[ ص: 44 ] فصل
في
nindex.php?page=treesubj&link=28908الفصل والوصل
اعلم أن الموصول في الوجود توصل كلماته في الخط ; كما توصل حروف الكلمة الواحدة ، والمفصول معنى في الوجود يفصل في الخط ، كما تفصل كلمة عن كلمة .
فمنه " إنما " بالكسر كله موصول إلا واحدا :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=134إن ما توعدون لآت ( الأنعام : 134 ) ، لأن حرف " ما " هنا وقع على مفصل ; فمنه خير موعود به لأهل الخير ، ومنه شر موعود به لأهل الشر ; فمعنى " ما " مفصول في الوجود والعلم .
ومنه " أنما " بالفتح ، كله موصول إلا حرفان :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=62وأن ما يدعون من دونه هو الباطل ( الحج : 62 ) ،
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=30وأن ما يدعون من دونه الباطل ( لقمان : 30 ) ، وقع الفصل عن حرف التوكيد ; إذ ليس لدعوى غير الله وصل في الوجود ; إنما وصلها في العدم والنفي ; بدليل قوله تعالى عن المؤمن :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=43أنما تدعونني إليه ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة ( غافر : 43 ) فوصل أنما في النفي ، وفصل في الإثبات ، لانفصاله عن دعوة الحق .
ومنه كلما موصول كله إلا ثلاثة : في النساء : " "
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=91قومهم كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها " " ( الآية : 91 ) فما ردوا إليه ليس شيئا واحدا في الوجود ، بل أنواع مختلفة في الوجود ، وصفة مردهم ليست واحدة بل متنوعة ، فانفصل " ما " لأنه لعموم شيء مفصل في الوجود .
وفي سورة إبراهيم :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=34وآتاكم من كل ما سألتموه ( الآية : 34 ) فحرف " ما " واقع على أنواع مفصلة في الوجود .
وفى قد أفلح :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=44كل ما جاء أمة رسولها كذبوه ( المؤمنون : 44 ) ، والأمم مختلفة في الوجود ، فحرف " ما " وقع على تفاصيل موجودة لتفصل .
وهذا بخلاف قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=70كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون ( المائدة : 70 ) فإن هؤلاء هم بنو إسرائيل أمة واحدة ; بدليل قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=91فلم تقتلون أنبياء الله ( البقرة : 91 )
[ ص: 45 ] والمخاطبون على عهد النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتلوا الأنبياء ، إنما باشره آباؤهم ، لكن مذهبهم في ذلك واحد ، فحرف " ما " إنما يشمل تفاصيل الزمان ، وهو تفصيل لا مفصل له في الوجود إلا بالفرض والتوهم لا بالحس ، فوصلت " كل " لاتصال الأزمنة في الوجود ، وتلازم أفرادها المتوهمة .
وكذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=25كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا ( البقرة : 25 ) ، هذا موصول لأن حرف " ما " جاء لتعميم الأزمنة ، فلا تفصيل فيها في الوجود ، وما رزقوا هو غير مختلف لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=25وأتوا به متشابها ( البقرة : 25 ) .
ومنه " أينما " موصول إذا كانت " ما " غير مختلفة الأقسام في الفعل الذي بعدها ; مثل :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=76أينما يوجهه ( النحل : 76 ) ،
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=115فأينما تولوا ( البقرة : 115 ) ،
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=61أينما ثقفوا أخذوا ( الأحزاب : 61 ) ،
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78أينما تكونوا يدرككم الموت ( النساء : 78 ) ; فهذه كلها لم تخرج عن " الأين " الملكي ، وهو متصل حسا ولم يختلف فيه الفعل الذي مع " ما " .
وتفصل " أين " حيث تكون " ما " مختلفة الأقسام في الوصف الذي بعدها ، مثل :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=92أين ما كنتم تعبدون ( الشعراء : 92 ) ،
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=4وهو معكم أين ما كنتم ( الحديد : 4 ) ،
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=112أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس ( آل عمران : 112 ) .
ومنه " بئسما " مفصول ، إلا ثلاثة أحرف : اثنان في البقرة :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=90بئسما اشتروا به أنفسهم ( البقرة : 90 ) ،
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=93بئسما يأمركم به إيمانكم ( البقرة : 93 ) وفي الأعراف :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=150بئسما خلفتموني ( الأعراف : 150 ) .
فحرف " ما " ليس فيه تفصيل ، لأنه بمعنى واحد في الوجود من جهة كونه باطلا مذموما ، على خلاف حال " ما " في المائدة :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=62ترى كثيرا منهم يسارعون في الإثم والعدوان وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يعملون ( المائدة : 62 ) ، فحرف
[ ص: 46 ] ما يشتمل على الأقسام الثلاثة التي ذكرت قبل . وكذلك :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=80لبئس ما قدمت لهم أنفسهم ( المائدة : 80 ) حرف " ما " مفصول ; لأنه يشمل ما بعده من الأقسام .
ومنه :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=13يوم هم على النار يفتنون ( الذاريات : 13 ) ،
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=16يوم هم بارزون ( غافر : 16 ) ، حرفان فصل الضمير منهما لأنه مبتدأ ، وأضيف " اليوم " إلى الجملة المنفصلة عنه . و
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=45يومهم الذي فيه يصعقون ( الطور : 45 ) و
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=83يومهم الذي يوعدون ( الزخرف : 83 ) وصل الضمير لأنه مفرد ; فهو جزء الكلمة المركبة من " اليوم " المضاف والضمير المضاف إليه .
ومنه " في ما " مفصول أحد عشر حرفا : في البقرة
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=240في ما فعلن في أنفسهن من معروف ( الآية : 240 ) ، وذلك لأن ما يقع على فرد واحد من أنواع ينفصل بها المعروف في الوجود [ و ] على البدلية أو الجمع ; يدل على ذلك تنكيره " المعروف " ودخول حرف التبعيض عليه ، فهو حسي يقسم ، وحرف " ما " وقع على كل واحد منهما على البدلية أو الجمع ، وأما قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=234فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف ( البقرة : 234 ) ، فهذا موصول لأن " ما " واقعة على شيء واحد غير مفصل ، يدلك عليه وصفه بالمعروف .
وكذلك :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=102في ما اشتهت أنفسهم خالدون ( الأنبياء : 102 ) ، وهو مفصول ; لأن شهوات الأنفس مختلفة أو مفصلة في الوجود كذلك ، فتدبره في سائرها .
ومنه : ( لكيلا ) موصول في ثلاثة مواضع ; وباقيها منفصل ; وإنما يوصل حيث يكون حرف النفي دخل على معنى كلي فيوصل ; لأن نفي الكلي نفي لجميع جزئياته ، فعلة نفيه هي علة نفي أجزائه ، وليس للكلي المنفي أفراد في الوجود ، وإنما ذلك فيه بالتوهم ، ويفصل حيث يكون حرف النفي دخل على جزئي فإن نفي الجزئي لا يلزم منه نفي الكلي فلا تكون علته علة نفي الجمع .
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=5لكيلا يعلم من بعد علم شيئا في الحج ( الآية : 5 ) ، وفى الأحزاب :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=50لكيلا يكون عليك حرج ( الآية : 50 ) ، وفى الحديد :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=23لكيلا تأسوا على ما فاتكم ( الآية : 23 ) .
[ ص: 47 ] فهذه هي الموصولة وهي بخلاف :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=70لكي لا يعلم بعد علم شيئا ( الآية : 70 ) في النحل ; لأن الظرف في هذا خاص الاعتبار ; وهو في الأول عام الاعتبار ; لدخول " من " عليه ، وهذا كقوله تعالى عن أهل الجنة :
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=26إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين ( الطور : 26 ) اختص المظروف بـ " قبل " في الدنيا ، ففيها كانوا مشفقين خاصة ، وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=28إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم ( الطور : 28 ) ، فهذا الظرف عام لدعائهم بذلك في الدنيا والآخرة ، فلم يختص المظروف بـ " قبل " بالدنيا .
وكذلك :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا ( الأحزاب : 37 ) ، فهذا المنفي هو حرج مقيد بظرفين .
وكذلك :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم ( الحشر : 7 ) فهذا النفي هو كون :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى ( الحشر : 7 ) دولة بين الأغنياء من المؤمنين ، وهذه قيود كثيرة .
ومن ذلك " هم " ونحوه من الضمائر تدل على جملة المسمى من غير تفصيل ، والإضمار حال لا صفة وجود ، فلا يلزمها التقسيم الوجودي إلا الوهمي الشعري والخطأ بما يرسم على العلم الحق .
ومن ذلك " مال " أربعة أحرف مفصولة ; وذلك أن اللام وصلة إضافية ، فقطعت حيث تقطع الإضافة في الوجود .
فأولها في سورة النساء :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78فمال هؤلاء القوم ( النساء : 78 ) ، هذه الإشارة للفريق الذين نافقوا من القوم الذين قيل لهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة ( النساء : 77 ) ، فقطعوا وصل السيئة بالحسنة في الإضافة إلى الله ففرقوا بينهما ، كما أخبر سبحانه ، والله قد وصل ذلك وأمر به في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78قل كل من عند الله ( النساء : 78 ) فقطعوا في الوجود ما أمر الله به أن يوصل ، فقطع لام وصلهم في الخط علامة لذلك ، وفيه تنبيه على أن الله يقطع وصلهم
[ ص: 48 ] بالمؤمنين ; وذلك في [ يوم الفصل ] :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=13يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم ( الحديد : 13 ) .
والثاني في سورة الكهف :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=49ويقولون ياويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ( الآية : 49 ) ، وهؤلاء قطعوا بزعمهم وصل جعل الموعد لهم بوصل إحصاء الكتاب ، وعدم مغادرته لشيء من أعمالهم في إضافتها إلى الله ، فلذلك ينكرون على الكتاب في الآخرة ، ودليل ذلك ظاهر من سياق خبرهم في تلك الآيات من الكهف .
والثالث في سورة الفرقان :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=7وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام ( الآية : 7 ) فقطعوا وصل الرسالة لأكل الطعام فأنكروا ، فقطعوا قولهم هذا ليزول عن اعتقادهم أنه رسول ، فقطع اللام علامة لذلك .
والرابع في المعارج :
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=36فمال الذين كفروا قبلك مهطعين ( الآية : 36 ) هؤلاء الكفار تفرقوا جماعات مختلفات كما يدل عليه :
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=37عن اليمين وعن الشمال عزين ( المعارج : 37 ) قطعوا وصلهم في قلوبهم بمحمد صلى الله عليه وسلم ، فقطع الله طمعهم في دخول الجنة ، ولذلك قطعت اللام علامة عليه .
ومن ذلك : ابن أم في الأعراف ( الآية : 150 ) في الأعراف مفصول على الأصل ، وفى طه : " " ابنؤم " " ( الآية : 94 ) موصول لسر لطيف ، وهو أنه لما أخذ
موسى برأس أخيه اعتذر إليه فناداه من قرب على الأصل الظاهر في الوجود ، ولما تمادى ناداه بحرف النداء ينبهه لبعده عنه في الحال ، لا في المكان ، مؤكدا لوصلة الرحم بينهما بالربط ; فلذلك وصل في الخط ، ويدل عليه نصب الميم ليجمعهما الاسم بالتعميم .
ومن ذلك ستة أحرف لا توصل بما بعدها ، وهى : الألف ، والواو ، والدال ، والذال ، والراء ، والزاي ; لأنها علامات لانفصالات ونهايات ، وسائر الحروف توصل في الكلمة الواحدة .
[ ص: 44 ] فَصْلٌ
فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28908الْفَصْلِ وَالْوَصْلِ
اعْلَمْ أَنَّ الْمَوْصُولَ فِي الْوُجُودِ تُوصَلُ كَلِمَاتُهُ فِي الْخَطِّ ; كَمَا تُوصَلُ حُرُوفُ الْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ ، وَالْمَفْصُولُ مَعْنًى فِي الْوُجُودِ يُفْصَلُ فِي الْخَطِّ ، كَمَا تُفْصَلُ كَلِمَةٌ عَنْ كَلِمَةٍ .
فَمِنْهُ " إِنَّمَا " بِالْكَسْرِ كُلُّهُ مَوْصُولٌ إِلَّا وَاحِدًا :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=134إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ ( الْأَنْعَامِ : 134 ) ، لِأَنَّ حَرْفَ " مَا " هُنَا وَقَعَ عَلَى مُفَصَّلٍ ; فَمِنْهُ خَيْرٌ مَوْعُودٌ بِهِ لِأَهْلِ الْخَيْرِ ، وَمِنْهُ شَرٌّ مَوْعُودٌ بِهِ لِأَهْلِ الشَّرِّ ; فَمَعْنَى " مَا " مَفْصُولٌ فِي الْوُجُودِ وَالْعِلْمِ .
وَمِنْهُ " أَنَّمَا " بِالْفَتْحِ ، كُلُّهُ مَوْصُولٌ إِلَّا حَرْفَانِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=62وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ ( الْحَجِّ : 62 ) ،
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=30وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ ( لُقْمَانَ : 30 ) ، وَقَعَ الْفَصْلُ عَنْ حَرْفِ التَّوْكِيدِ ; إِذْ لَيْسَ لِدَعْوَى غَيْرِ اللَّهِ وَصْلٌ فِي الْوُجُودِ ; إِنَّمَا وَصْلُهَا فِي الْعَدَمِ وَالنَّفْيِ ; بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى عَنِ الْمُؤْمِنِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=43أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ ( غَافِرٍ : 43 ) فَوَصَلَ أَنَّمَا فِي النَّفْيِ ، وَفَصَلَ فِي الْإِثْبَاتِ ، لِانْفِصَالِهِ عَنْ دَعْوَةِ الْحَقِّ .
وَمِنْهُ كُلَّمَا مَوْصُولٌ كُلُّهُ إِلَّا ثَلَاثَةً : فِي النِّسَاءِ : " "
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=91قَوْمَهُمْ كُلَّمَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا " " ( الْآيَةَ : 91 ) فَمَا رُدُّوا إِلَيْهِ لَيْسَ شَيْئًا وَاحِدًا فِي الْوُجُودِ ، بَلْ أَنْوَاعٌ مُخْتَلِفَةٌ فِي الْوُجُودِ ، وَصِفَةُ مَرَدِّهِمْ لَيْسَتْ وَاحِدَةً بَلْ مُتَنَوِّعَةً ، فَانْفَصَلَ " مَا " لِأَنَّهُ لِعُمُومِ شَيْءٍ مُفَصَّلٍ فِي الْوُجُودِ .
وَفِي سُورَةِ إِبْرَاهِيمَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=34وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ( الْآيَةَ : 34 ) فَحَرْفُ " مَا " وَاقِعٌ عَلَى أَنْوَاعٍ مُفَصَّلَةٍ فِي الْوُجُودِ .
وَفَى قَدْ أَفْلَحَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=44كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ ( الْمُؤْمِنُونَ : 44 ) ، وَالْأُمَمُ مُخْتَلِفَةٌ فِي الْوُجُودِ ، فَحَرْفُ " مَا " وَقَعَ عَلَى تَفَاصِيلَ مَوْجُودَةٍ لِتُفَصَّلَ .
وَهَذَا بِخِلَافِ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=70كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ ( الْمَائِدَةِ : 70 ) فَإِنَّ هَؤُلَاءِ هُمْ بَنُو إِسْرَائِيلَ أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ ; بِدَلِيلِ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=91فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ ( الْبَقَرَةِ : 91 )
[ ص: 45 ] وَالْمُخَاطَبُونَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقْتُلُوا الْأَنْبِيَاءَ ، إِنَّمَا بَاشَرَهُ آبَاؤُهُمْ ، لَكِنَّ مَذْهَبَهُمْ فِي ذَلِكَ وَاحِدٌ ، فَحَرْفُ " مَا " إِنَّمَا يَشْمَلُ تَفَاصِيلَ الزَّمَانِ ، وَهُوَ تَفْصِيلٌ لَا مُفَصَّلَ لَهُ فِي الْوُجُودِ إِلَّا بِالْفَرْضِ وَالتَّوَهُّمِ لَا بِالْحِسِّ ، فَوُصِلَتْ " كُلُّ " لِاتِّصَالِ الْأَزْمِنَةِ فِي الْوُجُودِ ، وَتَلَازُمِ أَفْرَادِهَا الْمُتَوَهَّمَةِ .
وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=25كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا ( الْبَقَرَةِ : 25 ) ، هَذَا مَوْصُولٌ لِأَنَّ حَرْفَ " مَا " جَاءَ لِتَعْمِيمِ الْأَزْمِنَةِ ، فَلَا تَفْصِيلَ فِيهَا فِي الْوُجُودِ ، وَمَا رُزِقُوا هُوَ غَيْرُ مُخْتَلِفٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=25وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا ( الْبَقَرَةِ : 25 ) .
وَمِنْهُ " أَيْنَمَا " مَوْصُولٌ إِذَا كَانَتْ " مَا " غَيْرَ مُخْتَلِفَةِ الْأَقْسَامِ فِي الْفِعْلِ الَّذِي بَعْدَهَا ; مِثْلُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=76أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ ( النَّحْلِ : 76 ) ،
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=115فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا ( الْبَقَرَةِ : 115 ) ،
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=61أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا ( الْأَحْزَابِ : 61 ) ،
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ ( النِّسَاءِ : 78 ) ; فَهَذِهِ كُلُّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنِ " الْأَيْنِ " الْمِلْكِيِّ ، وَهُوَ مُتَّصِلٌ حِسًّا وَلَمْ يَخْتَلِفْ فِيهِ الْفِعْلُ الَّذِي مَعَ " مَا " .
وَتُفْصَلُ " أَيْنَ " حَيْثُ تَكُونُ " مَا " مُخْتَلِفَةَ الْأَقْسَامِ فِي الْوَصْفِ الَّذِي بَعْدَهَا ، مِثْلُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=92أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ ( الشُّعَرَاءِ : 92 ) ،
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=4وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ ( الْحَدِيدِ : 4 ) ،
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=112أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ ( آلِ عِمْرَانَ : 112 ) .
وَمِنْهُ " بِئْسَمَا " مَفْصُولٌ ، إِلَّا ثَلَاثَةَ أَحْرُفٍ : اثْنَانِ فِي الْبَقَرَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=90بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ ( الْبَقَرَةِ : 90 ) ،
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=93بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ ( الْبَقَرَةِ : 93 ) وَفِي الْأَعْرَافِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=150بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي ( الْأَعْرَافِ : 150 ) .
فَحَرْفُ " مَا " لَيْسَ فِيهِ تَفْصِيلٌ ، لِأَنَّهُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ فِي الْوُجُودِ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ بَاطِلًا مَذْمُومًا ، عَلَى خِلَافِ حَالِ " مَا " فِي الْمَائِدَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=62تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ( الْمَائِدَةِ : 62 ) ، فَحَرْفُ
[ ص: 46 ] مَا يَشْتَمِلُ عَلَى الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي ذُكِرَتْ قَبْلُ . وَكَذَلِكَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=80لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ ( الْمَائِدَةِ : 80 ) حَرْفُ " مَا " مَفْصُولٌ ; لِأَنَّهُ يَشْمَلُ مَا بَعْدَهُ مِنَ الْأَقْسَامِ .
وَمِنْهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=13يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ ( الذَّارِيَاتِ : 13 ) ،
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=16يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ ( غَافِرٍ : 16 ) ، حَرْفَانِ فُصِلَ الضَّمِيرُ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ مُبْتَدَأٌ ، وَأُضِيفَ " الْيَوْمُ " إِلَى الْجُمْلَةِ الْمُنْفَصِلَةِ عَنْهُ . وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=45يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ ( الطُّورِ : 45 ) وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=83يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ ( الزُّخْرُفِ : 83 ) وُصِلَ الضَّمِيرُ لِأَنَّهُ مُفْرَدٌ ; فَهُوَ جُزْءُ الْكَلِمَةِ الْمُرَكَّبَةِ مِنَ " الْيَوْمِ " الْمُضَافِ وَالضَّمِيرِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ .
وَمِنْهُ " فِي مَا " مَفْصُولٌ أَحَدَ عَشَرَ حَرْفًا : فِي الْبَقَرَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=240فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ ( الْآيَةَ : 240 ) ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَا يَقَعُ عَلَى فَرْدٍ وَاحِدٍ مِنْ أَنْوَاعٍ يَنْفَصِلُ بِهَا الْمَعْرُوفُ فِي الْوُجُودِ [ وَ ] عَلَى الْبَدَلِيَّةِ أَوِ الْجَمْعِ ; يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ تَنْكِيرُهُ " الْمَعْرُوفَ " وَدُخُولُ حِرَفِ التَّبْعِيضِ عَلَيْهِ ، فَهُوَ حِسِّيٌّ يُقَسَّمُ ، وَحَرْفُ " مَا " وَقَعَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْبَدَلِيَّةِ أَوِ الْجَمْعِ ، وَأَمَّا قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=234فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ( الْبَقَرَةِ : 234 ) ، فَهَذَا مَوْصُولٌ لِأَنَّ " مَا " وَاقِعَةٌ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ غَيْرِ مُفَصَّلٍ ، يَدُلُّكَ عَلَيْهِ وَصْفُهُ بِالْمَعْرُوفِ .
وَكَذَلِكَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=102فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ ( الْأَنْبِيَاءِ : 102 ) ، وَهُوَ مَفْصُولٌ ; لِأَنَّ شَهَوَاتِ الْأَنْفُسِ مُخْتَلِفَةٌ أَوْ مُفَصَّلَةٌ فِي الْوُجُودِ كَذَلِكَ ، فَتَدَبَّرْهُ فِي سَائِرِهَا .
وَمِنْهُ : ( لِكَيْلَا ) مَوْصُولٌ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ ; وَبَاقِيهَا مُنْفَصِلٌ ; وَإِنَّمَا يُوصَلُ حَيْثُ يَكُونُ حَرْفُ النَّفْيِ دَخَلَ عَلَى مَعْنًى كُلِّيٍّ فَيُوصَلُ ; لِأَنَّ نَفْيَ الْكُلِّيِّ نَفْيٌ لِجَمِيعِ جُزْئِيَّاتِهِ ، فَعِلَّةُ نَفْيِهِ هِيَ عِلَّةُ نَفْيِ أَجْزَائِهِ ، وَلَيْسَ لِلْكُلِّيِّ الْمَنْفِيِّ أَفْرَادٌ فِي الْوُجُودِ ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِيهِ بِالتَّوَهُّمِ ، وَيُفْصَلُ حَيْثُ يَكُونُ حَرْفُ النَّفْيِ دَخَلَ عَلَى جُزْئِيٍّ فَإِنَّ نَفْيَ الْجُزْئِيِّ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ نَفْيُ الْكُلِّيِّ فَلَا تَكُونَ عِلَّتُهُ عِلَّةَ نَفْيِ الْجَمْعِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=5لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا فِي الْحَجِّ ( الْآيَةَ : 5 ) ، وَفَى الْأَحْزَابِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=50لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ ( الْآيَةَ : 50 ) ، وَفَى الْحَدِيدِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=23لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ ( الْآيَةَ : 23 ) .
