المسألة الخامسة :
nindex.php?page=treesubj&link=312_338هل يرفع التيمم الحدث أو لا ؟ وهذه المسألة من صعاب المسائل لإجماع المسلمين على صحة
nindex.php?page=treesubj&link=317_318_319_338الصلاة بالتيمم عند فقد الماء ، أو العجز عن استعماله ، وإجماعهم على أن الحدث مبطل للصلاة ، فإن قلنا : لم يرتفع حدثه ، فكيف صحت صلاته ، وهو محدث ؟ وإن قلنا : صحت صلاته ، فكيف نقول : لم يرتفع حدثه ؟ .
اعلم أولا أن العلماء اختلفوا في هذه المسألة إلى ثلاثة مذاهب :
الأول : أن التيمم لا يرفع الحدث .
الثاني : أنه يرفعه رفعا كليا .
الثالث : أنه يرفعه رفعا مؤقتا .
حجة القول الأول أن التيمم لا يرفع الحدث ما ثبت في صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من حديث
عمران المتقدم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007426أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بالناس فرأى رجلا معتزلا لم يصل مع القوم ، فقال : " ما منعك يا فلان أن تصلي مع القوم ؟ " قال : أصابتني جنابة ولا ماء . قال : " عليك بالصعيد فإنه يكفيك " . إلى أن قال : وكان آخر ذلك أن أعطى الذي أصابته الجنابة إناء من ماء ، قال : " اذهب فأفرغه عليك " الحديث .
ولمسلم في هذا الحديث " وغسلنا صاحبنا " ، يعني الجنب المذكور . وهذا نص صحيح في أن تيممه الأول لم يرفع جنابته .
ومن الأدلة على أنه لا يرفع الحدث ما رواه
أبو داود ،
وأحمد ،
nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني ،
nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان ،
والحاكم موصولا ، ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري تعليقا عن
nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص رضي الله عنه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007427أنه تيمم عن الجنابة من شدة البرد ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " صليت بأصحابك [ ص: 365 ] وأنت جنب " ، فقال عمرو : إني سمعت الله يقول : nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=29ولا تقتلوا أنفسكم الآية [ 4 \ 29 ] ، فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم ينكر عليه ، قال
ابن حجر في " التلخيص " في الكلام على حديث
عمرو هذا : واختلف فيه على
عبد الرحمن بن جبير .
فقيل عنه عن
أبي قيس عن
عمرو ، وقيل عنه عن
عمرو بلا واسطة ، لكن الرواية التي فيها
أبو قيس ، ليس فيها ذكر التيمم ، بل فيها أنه غسل مغابنه فقط .
وقال
أبو داود : روى هذه القصة
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي عن
nindex.php?page=showalam&ids=15714حسان بن عطية ، وفيه : " فتيمم " ، ورجح
الحاكم إحدى الروايتين على الأخرى .
وقال
البيهقي : يحتمل أن يكون فعل ما في الروايتين جميعا ، فيكون قد غسل ما أمكن ، وتيمم عن الباقي ، وله شاهد من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وحديث
أبي أمامة ، عند
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني ، انتهى من التلخيص
لابن حجر .
قال مقيده - عفا الله عنه - : ما أشار إليه
البيهقي من الجمع بين الروايتين متعين ; لأن الجمع واجب إذا أمكن ، كما تقرر في الأصول ، وعلوم الحديث .
ومحل الشاهد من هذا الحديث قوله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007428صليت بأصحابك وأنت جنب " ، فإنه أثبت بقاء جنابته مع التيمم .
ومن الأدلة على أن التيمم لا يرفع الحدث حديث
أبي ذر عند
أحمد ، وأصحاب السنن الأربع ، وصححه
الترمذي ،
وأبو حاتم من حديث
أبي ذر ،
وابن القطان من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عند
البزار ،
nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني ، قاله
ابن حجر في التلخيص .
وذكر في " الفتح " أنه صححه
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان ،
nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني من حديث
أبي ذر : أنه - صلى الله عليه وسلم - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007429إن الصعيد الطيب طهور المسلم ، وإن لم يجد الماء عشر سنين ، فإذا وجد الماء فليمسه بشرته " الحديث .
قال
ابن حجر في التلخيص : بعد أن ذكر هذا الحديث ، عن أصحاب السنن من رواية
nindex.php?page=showalam&ids=15804خالد الحذاء عن
أبي قلابة ، عن
عمرو بن بجدان ، عن
أبي ذر : واختلف فيه على
أبي قلابة ، فقيل هكذا .
وقيل عنه عن رجل من
بني عامر ، وهذه رواية
أيوب عنه ، وليس فيها مخالفة لرواية
خالد ، وقيل عن
أيوب عنه ، عن
أبي المهلب ، عن
أبي ذر ، وقيل عنه بإسقاط
[ ص: 366 ] الواسطة ، وقيل في الواسطة محجن ، أو
ابن محجن ، أو
رجاء بن عامر ، أو رجل من
بني عامر ، وكلها عند
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني ، والاختلاف فيه كله على
أيوب ، ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان ،
والحاكم من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=15804خالد الحذاء كرواية
أبي داود ، وصححه أيضا
أبو حاتم ، ومدار طريق
خالد على
عمرو بن بجدان ، وقد وثقه
العجلي ، وغفل
nindex.php?page=showalam&ids=12858ابن القطان فقال : إنه مجهول ، هكذا قاله
ابن حجر في التلخيص " .
وقال في " التقريب " في
ابن بجدان المذكور : لا يعرف حاله ، تفرد عنه
nindex.php?page=showalam&ids=12135أبو قلابة ، وفي الباب عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رواه
البزار ، قال : حدثنا
مقدم بن محمد ، ثنا عمي
القاسم بن يحيى ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17240هشام بن حسان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رفعه : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007430الصعيد وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين ، فإذا وجد الماء فليتق الله . وليمسه بشرته ، فإن ذلك خير " .
وقال : لا نعلمه عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة إلا من هذا الوجه ، ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الأوسط من هذا الوجه مطولا ، أخرجه في ترجمة
أحمد بن محمد بن صدقة ، وساق فيه قصة
أبي ذر ، وقال : لم يروه إلا
هشام ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين ، ولا عن
هشام إلا
القاسم ، تفرد به
مقدم ، وصححه
nindex.php?page=showalam&ids=12858ابن القطان ، لكن قال
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني في العلل : إن إرساله أصح ، انتهى من التلخيص بلفظه ، وقد رأيت تصحيح هذا الحديث
nindex.php?page=showalam&ids=13948للترمذي ،
وأبي حاتم ،
وابن القطان ،
nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان .
ومحل الشاهد منه قوله : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007431فإن وجد الماء فليمسه بشرته " ; لأن الجنابة لو كان التيمم رفعها ، لما احتيج إلى إمساس الماء البشرة .
واحتج القائلون بأن التيمم يرفع الحدث : بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - صرح بأنه طهور في قوله في الحديث المتفق عليه : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007432وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا " ، وبأن في الحديث المار آنفا : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007433التيمم وضوء المسلم " ، وبأن الله تعالى قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم الآية ، وبالإجماع على أن الصلاة تصح به كما تصح بالماء به ، ولا يخفى ما بين القولين المتقدمين من التناقض .
قال مقيده - عفا الله عنه - : الذي يظهر من الأدلة تعين القول الثالث ; لأن الأدلة تنتظم ولا يكون بينهما تناقض والجمع واجب متى أمكن ، قال في " مراقي السعود " : [ الرجز ]
[ ص: 367 ] والجمع واجب متى ما أمكنا إلا فللأخير نسخ بينا
والقول الثالث المذكور هو : أن التيمم يرفع الحدث رفعا مؤقتا لا كليا ، وهذا لا مانع منه عقلا ولا شرعا ، وقد دلت عليه الأدلة ; لأن صحة الصلاة به المجمع عليها يلزمها أن المصلي غير محدث ، ولا جنب لزوما شرعيا لا شك فيه .
ووجوب الاغتسال أو الوضوء بعد ذلك عند إمكانه المجمع عليه أيضا يلزمه لزوما شرعيا لا شك فيه ، وأن الحدث مطلقا لم يرتفع بالكلية ، فيتعين الارتفاع المؤقت . هذا هو الظاهر ، ولكنه يشكل عليه ما تقدم في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص ، أنه - صلى الله عليه وسلم - قال له : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007428صليت بأصحابك وأنت جنب " ، وقد تقرر عند علماء العربية أن وقت عامل الحال هو بعينه وقت الحال ، فالحال وعاملها إذا مقترنان في الزمان ، فقولك : جاء زيد ضاحكا مثلا ، لا شك في أن وقت المجيء فيه هو بعينه وقت الضحك ، وعليه فوقت صلاته ، هو بعينه وقت كونه جنبا ; لأن الحال هي كونه جنبا وعاملها قوله " صليت " ، فيلزم أن الصلاة والجنابة متحد ، ولا يقدح فيما ذكرنا أن الحال المقدرة لا تقارن عاملها في الزمان ، كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=73سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين [ 39 \ 73 ] ; لأن الخلود متأخر عن زمن الدخول أي مقدرين الخلود فيها ; لأن الحال في الحديث المذكور ليست من هذا النوع .
فالمقارنة بينها وبين عاملها في الزمن لا شك فيها ، وإذا كانت الجنابة حاصلة له في نفس وقت الصلاة ، كما هو مقتضى هذا الحديث ، فالرفع المؤقت المذكور لا يستقيم ، ويمكن الجواب عن هذا من وجهين :
الأول : أنه - صلى الله عليه وسلم - قال له : " وأنت جنب " ، قبل أن يعلم عذره بخوفه الموت إن اغتسل .
والمتيمم من غير عذر مبيح جنب قطعا ، وبعد أن علم عذره المبيح للتيمم الذي هو خوف الموت أقره وضحك ، ولم يأمره بالإعادة ، فدل على أنه صلى بأصحابه وهو غير جنب ، وهذا ظاهر الوجه .
الثاني : أنه أطلق عليه اسم الجنابة نظرا إلى أنها لم ترتفع بالكلية ، ولو كان في وقت صلاته غير جنب ، كإطلاق اسم الخمر على العصير في وقت هو فيه ليس بخمر في
[ ص: 368 ] قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=36إني أراني أعصر خمرا [ 12 \ 36 ] ، نظرا إلى مآله في ثاني حال ، والعلم عند الله تعالى .
ومن المسائل التي تبنى على الاختلاف في التيمم ، هل يرفع الحدث أو لا ؟ جواز
nindex.php?page=treesubj&link=32555_637_338وطء الحائض إذا طهرت ، وصلت بالتيمم للعذر الذي يبيحه ، فعلى أنه يرفع الحدث يجوز وطؤها قبل الاغتسال ، والعكس بالعكس .
وكذلك إذا
nindex.php?page=treesubj&link=484_491_338تيمم ولبس الخفين ، فعلى أن التيمم يرفع الحدث يجوز المسح عليهما في الوضوء بعد ذلك ، والعكس بالعكس .
وكذلك ما ذهب إليه
nindex.php?page=showalam&ids=12031أبو سلمة بن عبد الرحمن من أن
nindex.php?page=treesubj&link=336الجنب إذا تيمم ثم وجد الماء لا يلزمه الغسل ، فالظاهر أنه بناه على رفع الحدث بالتيمم ، لكن هذا القول ترده الأحاديث المتقدمة ، وإجماع المسلمين قبله ، وبعده على خلافه .
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=312_338هَلْ يَرْفَعُ التَّيَمُّمُ الْحَدَثَ أَوْ لَا ؟ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ صِعَابِ الْمَسَائِلِ لِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى صِحَّةِ
nindex.php?page=treesubj&link=317_318_319_338الصَّلَاةِ بِالتَّيَمُّمِ عِنْدَ فَقْدِ الْمَاءِ ، أَوِ الْعَجْزِ عَنِ اسْتِعْمَالِهِ ، وَإِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّ الْحَدَثَ مُبْطِلٌ لِلصَّلَاةِ ، فَإِنْ قُلْنَا : لَمْ يَرْتَفِعْ حَدَثُهُ ، فَكَيْفَ صَحَّتْ صَلَاتُهُ ، وَهُوَ مُحْدِثٌ ؟ وَإِنْ قُلْنَا : صَحَّتْ صَلَاتُهُ ، فَكَيْفَ نَقُولُ : لَمْ يَرْتَفِعْ حَدَثُهُ ؟ .
اعْلَمْ أَوَّلًا أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ :
الْأَوَّلُ : أَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ .
الثَّانِي : أَنَّهُ يَرْفَعُهُ رَفْعًا كُلِّيًّا .
الثَّالِثُ : أَنَّهُ يَرْفَعُهُ رَفْعًا مُؤَقَّتًا .
حُجَّةُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ مَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ
عِمْرَانَ الْمُتَقَدِّمِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007426أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بِالنَّاسِ فَرَأَى رَجُلًا مُعْتَزِلًا لَمْ يُصَلِّ مَعَ الْقَوْمِ ، فَقَالَ : " مَا مَنَعَكَ يَا فُلَانٌ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَ الْقَوْمِ ؟ " قَالَ : أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ وَلَا مَاءَ . قَالَ : " عَلَيْكَ بِالصَّعِيدِ فَإِنَّهُ يَكْفِيكَ " . إِلَى أَنْ قَالَ : وَكَانَ آخِرُ ذَلِكَ أَنْ أَعْطَى الَّذِي أَصَابَتْهُ الْجَنَابَةُ إِنَاءً مِنْ مَاءٍ ، قَالَ : " اذْهَبْ فَأَفْرِغْهُ عَلَيْكَ " الْحَدِيثَ .
وَلِمُسْلِمٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ " وَغَسَّلْنَا صَاحِبَنَا " ، يَعْنِي الْجُنُبَ الْمَذْكُورَ . وَهَذَا نَصٌّ صَحِيحٌ فِي أَنَّ تَيَمُّمَهُ الْأَوَّلَ لَمْ يَرْفَعْ جَنَابَتَهُ .
وَمِنَ الْأَدِلَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ مَا رَوَاهُ
أَبُو دَاوُدَ ،
وَأَحْمَدُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14269وَالدَّارَقُطْنِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13053وَابْنُ حِبَّانَ ،
وَالْحَاكِمُ مَوْصُولًا ، وَرَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=59عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007427أَنَّهُ تَيَمَّمَ عَنِ الْجَنَابَةِ مِنْ شِدَّةِ الْبَرْدِ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " صَلَّيْتَ بِأَصْحَابِكَ [ ص: 365 ] وَأَنْتَ جُنُبٌ " ، فَقَالَ عَمْرٌو : إِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُولُ : nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=29وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ الْآيَةَ [ 4 \ 29 ] ، فَضَحِكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ ، قَالَ
ابْنُ حَجَرٍ فِي " التَّلْخِيصِ " فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ
عَمْرٍو هَذَا : وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ .
فَقِيلَ عَنْهُ عَنْ
أَبِي قَيْسٍ عَنْ
عَمْرٍو ، وَقِيلَ عَنْهُ عَنْ
عَمْرٍو بِلَا وَاسِطَةٍ ، لَكِنَّ الرِّوَايَةَ الَّتِي فِيهَا
أَبُو قَيْسٍ ، لَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ التَّيَمُّمِ ، بَلْ فِيهَا أَنَّهُ غَسَلَ مَغَابِنَهُ فَقَطْ .
وَقَالَ
أَبُو دَاوُدَ : رَوَى هَذِهِ الْقِصَّةَ
nindex.php?page=showalam&ids=13760الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15714حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ ، وَفِيهِ : " فَتَيَمَّمَ " ، وَرَجَّحَ
الْحَاكِمُ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى .
وَقَالَ
الْبَيْهَقِيُّ : يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فَعَلَ مَا فِي الرِّوَايَتَيْنِ جَمِيعًا ، فَيَكُونَ قَدْ غَسَلَ مَا أَمْكَنَ ، وَتَيَمَّمَ عَنِ الْبَاقِي ، وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَحَدِيثِ
أَبِي أُمَامَةَ ، عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطَّبَرَانِيِّ ، انْتَهَى مِنَ التَّلْخِيصِ
لِابْنِ حَجَرٍ .
قَالَ مُقَيِّدُهُ - عَفَا اللَّهُ عَنْهُ - : مَا أَشَارَ إِلَيْهِ
الْبَيْهَقِيُّ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ مُتَعَيَّنٌ ; لِأَنَّ الْجَمْعَ وَاجِبٌ إِذَا أَمْكَنَ ، كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ ، وَعُلُومِ الْحَدِيثِ .
وَمَحَلُّ الشَّاهِدِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007428صَلَّيْتَ بِأَصْحَابِكَ وَأَنْتَ جُنُبٌ " ، فَإِنَّهُ أَثْبَتَ بَقَاءَ جَنَابَتِهِ مَعَ التَّيَمُّمِ .
وَمِنَ الْأَدِلَّةِ عَلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ حَدِيثُ
أَبِي ذَرٍّ عِنْدَ
أَحْمَدَ ، وَأَصْحَابِ السُّنَنِ الْأَرْبَعِ ، وَصَحَّحَهُ
التِّرْمِذِيُّ ،
وَأَبُو حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ
أَبِي ذَرٍّ ،
وَابْنُ الْقَطَّانِ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ
الْبَزَّارِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14687وَالطَّبَرَانِيِّ ، قَالَهُ
ابْنُ حَجَرٍ فِي التَّلْخِيصِ .
وَذَكَرَ فِي " الْفَتْحِ " أَنَّهُ صَحَّحَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابْنُ حِبَّانَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14269وَالدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ
أَبِي ذَرٍّ : أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007429إِنَّ الصَّعِيدَ الطَّيِّبَ طَهُورُ الْمُسْلِمِ ، وَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ ، فَإِذَا وَجَدَ الْمَاءَ فَلْيُمِسَّهُ بَشْرَتَهُ " الْحَدِيثَ .
قَالَ
ابْنُ حَجَرٍ فِي التَّلْخِيصِ : بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ ، عَنْ أَصْحَابِ السُّنَنِ مِنْ رِوَايَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=15804خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ
أَبِي قِلَابَةَ ، عَنْ
عَمْرِو بْنِ بُجْدَانَ ، عَنْ
أَبِي ذَرٍّ : وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى
أَبِي قِلَابَةَ ، فَقِيلَ هَكَذَا .
وَقِيلَ عَنْهُ عَنْ رَجُلٍ مِنْ
بَنِي عَامِرٍ ، وَهَذِهِ رِوَايَةُ
أَيُّوبَ عَنْهُ ، وَلَيْسَ فِيهَا مُخَالَفَةٌ لِرِوَايَةِ
خَالِدٍ ، وَقِيلَ عَنْ
أَيُّوبَ عَنْهُ ، عَنْ
أَبِي الْمُهَلَّبِ ، عَنْ
أَبِي ذَرٍّ ، وَقِيلَ عَنْهُ بِإِسْقَاطِ
[ ص: 366 ] الْوَاسِطَةِ ، وَقِيلَ فِي الْوَاسِطَةِ مِحْجَنٌ ، أَوِ
ابْنُ مِحْجَنٍ ، أَوْ
رَجَاءُ بْنُ عَامِرٍ ، أَوْ رَجُلٌ مِنْ
بَنِي عَامِرٍ ، وَكُلُّهَا عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيِّ ، وَالِاخْتِلَافُ فِيهِ كُلُّهُ عَلَى
أَيُّوبَ ، وَرَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابْنُ حِبَّانَ ،
وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=15804خَالِدٍ الْحَذَّاءِ كَرِوَايَةِ
أَبِي دَاوُدَ ، وَصَحَّحَهُ أَيْضًا
أَبُو حَاتِمٍ ، وَمَدَارُ طَرِيقِ
خَالِدٍ عَلَى
عَمْرِو بْنِ بُجْدَانَ ، وَقَدْ وَثَّقَهُ
الْعِجْلِيُّ ، وَغَفَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=12858ابْنُ الْقَطَّانِ فَقَالَ : إِنَّهُ مَجْهُولٌ ، هَكَذَا قَالَهُ
ابْنُ حَجَرٍ فِي التَّلْخِيصِ " .
وَقَالَ فِي " التَّقْرِيبِ " فِي
ابْنِ بُجْدَانَ الْمَذْكُورِ : لَا يُعْرَفُ حَالُهُ ، تَفْرَّدَ عَنْهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12135أَبُو قِلَابَةَ ، وَفِي الْبَابِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ رَوَاهُ
الْبَزَّارُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
مُقَدَّمُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، ثَنَا عَمِّي
الْقَاسِمُ بْنُ يَحْيَى ، ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17240هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16972مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007430الصَّعِيدُ وَضُوءُ الْمُسْلِمِ وَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ ، فَإِذَا وَجَدَ الْمَاءَ فَلْيَتَّقِ اللَّهَ . وَلْيُمِسَّهُ بَشَرَتَهُ ، فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ " .
وَقَالَ : لَا نَعْلَمُهُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ ، وَرَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مُطَوَّلًا ، أَخْرَجَهُ فِي تَرْجَمَةِ
أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ صَدَقَةَ ، وَسَاقَ فِيهِ قِصَّةَ
أَبِي ذَرٍّ ، وَقَالَ : لَمْ يَرَوْهُ إِلَّا
هِشَامٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابْنِ سِيرِينَ ، وَلَا عَنْ
هِشَامٍ إِلَّا
الْقَاسِمُ ، تَفَرَّدَ بِهِ
مُقَدَّمُ ، وَصَحَّحَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12858ابْنُ الْقَطَّانِ ، لَكِنْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ : إِنَّ إِرْسَالَهُ أَصَحُّ ، انْتَهَى مِنَ التَّلْخِيصِ بِلَفْظِهِ ، وَقَدْ رَأَيْتُ تَصْحِيحَ هَذَا الْحَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=13948لِلتِّرْمِذِيِّ ،
وَأَبِي حَاتِمٍ ،
وَابْنِ الْقَطَّانِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13053وَابْنِ حِبَّانَ .
وَمَحَلُّ الشَّاهِدِ مِنْهُ قَوْلُهُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007431فَإِنْ وَجَدَ الْمَاءَ فَلْيُمِسَّهُ بَشْرَتَهُ " ; لِأَنَّ الْجَنَابَةَ لَوْ كَانَ التَّيَمُّمُ رَفَعَهَا ، لَمَا احْتِيجَ إِلَى إِمْسَاسِ الْمَاءِ الْبَشَرَةَ .
وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ التَّيَمُّمَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ : بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَرَّحَ بِأَنَّهُ طَهُورٌ فِي قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007432وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا " ، وَبِأَنَّ فِي الْحَدِيثِ الْمَارِّ آنِفًا : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007433التَّيَمُّمُ وُضُوءُ الْمُسْلِمِ " ، وَبِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ الْآيَةَ ، وَبِالْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ تَصِحُّ بِهِ كَمَا تَصِحُّ بِالْمَاءِ بِهِ ، وَلَا يَخْفَى مَا بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ مِنَ التَّنَاقُضِ .
قَالَ مُقَيِّدُهُ - عَفَا اللَّهُ عَنْهُ - : الَّذِي يَظْهَرُ مِنَ الْأَدِلَّةِ تَعَيُّنُ الْقَوْلِ الثَّالِثِ ; لِأَنَّ الْأَدِلَّةَ تَنْتَظِمُ وَلَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا تَنَاقُضٌ وَالْجَمْعُ وَاجِبٌ مَتَى أَمْكَنَ ، قَالَ فِي " مَرَاقِي السُّعُودِ " : [ الرَّجَزُ ]
[ ص: 367 ] وَالْجَمْعُ وَاجِبٌ مَتَى مَا أَمْكَنَّا إِلَّا فَلِلْأَخِيرِ نَسْخٌ بُيِّنَا
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ الْمَذْكُورُ هُوَ : أَنَّ التَّيَمُّمَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ رَفْعًا مُؤَقَّتًا لَا كُلِّيًّا ، وَهَذَا لَا مَانِعَ مِنْهُ عَقْلًا وَلَا شَرْعًا ، وَقَدْ دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَدِلَّةُ ; لِأَنَّ صِحَّةَ الصَّلَاةِ بِهِ الْمَجْمَعَ عَلَيْهَا يَلْزَمُهَا أَنَّ الْمُصَلِّيَ غَيْرُ مُحْدِثٍ ، وَلَا جُنُبٍ لُزُومًا شَرْعِيًّا لَا شَكَّ فِيهِ .
وَوُجُوبُ الِاغْتِسَالِ أَوِ الْوُضُوءِ بَعْدَ ذَلِكَ عِنْدَ إِمْكَانِهِ الْمَجْمَعِ عَلَيْهِ أَيْضًا يَلْزَمُهُ لُزُومًا شَرْعِيًّا لَا شَكَّ فِيهِ ، وَأَنَّ الْحَدَثَ مُطْلَقًا لَمْ يَرْتَفِعْ بِالْكُلِّيَّةِ ، فَيَتَعَيَّنُ الِارْتِفَاعُ الْمُؤَقَّتُ . هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ ، وَلَكِنَّهُ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=59عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007428صَلَّيْتَ بِأَصْحَابِكَ وَأَنْتَ جُنُبٌ " ، وَقَدْ تَقَرَّرَ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْعَرَبِيَّةِ أَنَّ وَقْتَ عَامِلِ الْحَالِ هُوَ بِعَيْنِهِ وَقْتُ الْحَالِ ، فَالْحَالُ وَعَامِلُهَا إِذًا مُقْتَرِنَانِ فِي الزَّمَانِ ، فَقَوْلُكَ : جَاءَ زَيْدٌ ضَاحِكًا مَثَلًا ، لَا شَكَّ فِي أَنَّ وَقْتَ الْمَجِيءِ فِيهِ هُوَ بِعَيْنِهِ وَقْتُ الضَّحِكِ ، وَعَلَيْهِ فَوَقْتُ صَلَاتِهِ ، هُوَ بِعَيْنِهِ وَقْتُ كَوْنِهِ جُنُبًا ; لِأَنَّ الْحَالَ هِيَ كَوْنُهُ جُنُبًا وَعَامِلُهَا قَوْلُهُ " صَلَّيْتَ " ، فَيَلْزَمُ أَنَّ الصَّلَاةَ وَالْجَنَابَةَ مُتَّحِدٌ ، وَلَا يَقْدَحُ فِيمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْحَالَ الْمُقَدَّرَةَ لَا تُقَارِنُ عَامِلَهَا فِي الزَّمَانِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=73سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ [ 39 \ 73 ] ; لِأَنَّ الْخُلُودَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ زَمَنِ الدُّخُولِ أَيْ مُقَدِّرِينَ الْخُلُودَ فِيهَا ; لِأَنَّ الْحَالَ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ لَيْسَتْ مِنْ هَذَا النَّوْعِ .
فَالْمُقَارَنَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ عَامِلِهَا فِي الزَّمَنِ لَا شَكَّ فِيهَا ، وَإِذَا كَانَتِ الْجَنَابَةُ حَاصِلَةٌ لَهُ فِي نَفْسِ وَقْتِ الصَّلَاةِ ، كَمَا هُوَ مُقْتَضَى هَذَا الْحَدِيثِ ، فَالرَّفْعُ الْمُؤَقَّتُ الْمَذْكُورُ لَا يَسْتَقِيمُ ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ هَذَا مِنْ وَجْهَيْنِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ : " وَأَنْتَ جُنُبٌ " ، قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ عُذْرَهُ بِخَوْفِهِ الْمَوْتَ إِنِ اغْتَسَلَ .
وَالْمُتَيَمِّمُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ مُبِيحٍ جَنُبٌ قَطْعًا ، وَبَعْدَ أَنْ عَلِمَ عُذْرَهُ الْمُبِيحَ لِلتَّيَمُّمِ الَّذِي هُوَ خَوْفُ الْمَوْتِ أَقَرَّهُ وَضَحِكَ ، وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْإِعَادَةِ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ وَهُوَ غَيْرُ جُنُبٍ ، وَهَذَا ظَاهِرُ الْوَجْهِ .
الثَّانِي : أَنَّهُ أَطْلَقَ عَلَيْهِ اسْمَ الْجَنَابَةِ نَظَرًا إِلَى أَنَّهَا لَمْ تَرْتَفِعْ بِالْكُلِّيَّةِ ، وَلَوْ كَانَ فِي وَقْتِ صَلَاتِهِ غَيْرُ جُنُبٍ ، كَإِطْلَاقِ اسْمِ الْخَمْرِ عَلَى الْعَصِيرِ فِي وَقْتٍ هُوَ فِيهِ لَيْسَ بِخَمْرٍ فِي
[ ص: 368 ] قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=36إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا [ 12 \ 36 ] ، نَظَرًا إِلَى مَآلِهِ فِي ثَانِي حَالٍ ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى .
وَمِنَ الْمَسَائِلِ الَّتِي تُبْنَى عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي التَّيَمُّمِ ، هَلْ يَرْفَعُ الْحَدَثَ أَوْ لَا ؟ جَوَازُ
nindex.php?page=treesubj&link=32555_637_338وَطْءِ الْحَائِضِ إِذَا طَهُرَتْ ، وَصَلَّتْ بِالتَّيَمُّمِ لِلْعُذْرِ الَّذِي يُبِيحُهُ ، فَعَلَى أَنَّهُ يَرْفَعُ الْحَدَثَ يَجُوزُ وَطْؤُهَا قَبْلَ الِاغْتِسَالِ ، وَالْعَكْسُ بِالْعَكْسِ .
وَكَذَلِكَ إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=484_491_338تَيَمَّمَ وَلَبِسَ الْخُفَّيْنِ ، فَعَلَى أَنَّ التَّيَمُّمَ يَرْفَعُ الْحَدَثَ يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا فِي الْوُضُوءِ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَالْعَكْسُ بِالْعَكْسِ .
وَكَذَلِكَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=12031أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنْ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=336الْجُنُبَ إِذَا تَيَمَّمَ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ لَا يَلْزَمُهُ الْغُسْلُ ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى رَفْعِ الْحَدَثِ بِالتَّيَمُّمِ ، لَكِنَّ هَذَا الْقَوْلَ تَرُدُّهُ الْأَحَادِيثُ الْمُتَقَدِّمَةُ ، وَإِجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ قَبْلَهُ ، وَبَعْدَهُ عَلَى خِلَافِهِ .