الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وفي المسألة قول رابع : وهو أنه لا إحصار بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - بعذر كائنا ما كان وهو ضعيف جدا ، ولا معول عليه عند العلماء ; لأن حكم الإحصار منصوص عليه في [ ص: 83 ] القرآن والسنة ، ولم يرد فيه نسخ ، فادعاء دفعه بلا دليل واضح السقوط كما ترى ، هذا هو خلاصة البحث في قوله تعالى : ( فإن أحصرتم ) [ 2 \ 196 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وأما قوله : ( فما استيسر من الهدي ) فجمهور العلماء على أن المراد به شاة فما فوقها ، وهو مذهب الأئمة الأربعة ، وبه قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، ورواه سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، وبه قال طاوس ، وعطاء ، ومجاهد ، وأبو العالية ، ومحمد بن علي بن الحسين ، وعبد الرحمن بن القاسم ، والشعبي ، والنخعي ، والحسن ، وقتادة ، والضحاك ، ومقاتل بن حيان وغيرهم ، كما نقله عنهم ابن كثير وغيره .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال جماعة من أهل العلم : إن المراد بما استيسر من الهدي إنما هو الإبل والبقر دون الغنم ، وهذا القول مروي عن عائشة ، وابن عمر ، وسالم ، والقاسم ، وعروة بن الزبير ، وسعيد بن جبير وغيرهم .

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن كثير : والظاهر أن مستند هؤلاء فيما ذهبوا إليه قصة الحديبية ; فإنه لم ينقل عن أحد منهم أنه ذبح في تحلله ذلك شاة ، وإنما ذبحوا الإبل والبقر .

                                                                                                                                                                                                                                      ففي الصحيحين عن جابر قال : " أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نشترك في الإبل والبقر كل سبعة منا في بقرة " .

                                                                                                                                                                                                                                      قال مقيده عفا الله عنه : لا يخفى أن التحقيق في هذه المسألة : أن المراد بما استيسر من الهدي ما تيسر مما يسمى هديا ، وذلك شامل لجميع الأنعام : من إبل ، وبقر ، وغنم ، فإن تيسرت شاة أجزأت ، والناقة والبقرة أولى بالإجزاء .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد ثبت في " الصحيحين " عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : " أهدى صلى الله عليه وسلم مرة غنما " .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية