الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      فضل الأذان وآداب المؤذن

                                                                                                                                                                                                                                      لا شك أن الأذان من أفضل الأعمال ، وأن المؤذن يشهد له ما سمع صوته من حجر ومدر . إلخ .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم : " أن المؤذنين أطول الناس أعناقا يوم القيامة " .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال عمر رضي الله عنه : لولا الخلافة لأذنت .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال صلى الله عليه وسلم : " الإمام ضامن ، والمؤذن مؤتمن ، اللهم أرشد الأئمة ، واغفر للمؤذنين " . رواه أبو داود والترمذي ، إلى غير ذلك من فضائل الأذان ، فقيل : مؤتمن على الوقت ، وقيل : مؤتمن على عورات البيوت عند الأذان ، فقد حث - صلى الله عليه وسلم - المؤذنين على الوضوء له كما في حديث : " لا ينادي للصلاة إلا متوضئ " وإن كان الحدث لا يبطله اتفاقا .

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان بهذه المثابة كانت له آداب في حق المؤذنين :

                                                                                                                                                                                                                                      منها : أن يكونوا من خيار الناس ، كما عند أبي داود : " ليؤذن لكم خياركم وليؤمكم قراؤكم " ، وعليه حذر - صلى الله عليه وسلم - من تولي الفسقة الأذان كما في حديث : " الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن " المتقدم . فإن فيه زيادة عند البزار قالوا يا رسول الله : لقد تركتنا نتنافس في الأذان بعدك فقال : " إنه يكون بعدي أو بعدكم قوم سفلتهم مؤذنوهم " .

                                                                                                                                                                                                                                      ومنها : أنه يكره التغني فيه ؛ لأنه ذكر ودعاء إلى أفضل العبادات ، وقد جاء عن ابن عمر - رضي الله عنه - أن رجلا قال له : إني أحبك في الله ، قال ابن عمر : لكني أبغضك في الله ، فقال : ولم ؟ قال : لأنك تتغنى في أذانك .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي المغني لابن قدامة : ولا يعتد بأذان صبي ولا فاسق ، أي ظاهر الفسق ، وعند المالكية : لا يحاكي في أذانه الفسقة .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 127 ] ومنها : ألا يلحن فيه لحنا بينا ، قال في المغني : ويكره اللحن في الأذان ، فإنه ربما غير المعنى ، فإن من قال : أشهد أن محمدا رسول الله ونصب لام رسول . أخرجه عن كونه خبرا .

                                                                                                                                                                                                                                      ولا يمد لفظة أكبر لأنه يجعل فيها ألفا فيصير جمع كبر ، وهو الطبل ، ولا يسقط الهاء من اسم الله والصلاة ولا الحاء من الفلاح ، لما روى أبو هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يؤذن لكم من يدغم الهاء " الحديث أخرجه الدارقطني .

                                                                                                                                                                                                                                      فأما إن كان ألثغ لا تتفاحش جاز أذانه ، فقد روي أن بلالا كان يقول : أسهد بجعل الشين سينا ، نقله ابن قدامة ، ولكن لا أصل لهذا الأثر مع شهرته على ألسنة الناس ، كما في كشف الخفاء ومزيل الإلباس .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن هذا ينبغي تعهد المؤذنين في هذين الأمرين اللحن والتلحين وكذلك الفسق ، وصفة المؤذنين ولا سيما في بلاد الحرمين الشريفين مهبط الوحي ومصدر التأسي ، وموفد القادمين من كل مكان ليأخذوا آداب الأذان والمؤذنين عن أهل هذه البلاد المقدسة .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية