الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      3026 حدثنا أحمد بن علي بن سويد يعني ابن منجوف حدثنا أبو داود عن حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن عن عثمان بن أبي العاص أن وفد ثقيف لما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزلهم المسجد ليكون أرق لقلوبهم فاشترطوا عليه أن لا يحشروا ولا يعشروا ولا يجبوا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكم أن لا تحشروا ولا تعشروا ولا خير في دين ليس فيه ركوع

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( يعني ابن منجوف ) : بنون ساكنة ثم جيم وآخره فاء ( أن وفد ثقيف لما قدموا ) : في شرح المواهب : وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد ثقيف بعد قدومه صلى الله عليه وسلم من تبوك في رمضان كما قال ابن سعيد وابن إسحاق ، وقال بعضهم في شعبان سنة تسع . وأما خروجه من المدينة إلى تبوك فكان يوم الخميس في رجب سنة تسع اتفاقا انتهى ( ليكون ) : أي ذلك الإنزال ( أرق لقلوبهم ) : أرق هاهنا اسم التفضيل من أرقه إرقاقا بمعنى ألانه إلانة وهو عند سيبويه قياس من باب أفعل مع كونه ذا زيادة ، ويؤيده كثرة السماع كقولهم هو أعطاهم للدينار وأولاهم للمعروف ، وهو عند غيره سماع مع كثرته قاله الرضي في شرح الكافية . فالمعنى أي ليكون إنزالهم المسجد أكثر وأشد إلانة وترقيقا لقلوبهم بسبب رؤيتهم حال المسلمين وخشوعهم وخضوعهم واجتماعهم في صلواتهم وفي عباداتهم لربهم والله أعلم ( أن لا يحشروا ) : بصيغة المجهول أي لا يندبون إلى الغزو ولا تضرب عليهم البعوث ، وقيل لا يحشرون إلى عامل الزكاة بل يأخذ صدقاتهم في أماكنهم كذا في المجمع .

                                                                      وقال الخطابي : معناه الحشر في الجهاد والنفير له ( ولا يعشروا ) : بصيغة المجهول أي لا يؤخذ عشر أموالهم ، وقيل أرادوا الصدقة الواجبة قاله في المجمع ( ولا يجبوا ) : بالجيم وشدة الموحدة . [ ص: 206 ] قال في المجمع في مادة جبو : وفي حديث ثقيف " ولا يجبوا " أصل التجبية أن يقوم قيام الراكع ، وقيل أن يضع يديه على ركبتيه وهو قائم وقيل السجود وأرادوا أن لا يصلوا ، والأول أنسب لقوله لا خير إلخ وأريد به الصلاة مجازا . انتهى .

                                                                      قال الخطابي : قوله " لا يجبوا " أي لا يصلوا ، وأصل التجبية أن يكب الإنسان على مقدمه ويرفع مؤخره . قال ويشبه أن يكون النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنما سمح لهم بالجهاد والصدقة لأنهما لم يكونا واجبين في العاجل لأن الصدقة إنما تجب بحول الحول ، والجهاد إنما يجب بحضور العدو ، وأما الصلاة فهي واجبة في كل يوم وليلة في أوقاتها المؤقتة فلم يجز أن يشترطوا تركها . وقد سئل جابر بن عبد الله عن اشتراط ثقيف أن لا صدقة عليها ولا جهاد ، فقال علم أنهم سيتصدقون ويجاهدون إذا أسلموا . وفي الحديث من العلم أن الكافر يجوز له دخول المسجد لحاجة له فيه أو لحاجة المسلم إليه . انتهى .

                                                                      قال المنذري : وقد قيل إن الحسن البصري لم يسمع من عثمان بن أبي العاص .




                                                                      الخدمات العلمية