nindex.php?page=treesubj&link=29035_30340قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=3خلق السماوات والأرض بالحق وصوركم فأحسن صوركم وإليه المصير nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=4يعلم ما في السماوات والأرض ويعلم ما تسرون وما تعلنون والله عليم بذات الصدور .
فخلق السماوات والأرض وخلق الإنسان في أحسن صورة آيتان من آيات الدلالة على البعث ، كما قال تعالى في الأولى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=57لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس [ 40 \ 57 ] .
وقال في الثانية :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=79قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم [ 36 \ 79 ] .
[ ص: 198 ] ولذا جاء عقبها قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=3وإليه المصير .
أي : بعد الموت والبعث ، فكأنه يقول لهم : هو الذي خلقكم وخلق لكم آيات قدرته على بعثكم ، من ذلك خلق السماوات والأرض ، ومن ذلك خلقكم وتصويركم في أحسن تقويم ، فكأن موجب ذلك الإيمان بقدرته تعالى على بعثكم بعد الموت ، وبالتالي إيمانكم بما بعد البعث ، من حساب وجزاء وجنة ونار ، ولكن فمنكم كافر ومنكم مؤمن .
وقد جاء بعد ذكر الأمم قبلهم وبيان أحوالهم جاء
nindex.php?page=treesubj&link=30336_28760تفنيد زعم الكفار بالبعث والإقسام على وقوعه في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=7زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير [ 64 \ 7 ] ; لأن خلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ، ويشهد لهذا التوجيه في قوله تعالى في سورة الإنسان :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=1هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا [ 76 \ 1 - 3 ] .
فقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=2إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=2هو الذي خلقكم [ 64 \ 2 ] .
ثم قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=2فجعلناه سميعا بصيرا ، وهما حاستا الإدراك والتأمل ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=3إنا هديناه السبيل مع استعداده للقبول والرفض .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=3إما شاكرا وإما كفورا ، مثل قوله هنا :
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=2فمنكم كافر ومنكم مؤمن [ 64 \ 2 ] ، أي بعد التأمل والنظر وهداية السبيل بالوحي ، ولذا جاء في هذا السياق من هذه السورة :
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=8فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا [ 64 \ 8 ] .
وبكل ما تقدم في الجملة يظهر لنا أن
nindex.php?page=treesubj&link=28661_32411الله خلق الإنسان من نطفة ثم جعل له سمعا وبصرا ونصب الأدلة على وجوده وقدرته على بعث الموتى ، ومن ثم مجازاتهم على أعمالهم وأرسل إليه رسله وهداه النجدين ، ثم هو بعد ذلك إما شاكرا وإما كفورا ولو احتج إنسان في الدنيا بالقدر لقيل له : هل عندك علم بما سبق في علم الله عليك ، أم أن الله أمرك ونهاك وبين لك الطريق .
[ ص: 199 ] وعلى كل ، فإن
nindex.php?page=treesubj&link=30455_28789قضية القدر من أخطر القضايا وأغمضها ، كما قال
علي رضي الله عنه : القدر سر الله في خلقه .
وقال صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009622إذا ذكر القضاء فأمسكوا " ، ولكن على المسلم النظر فيما أنزل الله من وحي وبعث من رسل .
وأهم ما في الأمر هو جري الأمور على مشيئة الله وقد جاء موقف عملي في قصة بدر ، يوضح حقيقة القدر ويظهر غاية العبر في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=43إذ يريكهم الله في منامك قليلا ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في الأمر ولكن الله سلم إنه عليم بذات الصدور [ 8 \ 43 ] .
فهو تعالى الذي سلم من موجبات التنازع والفشل بمقتضى علمه بذات الصدور .
ثم قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=44وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم ليقضي الله أمرا كان مفعولا وإلى الله ترجع الأمور [ 8 \ 44 ] ، فقد أجرى الأسباب على مقتضى إرادته فقلل كلا من الفريقين في أعين الآخر ; ليقضي الله أمرا كان في سابق علمه مفعولا ، ثم بين المنتهى ، :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=44وإلى الله ترجع الأمور ، والعلم عند الله تعالى .
nindex.php?page=treesubj&link=29035_30340قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=3خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=4يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ .
فَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَخَلْقُ الْإِنْسَانِ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ الدَّلَالَةِ عَلَى الْبَعْثِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي الْأُولَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=57لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ [ 40 \ 57 ] .
وَقَالَ فِي الثَّانِيَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=79قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ [ 36 \ 79 ] .
[ ص: 198 ] وَلِذَا جَاءَ عَقِبَهَا قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=3وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ .
أَيْ : بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْبَعْثِ ، فَكَأَنَّهُ يَقُولُ لَهُمْ : هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَخَلَقَ لَكُمْ آيَاتِ قُدْرَتِهِ عَلَى بَعْثِكُمْ ، مِنْ ذَلِكَ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، وَمِنْ ذَلِكَ خَلْقُكُمْ وَتَصْوِيرُكُمْ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ، فَكَأَنَّ مُوجِبَ ذَلِكَ الْإِيمَانُ بِقُدْرَتِهِ تَعَالَى عَلَى بَعْثِكُمْ بَعْدَ الْمَوْتِ ، وَبِالتَّالِي إِيمَانُكُمْ بِمَا بَعْدَ الْبَعْثِ ، مِنْ حِسَابٍ وَجَزَاءٍ وَجَنَّةٍ وَنَارٍ ، وَلَكِنْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ .
وَقَدْ جَاءَ بَعْدَ ذِكْرِ الْأُمَمِ قَبْلَهُمْ وَبَيَانِ أَحْوَالِهِمْ جَاءَ
nindex.php?page=treesubj&link=30336_28760تَفْنِيدُ زَعْمِ الْكُفَّارِ بِالْبَعْثِ وَالْإِقْسَامُ عَلَى وُقُوعِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=7زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [ 64 \ 7 ] ; لِأَنَّ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ ، وَيَشْهَدُ لِهَذَا التَّوْجِيهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْإِنْسَانِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=1هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا [ 76 \ 1 - 3 ] .
فَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=2إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=2هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ [ 64 \ 2 ] .
ثُمَّ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=2فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ، وَهُمَا حَاسَّتَا الْإِدْرَاكِ وَالتَّأَمُّلِ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=3إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ مَعَ اسْتِعْدَادِهِ لِلْقَبُولِ وَالرَّفْضِ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=3إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ، مِثْلُ قَوْلِهِ هُنَا :
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=2فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ [ 64 \ 2 ] ، أَيْ بَعْدَ التَّأَمُّلِ وَالنَّظَرِ وَهِدَايَةِ السَّبِيلِ بِالْوَحْيِ ، وَلِذَا جَاءَ فِي هَذَا السِّيَاقِ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=8فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا [ 64 \ 8 ] .
وَبِكُلِّ مَا تَقَدَّمَ فِي الْجُمْلَةِ يَظْهَرُ لَنَا أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28661_32411اللَّهَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَ لَهُ سَمْعًا وَبَصَرًا وَنَصَبَ الْأَدِلَّةَ عَلَى وُجُودِهِ وَقُدْرَتِهِ عَلَى بَعْثِ الْمَوْتَى ، وَمِنْ ثَمَّ مُجَازَاتِهِمْ عَلَى أَعْمَالِهِمْ وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ رُسُلَهُ وَهُدَاهُ النَّجْدَيْنِ ، ثُمَّ هُوَ بَعْدَ ذَلِكَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا وَلَوِ احْتَجَّ إِنْسَانٌ فِي الدُّنْيَا بِالْقَدَرِ لَقِيلَ لَهُ : هَلْ عِنْدَكَ عِلْمٌ بِمَا سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ عَلَيْكَ ، أَمْ أَنَّ اللَّهَ أَمَرَكَ وَنَهَاكَ وَبَيَّنَ لَكَ الطَّرِيقَ .
[ ص: 199 ] وَعَلَى كُلٍّ ، فَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30455_28789قَضِيَّةَ الْقَدَرِ مِنْ أَخْطَرِ الْقَضَايَا وَأَغْمَضِهَا ، كَمَا قَالَ
عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : الْقَدَرُ سِرُّ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ .
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009622إِذَا ذُكِرَ الْقَضَاءُ فَأَمْسِكُوا " ، وَلَكِنْ عَلَى الْمُسْلِمِ النَّظَرُ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ وَحْيٍ وَبَعَثَ مِنْ رُسُلٍ .
وَأَهَمُّ مَا فِي الْأَمْرِ هُوَ جَرْيُ الْأُمُورِ عَلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ وَقَدْ جَاءَ مَوْقِفٌ عَمَلِيٌّ فِي قِصَّةِ بَدْرٍ ، يُوَضِّحُ حَقِيقَةَ الْقَدَرِ وَيُظْهِرُ غَايَةَ الْعِبَرِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=43إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ [ 8 \ 43 ] .
فَهُوَ تَعَالَى الَّذِي سَلَّمَ مِنْ مُوجِبَاتِ التَّنَازُعِ وَالْفَشَلِ بِمُقْتَضَى عِلْمِهِ بِذَاتِ الصُّدُورِ .
ثُمَّ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=44وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ [ 8 \ 44 ] ، فَقَدْ أَجْرَى الْأَسْبَابَ عَلَى مُقْتَضَى إِرَادَتِهِ فَقَلَّلَ كُلًّا مِنَ الْفَرِيقَيْنِ فِي أَعْيُنِ الْآخَرِ ; لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ فِي سَابِقِ عِلْمِهِ مَفْعُولًا ، ثُمَّ بَيَّنَ الْمُنْتَهَى ، :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=44وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى .