الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
وما كان فيه من ذكر العلل في الأحاديث والرجال والتاريخ فهو ما استخرجته من كتب التاريخ وأكثر ذلك ما ناظرت به محمد بن إسمعيل ومنه ما ناظرت به عبد الله بن عبد الرحمن وأبا زرعة وأكثر ذلك عن محمد وأقل شيء فيه عن عبد الله وأبي زرعة ولم أر أحدا بالعراق ولا بخراسان في معنى العلل والتاريخ ومعرفة الأسانيد كبير أحد أعلم من محمد بن إسمعيل قال أبو عيسى وإنما حملنا على ما بينا في هذا الكتاب من قول الفقهاء وعلل الحديث لأنا سئلنا عن هذا فلم نفعله زمانا ثم فعلناه لما رجونا فيه من منفعة الناس لأنا قد وجدنا غير واحد من الأئمة تكلفوا من التصنيف ما لم يسبقوا إليه منهم nindex.php?page=showalam&ids=17240هشام بن حسان nindex.php?page=showalam&ids=13036وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج وسعيد بن أبي عروبة nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك بن أنس nindex.php?page=showalam&ids=15744وحماد بن سلمة nindex.php?page=showalam&ids=16418وعبد الله بن المبارك ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة nindex.php?page=showalam&ids=17277ووكيع بن الجراح nindex.php?page=showalam&ids=16349وعبد الرحمن بن مهدي وغيرهم من أهل العلم والفضل صنفوا فجعل الله في ذلك منفعة كثيرة فنرجو لهم بذلك الثواب الجزيل عند الله لما نفع الله به المسلمين فهم القدوة فيما صنفوا وقد عاب بعض من لا يفهم على أهل الحديث الكلام في الرجال وقد وجدنا غير واحد من الأئمة من التابعين قد تكلموا في الرجال منهم nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس تكلما في معبد الجهني وتكلم سعيد بن جبير في nindex.php?page=showalam&ids=16259طلق بن حبيب وتكلم nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي nindex.php?page=showalam&ids=14577وعامر الشعبي في nindex.php?page=showalam&ids=14057الحارث الأعور وهكذا روي عن أيوب السختياني وعبد الله بن عون nindex.php?page=showalam&ids=16043وسليمان التيمي nindex.php?page=showalam&ids=16102وشعبة بن الحجاج nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان الثوري nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك بن أنس nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=16418وعبد الله بن المبارك nindex.php?page=showalam&ids=17293ويحيى بن سعيد القطان nindex.php?page=showalam&ids=17277ووكيع بن الجراح nindex.php?page=showalam&ids=16349وعبد الرحمن بن مهدي وغيرهم من أهل العلم أنهم تكلموا في الرجال وضعفوا وإنما حملهم على ذلك عندنا والله أعلم النصيحة للمسلمين لا يظن بهم أنهم أرادوا الطعن على الناس أو الغيبة إنما أرادوا عندنا أن يبينوا ضعف هؤلاء لكي يعرفوا لأن بعض الذين ضعفوا كان صاحب بدعة وبعضهم كان متهما في الحديث وبعضهم كانوا أصحاب غفلة وكثرة خطإ فأراد هؤلاء الأئمة أن يبينوا أحوالهم شفقة على الدين وتثبيتا لأن الشهادة في الدين أحق أن يتثبت فيها من الشهادة في الحقوق والأموال
ليكن ابن جاهل وأمثال أو نفهميده اندكه ابن طعن وجرح ايشان رجال را محض برائي صيانت شريعت ودين ست . بس كويا إذ قبيل قتال كفار وخوارج وأهل بدعت وسياست وتغرير أهل منكر است كه بهترين عبادات ست ازغيبت محرمة نيست وازين أبيات مشئومة كه مر قومه شد أبو عبد الله بن فتوح حميدي صَاحِب الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ جواب داده وقصيده دراز دارددر انجادر مخاطبئه ابن شاعر ميكويد قصيدة :
قوله : ( وما كان فيه من nindex.php?page=treesubj&link=29220_29162ذكر العلل في الأحاديث والرجال والتاريخ ) قوله والرجال عطف على قوله العلل أي وما كان فيه من ذكر الرجال والتاريخ ( فهو ما استخرجته من كتاب التاريخ ) أي للإمام nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري -رحمه الله- وله ثلاثة كتب في التاريخ : الأول : التاريخ الكبير- يرويه عنه أبو أحمد محمد بن سليمان بن فارس وأبو الحسن محمد بن سهل النسوي وغيرهما . والثاني : التاريخ الأوسط- يرويه عنه عبد الله بن أحمد بن عبد السلام الخفاف وزنجويه بن محمد اللباد .
والثالث : التاريخ الصغير- يرويه عنه nindex.php?page=showalam&ids=16460عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن الأشقر ( ومنه ما ناظرت nindex.php?page=showalam&ids=14272عبد الله بن عبد الرحمن ) هو الإمام الدارمي ( nindex.php?page=showalam&ids=12013وأبا زرعة ) اسمه عبيد الله بن عبد الكريم الرازي ( وإنما حملنا على ما بينا في هذا الكتاب من قول الفقهاء وعلل الحديث ) فاعل حمل محذوف وهو سؤالهم عن هذا يدل عليه قوله : ( لأنا سئلنا ) بصيغة المجهول ( عن هذا ) أي عن بيان nindex.php?page=treesubj&link=29117قول الفقهاء وعلل الحديث ( فلم نفعله زمانا ) أي ليكون هذا الكتاب جامعا لأحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- محضة ولا يخالطها غيرها من قول الفقهاء وعلل الحديث وغير ذلك ( ثم فعلناه ) أي ثم بعد زمان بينا في هذا الكتاب أقوال الفقهاء وعلل الأحاديث ( لما رجونا فيه من منفعة الناس ) ما مصدرية أي لرجائنا منفعتهم في بيان ذلك ( لأنا ) متعلق برجونا وعلة له ( وقد وجدنا غير واحد من الأئمة تكلفوا ) أي تحملوا المشقة من التصنيف بيان لقوله : ( ما لم يسبقوا إليه ) بصيغة المجهول . والمعنى تحملوا مشقة تصنيف الكتب التي لم يسبقوا إليها ( منهم nindex.php?page=showalam&ids=17240هشام بن حسان nindex.php?page=showalam&ids=13036وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج - إلى قوله- nindex.php?page=showalam&ids=16349وعبد الرحمن بن مهدي وغيرهم من أهل العلم والفضل ) سبق تراجم هؤلاء الأئمة في [ ص: 327 ] المقدمة وفي الشرح ( صنفوا فجعل الله في ذلك منفعة كثيرة ولهم بذلك الثواب الجزيل عند الله لما نفع الله المسلمين به فيهم القدوة فيما صنفوا ) قال في القاموس : القدوة مثلثة وكعدة ما تسننت به واقتديت به انتهى . والمراد بالقدوة هنا الاقتداء . قال nindex.php?page=showalam&ids=12570الحافظ ابن الأثير الجزري في مقدمة جامع الأصول : لما انتشر الإسلام واتسعت البلاد وتفرقت الصحابة في الأقطار وكثرت الفتوح ومات معظم الصحابة ، وتفرق أصحابهم وأتباعهم ، وقل الضبط احتاج العلماء إلى nindex.php?page=treesubj&link=29611_29205تدوين الحديث وتقييده بالكتابة ولعمري إنها الأصل فإن الخاطر يغفل ، والذهن يغيب ، والذكر يهمل والقلم يحفظ ولا ينسى ، فانتهى الأمر إلى زمان جماعة من الأئمة مثل nindex.php?page=showalam&ids=13036عبد الملك بن جريج nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك بن أنس وغيرهما ممن كانوا في عمرهما فدونوا الحديث ، حتى قيل إن أول كتاب صنف في الإسلام كتاب nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، وقيل موطأ مالك ، وقيل أول من صنف وبوب الربيع بن صبيح بالبصرة ، ثم انتشر جمع الحديث وتدوينه وسطره في الأجزاء والكتب ، وكثر ذلك وعظم نفعه إلى زمن الإمامين nindex.php?page=showalam&ids=12070أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080وأبي الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري فدونا كتابيهما وأثبتا من الأحاديث ما قطعا بصحته ، وثبت عندهما نقله ، ثم ازداد انتشار هذا النوع من التصنيف والجمع والتأليف وتفرقت أغراض الناس وتنوعت مقاصدهم إلى أن انقرض ذلك العصر الذي كانا فيه ، وجماعة من العلماء قد جمعوا وألفوا مثل nindex.php?page=showalam&ids=13948أبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني nindex.php?page=showalam&ids=15397وأبي عبد الرحمن بن شعيب النسائي وغيرهم من العلماء الذين لا يحصون وكان ذلك العصر خلاصة العصور في تحصيل هذا العلم وإليه المنتهى .
