الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب في الغسل يوم الجمعة

                                                                      340 حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع أخبرنا معاوية عن يحيى أخبرنا أبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة أخبره أن عمر بن الخطاب بينا هو يخطب يوم الجمعة إذ دخل رجل فقال عمر أتحتبسون عن الصلاة فقال الرجل ما هو إلا أن سمعت النداء فتوضأت فقال عمر والوضوء أيضا أو لم تسمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا أتى أحدكم الجمعة فليغتسل [ ص: 5 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 5 ] ( باب في الغسل للجمعة ) هل هو واجب يأثم بتركه أم لا .

                                                                      ( بينا هو يخطب ) وفي بعض النسخ بينما . وبينا أصله بين وأشبعت فتحة النون فصار بينا ، وقد تبقى بلا إشباع ، ويزاد فيها ما فتصير بينما ، وهما ظرفا زمان بمعنى المفاجآت ( إذ دخل رجل ) هو عثمان بن عفان ففي رواية مسلم : بينما عمر بن الخطاب يخطب الناس يوم الجمعة إذ دخل عثمان بن عفان ، فعرض به عمر . وقوله : إذ دخل رجل . جواب بينا ( فقال عمر أتحتبسون عن الصلاة ) أي في أول وقتها ، فإنكار عمر رضي الله عنه على عثمان رضي الله عنه لأجل احتباسه عن التبكير ( فقال الرجل ) أي عثمان ( ما هو ) أي الاحتباس ( إلا أن سمعت النداء ) أي الأذان ( فتوضأت ) وحضرت الصلاة ، ولم أشتغل بشيء بعد أن سمعت الأذان إلا بالوضوء ( فقال عمر : الوضوء ) هذا إنكار آخر على ترك الواجب أو السنة المؤكدة وهي الغسل . وقوله : الوضوء ، جاءت الروايات فيها بالواو وحذفها ، ففي رواية البخاري : والوضوء بالواو ، وفي رواية الموطأ : الوضوء بحذف الواو . قال الحافظ ابن حجر : والوضوء في روايتنا بالنصب ، والمعنى أي تتوضأ الوضوء مقتصرا عليه ، وجوز القرطبي الرفع على أنه مبتدأ حذف خبره أي الوضوء تقتصر عليه أو هو خبر مبتدؤه محذوف أي كفايتك الوضوء ( أيضا ) منصوب على أنه مصدر من آض [ ص: 6 ] يئيض ، أي عاد ورجع . قال ابن السكيت : تقول فعلته أيضا إذا كنت قد فعلته بعد شيء آخر كأنك أفدت بذكرهما الجمع بين الأمرين أو الأمور . ذكره العلامة العيني : قال السيوطي : فيه دليل على أن لفظ أيضا عربية ، وقد توقف به جمال الدين بن هشام . قلت : وفي حديث سمرة في الكسوف : أن الشمس اسودت حتى آضت قال أبو عبيد : أي صارت ورجعت . وقد أثبته أهل اللغة كما يظهر من اللسان . والمعنى ألم يكفك أن فاتك فضل المبادرة إلى الجمعة حتى أضفت إليه ترك الغسل واقتصرت على الوضوء أيضا ( أولم تسمعوا ) بهمزة الاستفهام والواو العاطفة ( إذا أتى أحدكم الجمعة فليغتسل ) الفاء للتعقيب وظاهره أن الغسل يعقب المجيء وليس ذلك المراد ، وإنما التقدير إذا أراد أحدكم ، وقد جاء مصرحا به في رواية عند مسلم بلفظ : إذا أراد أحدكم أن يأتي الجمعة فليغتسل قال الحافظ ابن حجر : ونظير ذلك قوله تعالى : إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة فإن المعنى : إذا أردتم المناجاة بلا خلاف . قال الخطابي في المعالم : وفيه دلالة على أن غسل يوم الجمعة غير واجب ولو كان واجبا لأشبه أن يأمر عمر عثمان أن ينصرف فيغتسل ، فدل سكوت عمر ومن حضره من الصحابة على أن الأمر به على سبيل الاستحباب دون الوجوب وليس يجوز على عمر وعثمان ومن بحضرتهما من المهاجرين والأنصار أن يجتمعوا على ترك واجب . انتهى . قال الحافظ في الفتح : وعلى هذا الجواب عول أكثر المصنفين في هذه المسألة كابن خزيمة والطبراني والطحاوي وابن حبان وابن عبد البر وهلم جرا ، وزاد بعضهم فيه أن من حضر من الصحابة وافقوهما على ذلك فكان إجماعا منهم ، على أن الغسل ليس شرطا في صحة الصلاة وهو استدلال قوي . انتهى . قال المنذري : وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي من حديث عبد الله بن عمر عن أبيه .




                                                                      الخدمات العلمية