الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      2726 حدثنا محبوب بن موسى أبو صالح أخبرنا أبو إسحق الفزاري عن كليب بن وائل عن هانئ بن قيس عن حبيب بن أبي مليكة عن ابن عمر قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام يعني يوم بدر فقال إن عثمان انطلق في حاجة الله وحاجة رسول الله وإني أبايع له فضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهم ولم يضرب لأحد غاب غيره

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( يعني يوم بدر ) : تفسير من أحد الرواة ( في حاجة الله وحاجة رسوله ) : أي في خدمتهما وسبيلهما وأمر دينهما وعثمان رضي الله عنه تخلف في المدينة لتمريض رقية [ ص: 316 ] بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي زوجته ، وماتت ودفنت وهو ببدر صلى الله عليه وسلم ( وإني أبايع له ) : أي لأجله وبدله ، فضرب بيمينه صلى الله عليه وسلم على شماله وقال هذه يد عثمان رضي الله عنه وهذا فيه إشكال وإني أراه وهما من بعض الرواة .

                                                                      ووجه الإشكال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما بايع عن عثمان في غزوة الحديبية كما في عامة كتب الحديث والسير لا في غزوة بدر والذي وقع في بدر أن النبي صلى الله عليه وسلم خلفه على ابنته رقية وكانت مريضة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لك أجر رجل ممن شهد بدرا وسهمه كما في صحيح البخاري في باب مناقب عثمان قال جاء رجل من أهل مصر وحج البيت فرأى قوما جلوسا فقال : من هؤلاء القوم ؟ قال هؤلاء قريش ، قال : فمن الشيخ فيهم ؟ قالوا : عبد الله بن عمر قال : يا ابن عمر إني سائلك عن شيء فحدثني عنه هل تعلم أن عثمان فر يوم أحد ؟ قال : نعم .

                                                                      فقال : تعلم أنه تغيب عن بدر ولم يشهد ؟ قال : نعم .

                                                                      قال الرجل : هل تعلم أنه تغيب عن بيعة الرضوان فلم يشهدها ؟

                                                                      قال : نعم .

                                                                      قال : الله أكبر .

                                                                      قال ابن عمر تعال أبين لك ، أما فراره يوم أحد فأشهد أن الله عفا عنه وغفر له .

                                                                      وأما تغيبه عن بدر فإنه كان تحته بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت مريضة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن لك أجر رجل ممن شهد بدرا وسهمه .

                                                                      وأما تغيبه عن بيعة الرضوان فلو كان أحد أعز ببطن مكة من عثمان لبعثه مكانه فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان وكانت بيعة الرضوان بعد ما ذهب عثمان إلى مكة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده اليمنى : هذه يد عثمان فضرب بها على يده فقال : هذه لعثمان .

                                                                      فقال له ابن عمر : اذهب بها الآن معك
                                                                      انتهى .

                                                                      فكانت بيعة الرضوان في غزوة الحديبية لا في غزوة بدر .

                                                                      والسبب في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث عثمان ليعلم قريشا أنه إنما جاء معتمرا لا محاربا ففي غيبة عثمان شاع عندهم أن المشركين تعرضوا لحرب المسلمين فاستعد المسلمون للقتال وبايعهم النبي صلى الله عليه وسلم حينئذ تحت الشجرة على أن لا يفروا ، وذلك في غيبة عثمان .

                                                                      وقيل بل جاء الخبر بأن عثمان قتل فكان ذلك سبب البيعة .

                                                                      وروى الحاكم في المستدرك من طريق حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه قال خلف النبي صلى الله عليه وسلم عثمان وأسامة بن زيد على رقية في مرضها لما خرج إلى بدر فماتت رقية حين وصل زيد بن حارثة بالبشارة ( فضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهم ) : قال الخطابي : هذا خاص بعثمان لأنه كان يمرض ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى .

                                                                      ( فضرب ) : أي جعل وبين ( له ) : أي لعثمان .

                                                                      وقد استدل بهذا الحديث على أنه يسهم الإمام لمن كان غائبا في حاجة له بعثه لقضائها ، وأما من كان غائبا عن القتال لا لحاجة للإمام وجاء بعد الوقعة فذهب الشافعي ومالك والأوزاعي والثوري والليث إلى أنه [ ص: 317 ] لا يسهم له ، وذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أنه يسهم لمن حضر قبل إحرازها إلى دار الإسلام كذا في النيل : والحديث سكت عنه المنذري .

                                                                      152 - باب في المرأة والعبد يحذيان من الغنيمة




                                                                      الخدمات العلمية