( وقد عاب بعض من لا يفهم على أهل الحديث الكلام في الرجال ) أي nindex.php?page=treesubj&link=29162التكلم في رواة الحديث وجرحهم وتضعيفهم ، وبيان ما فيهم من الأمور الموروثة لضعف أحاديثهم كالكذب والاتهام به والفسق والبدعة والغفلة وسوء الحفظ وغير ذلك إنما عابوا ذلك لعدم فهمهم وجهلهم ، فإنهم زعموا أن هذا غيبة ، والحال أنه ليس من الغيبة في شيء . قال في التدريب : وجواز nindex.php?page=treesubj&link=29162الجرح والتعديل صيانة للشريعة وذبا عنها . قال تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=6إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ، وقال -صلى الله عليه وسلم- في التعديل : إن عبد الله رجل صالح ، وفي الجرح : nindex.php?page=hadith&LINKID=754570بئس أخو العشيرة . وتكلم في الرجال جمع من الصحابة والتابعين فيمن بعدهم ، وأما قول nindex.php?page=showalam&ids=16216صالح جزرة : nindex.php?page=treesubj&link=29162_29608أول من تكلم في الرجال شعبة ثم تبعه [ ص: 328 ] nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى بن سعيد القطان ، ثم أحمد nindex.php?page=showalam&ids=17336وابن معين . فيعني أنه أول من تصدى لذلك . وقد قال أبو بكر بن خلاد ليحيى بن سعيد : أما تخشى أن يكون هؤلاء الذين تركت حديثهم خصماءك عند الله? فقال : لأن يكونوا خصمائي أحب إلي من أن يكون خصمي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : لم لم تذب الكذب عن حديثي ? وقال nindex.php?page=showalam&ids=15390أبو تراب النخشبي nindex.php?page=showalam&ids=12251لأحمد بن حنبل : لا تغتب العلماء فقال له أحمد : ويحك هذا نصيحة ، وليس هذا غيبة . وقال بعض الصوفية nindex.php?page=showalam&ids=16418لابن المبارك : تغتاب . قال : اسكت ، إذا لم نبين كيف تعرف الحق من الباطل? انتهى .
فائدة : قد ذكر الشاه عبد العزيز المحدث الدهلوي في البستان فائدة فلنا أن نذكرها هاهنا بألفاظه فقال : بايد دانست كه جاهلان ونافهمان قدماي أهل حديث را عموما nindex.php?page=showalam&ids=17336ويحيى بن معين را خصوصا مطعون ساختة اندكه ايشان خصوصا اين شخص از جمله ايشان در خلق الله زبان خودرا درازكرده وكسى رادر غكو وكسى رامبس وجعلي وكسي را مفتري وبهتاني ميكونيد واين غيبت محرمه را علم ميض دانتد وعبادات مي انكارنتد جنانجه بكر بن حماد شاعر مغربي درين باب nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين راهجو كرده بلكه علم حديث را تعريض بطن نموده كفته است ، شعر :
أرى الخير في الدنيا يقل كثيره وينقص نقصا والحديث يزيد فلو كان خيرا كان الخير كله ولكن شيطان الحديث مريد nindex.php?page=showalam&ids=17336ولابن معين في الرجال مقالة سيسأل عنها والمليك شهيد وإن يك حقا فهي في الحكم غيبة وإن يك زورا فالقصاص شديد
ليكن ابن جاهل وأمثال أو نفهميده اندكه ابن طعن وجرح ايشان رجال را محض برائي صيانت شريعت ودين ست . بس كويا إذ قبيل قتال كفار وخوارج وأهل بدعت وسياست وتغرير أهل منكر است كه بهترين عبادات ست ازغيبت محرمة نيست وازين أبيات مشئومة كه مر قومه شد أبو عبد الله بن فتوح حميدي صاحب الجمع بين الصحيحين جواب داده وقصيده دراز دارددر انجادر مخاطبئه ابن شاعر ميكويد قصيدة :
وإني إلى إبطال قولك قاصد ولي من شهادات النصوص جنود إذا لم يكن خيرا كلام نبينا لديك فإن الخير منك بعيد [ ص: 329 ] وأقبح شيء أن جعلت لما أتى عن الله شيطانا وذاك شديد
بعد أذان در حق ابن معين ميكويد شعر :
وما هو إلا واحد من جماعة وكلهم فيما حكاه شهود فإن صد عن حكم الشهادة حامل فإن كتاب الله فيه عنيد ولولا رواة الدين ضاعت وأصبحت معالمه في الآخرين تبيد هم حفظوا الآثار من كل شبهة وغيرهم عما اقتنوه رقود وهم هاجروا في جمعها وتبادروا إلى كل أفق والمرام كئود وقاموا بتعديل الرواة وجرحهم قيام صحيح النقل وهو حديد بتبليغهم صحت شرائع ديننا حدود تحروا حفظها وعهود وصح لأهل النقل منها احتجاجهم فلم يبق إلا عابد وحقود وحسبهم أن الصحابة بلغوا وعنهم رووا ، لا يستطاع جحود فمن حاد عن هذا اليقين فحاقد مريد لإظهار الشكوك مريد ولكن إذا جاء الهدى ودليله فليس لموجود الضلال وجود وإن رام أعداء الديانة كيدها فكيدهم بالمخزيات مكيد
وعبد السلام بن يزيد بن غياث الشبلي نيزارين أبيات در قصيدة دراز جواب داده . قصيدة :
nindex.php?page=showalam&ids=17336ولابن معين في الذي قال أسوة ورأي مصيب للصواب سديد وأجرمه يعلي الإله محله ومنزله في الخلد حيث يريد يناضل عن قول النبي وصحبه ويطرد عن أحواضه ويذود وجملة أهل العلم قالوا بقوله وما هو في شيء أتاه فريد ولو لم يقم أهل الحديث بديننا فمن كان يروى علمه ويفيد هم ورثوا علم النبوة واحتووا من الفضل ما عند الأنام رقود وهم كمصابيح الدجى يهتدى بهم ونار بهم بعد الممات خمود [ ص: 330 ] عليك ابن عتاب لزوم سبيلهم فحالهم عند الله حميد
ونيزا أحمد بن عمرو بن عصفور جواب داده است باين أبيات شعر :
أيا في العلم زيد عماده رويدا بما يبدي به ويعيد جعلت شياطين الحديث مريدة ألا إن شيطان الضلال مريد وقرعت بالتكذيب من كان صادقا فقولك مردود وأنت عنيد وذو العلم في الدنيا نجوم هداية إذا غاب نجم لاح بعد جديد بهم عز دين الله طرا وهم له معاقل من أعدائه وجنود
انتهى .
فائدة : قال الذهبي في التذكرة قال محمد بن مهرويه سمعت ابن الجنيد سمعت nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين يقول : إنا لنطعن على أقوام لعلهم قد حطوا رحالهم في الجنة من مائتي سنة . قال محمد : فدخلت على ابن أبي حاتم وهو يحدث بكتاب الجرح والتعديل ، فحدثته بهذا فبكى وارتعدت يداه وسقط الكتاب وجعل يبكي ويستعيدني الحكاية انتهى ( فإنما حملهم على ذلك ) أي على التكلم في الرجال ( عندنا ) أي عند أهل العلم بالحديث ( النصيحة ) بالرفع على أنه فاعل لقوله حملهم ( لا يظن ) بصيغة المجهول ( لأن بعض الذين ضعفوا ) بصيغة المجهول من التضعيف ( كان صاحب بدعة ) سيأتي الكلام على معنى البدعة ( وبعضهم كان متهما في الحديث ) أي متهما بالكذب في الحديث النبوي . قال في شرح النخبة : nindex.php?page=treesubj&link=29163_29162_29170الطعن إما أن يكون لكذب الراوي في الحديث النبوي بأن يروي عنه -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- ما لم يقله متعمدا لذلك ، أو تهمته بذلك بأن لا يروى ذلك الحديث إلا من جهته ويكون مخالفا للقواعد المعلومة ، وكذا من عرف بالكذب في كلامه وإن لم يظهر منه وقوع ذلك في الحديث النبوي ، وهذا دون الأول انتهى ( وبعضهم كانوا أصحاب غفلة ) أي عن الإتقان ، والمراد من الغفلة كثرتها ، لأن الظاهر أن مجرد الغفلة ليس سببا للطعن لقلة من [ ص: 331 ] يعافيه الله منها ( وكثرة خطأ ) هذا عطف تفسيري لقوله غفلة ( شفقة على الدين ) أي رحمة عليه ونصيحة له ، ومن معاني الشفقة الرحمة وحرص الناصح على إصلاح المنصوح ( وتثبتا ) أي للتثبت في الدين والتحفظ فيه ( لأن nindex.php?page=treesubj&link=29173_16244الشهادة في الدين أحق أن يتثبت فيها من الشهادة في الحقوق والأموال ) قال الإمام مسلم -رحمه الله- في مقدمة صحيحه : اعلم وفقك الله أن الواجب على كل أحد عرف nindex.php?page=treesubj&link=29221_29162_29590التمييز بين صحيح الروايات وسقيمها وثقات الناقلين لها من المتهمين ، أن لا يروي منها إلا ما عرف صحة مخارجه ، والستارة في ناقليه ، وأن يتقي منها ما كان منها عن أهل التهم والمعاندين من أهل البدع ، والدليل على أن الذي قلنا من هذا هو اللازم دون ما خالفه قول الله تبارك وتعالى ذكره : nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=6يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين وقال جل ثناؤه : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282ممن ترضون من الشهداء وقال nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=2وأشهدوا ذوي عدل منكم فدل بما ذكرنا من هذه الآي أن خبر الفاسق ساقط غير مقبول ، وأن شهادة غير العدل مردودة . والخبر وإن فارق معناه معنى الشهادة في بعض الوجوه فقد يجتمعان في أعظم معانيهما ، إذا كان خبر الفاسق غير مقبول عند أهل العلم ، كما أن شهادته مردودة عند جميعهم ، ودلت السنة على nindex.php?page=treesubj&link=29115نفي رواية المنكر من الأخبار كنحو دلالة القرآن على نفي خبر الفاسق ، وهو الأثر المشهور عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- nindex.php?page=hadith&LINKID=753730من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين انتهى . قال النووي : اعلم أن nindex.php?page=treesubj&link=29173_16245الخبر والشهادة يشتركان في أوصاف ويفترقان في أوصاف فيشتركان في اشتراط الإسلام والعقل والبلوغ والعدالة والمروءة وضبط الخبر ، والمشهود به عند التحمل والأداء . ويفترقان في الحرية والذكورة والعدد والتهمة وقبول الفرع مع وجود الأصل ، فيقبل nindex.php?page=treesubj&link=29174_29167_29595خبر العبد والمرأة والواحد رواية الفرع مع الأصل الذي هو شيخه ، ولا تقبل شهادتهم إلا في المرأة في بعض المواضع مع غيرها ، وترد nindex.php?page=treesubj&link=16152الشهادة بالتهمة كشهادته على عدوه . ومما يدفع به عن نفسه ضررا أو يجر به إليه نفعا وولده ووالده ، واختلفوا في nindex.php?page=treesubj&link=15968_16330شهادة الأعمى فمنعها nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وطائفة ، وأجازها مالك وطائفة واتفقوا على قبول خبره ، وإنما فرق الشرع بين الشهادة والخبر في هذه الأوصاف لأن الشهادة تخص فيظهر فيه التهمة والخبر يعمه وغيره من الناس أجمعين فتنتفي التهمة ، وهذه الجملة قول العلماء الذين يعتد بهم ، وقد شذ عنهم في أفراد بعض هذه الجملة ، فمن ذلك شرط بعض أصحاب الأصول أن يكون تحمله الرواية في حال البلوغ والإجماع يرد عليه وإنما يعتبر [ ص: 332 ] البلوغ حال الرواية لا حال السماع ، وجوز بعض أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=treesubj&link=29207رواية الصبي وقبولها منه في حال الصبي ، والمعروف من مذاهب العلماء مطلقا ما قدمناه انتهى .