقال : خفق برأسه خفقة أو خفقتين : إذا أخذته سنة من النعاس فمال رأسه دون جسده كذا في المصباح . قال الخطابي : معناه تسقط أذقانهم على صدورهم ( ثم لا يصلون ولا يتوضئون ) : قال الخطابي في هذا الحديث من الفقه أن عين النوم ليس بحدث ولو كان حدثا لكان أي حال وجد ناقضا للطهارة كسائر الأحداث التي قليلها وكثيرها وعمدها وخطؤها سواء في نقض الطهارة ، وإنما هو مظنة للحدث موهم لوقوعه من النائم غالبا فإذا كان بحال من التماسك في الاستواء في القعود المانع من خروج الحدث منه كان محكوما ببقاء الطهارة المتقدمة ، وإذا لم يكن كذلك بل يكون مضطجعا أو ساجدا أو قائما أو مائلا إلى أحد شقيه أو على حالة يسهل معها خروج الحدث من حيث لا يشعر بذلك كان أمره محمولا على أنه قد أحدث ، لأنه قد يكون منه الحدث في تلك الحال غالبا ، ولو كان نوم القاعد ناقضا للطهارة لم يجز على عامة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بين أظهرهم والوحي ينزل عليه أن يصلوا محدثين بحضرته ، فدل أن النوم إذا كان بهذه الصفة غير ناقض للطهر . وفي قوله : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون إلخ دليل على أن ذلك أمر كان يتواتر منهم وأنه قد كثر حتى صار كالعادة لهم وأنه لم يكن نادرا في بعض الأحوال ، وذلك يؤكد ما قلناه من أن عين النوم ليس بحدث . انتهى كلامه . قال المنذري : وأخرج مسلم من وجه آخر عن أنس قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينامون ثم يصلون ولا يتوضئون . [ ص: 264 ] انتهى ( ابن عروبة ) : بفتح العين وبضم الراء المخففة : هو سعيد بن أبي عروبة ( عن قتادة بلفظ آخر ) : لعله يشير إلى ما أخرجه في أبواب قيام الليل حدثنا أبو كامل أخبرنا يزيد بن زريع أخبرنا سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك في هذه الآية : تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم قال : كانوا يتيقظون ما بين المغرب والعشاء يصلون . قال ابن كثير في تفسيره عن أنس وعكرمة ومحمد بن المنكدر وأبي حازم وقتادة هو الصلاة بين العشاءين . وعن أنس أيضا هو انتظار صلاة العتمة . رواه ابن جرير بإسناد جيد . انتهى .




                                                                      الخدمات العلمية