[ ص: 47 ] فَهَذِهِ هِيَ الْمَوْصُولَةُ وَهِيَ بِخِلَافِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=70لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا ( الْآيَةَ : 70 ) فِي النَّحْلِ ; لِأَنَّ الظَّرْفَ فِي هَذَا خَاصُّ الِاعْتِبَارِ ; وَهُوَ فِي الْأَوَّلِ عَامُّ الِاعْتِبَارِ ; لِدُخُولِ " مِنْ " عَلَيْهِ ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى عَنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=26إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ ( الطُّورِ : 26 ) اخْتَصَّ الْمَظْرُوفُ بِـ " قَبْلُ " فِي الدُّنْيَا ، فَفِيهَا كَانُوا مُشْفِقِينَ خَاصَّةً ، وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=28إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ ( الطُّورِ : 28 ) ، فَهَذَا الظَّرْفُ عَامٌّ لِدُعَائِهِمْ بِذَلِكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، فَلَمْ يَخْتَصَّ الْمَظْرُوفُ بِـ " قَبْلُ " بِالدُّنْيَا .
وَكَذَلِكَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=37لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا ( الْأَحْزَابِ : 37 ) ، فَهَذَا الْمَنْفِيُّ هُوَ حَرَجٌ مُقَيَّدٌ بِظَرْفَيْنِ .
وَكَذَلِكَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ ( الْحَشْرِ : 7 ) فَهَذَا النَّفْيُ هُوَ كَوْنُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=7مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى ( الْحَشْرِ : 7 ) دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَهَذِهِ قُيُودٌ كَثِيرَةٌ .
وَمِنْ ذَلِكَ " هُمْ " وَنَحْوُهُ مِنَ الضَّمَائِرِ تَدُلُّ عَلَى جُمْلَةِ الْمُسَمَّى مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ ، وَالْإِضْمَارُ حَالٌ لَا صِفَةُ وُجُودٍ ، فَلَا يَلْزَمُهَا التَّقْسِيمُ الْوُجُودِيُّ إِلَّا الْوَهْمِيَّ الشِّعْرِيَّ وَالْخَطَأَ بِمَا يُرْسَمُ عَلَى الْعِلْمِ الْحَقِّ .
وَمِنْ ذَلِكَ " مَالِ " أَرْبَعَةُ أَحْرُفٍ مَفْصُولَةٍ ; وَذَلِكَ أَنَّ اللَّامَ وَصْلَةٌ إِضَافِيَّةٌ ، فَقُطِعَتْ حَيْثُ تُقْطَعُ الْإِضَافَةُ فِي الْوُجُودِ .
فَأَوَّلُهَا فِي سُورَةِ النِّسَاءِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ ( النِّسَاءِ : 78 ) ، هَذِهِ الْإِشَارَةُ لِلْفَرِيقِ الَّذِينَ نَافَقُوا مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ( النِّسَاءِ : 77 ) ، فَقَطَعُوا وَصْلَ السَّيِّئَةِ بِالْحَسَنَةِ فِي الْإِضَافَةِ إِلَى اللَّهِ فَفَرَّقُوا بَيْنَهُمَا ، كَمَا أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ ، وَاللَّهُ قَدْ وَصَلَ ذَلِكَ وَأَمَرَ بِهِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ( النِّسَاءِ : 78 ) فَقَطَعُوا فِي الْوُجُودِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ ، فَقَطْعُ لَامِ وَصْلِهِمْ فِي الْخَطِّ عَلَامَةٌ لِذَلِكَ ، وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ اللَّهَ يَقْطَعُ وَصْلَهُمْ
[ ص: 48 ] بِالْمُؤْمِنِينَ ; وَذَلِكَ فِي [ يَوْمِ الْفَصْلِ ] :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=13يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ ( الْحَدِيدِ : 13 ) .
وَالثَّانِي فِي سُورَةِ الْكَهْفِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=49وَيَقُولُونَ يَاوَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً ( الْآيَةَ : 49 ) ، وَهَؤُلَاءِ قَطَعُوا بِزَعْمِهِمْ وَصْلَ جَعْلِ الْمَوْعِدِ لَهُمْ بِوَصْلِ إِحْصَاءِ الْكِتَابِ ، وَعَدَمِ مُغَادَرَتِهِ لِشَيْءٍ مِنْ أَعْمَالِهِمْ فِي إِضَافَتِهَا إِلَى اللَّهِ ، فَلِذَلِكَ يُنْكِرُونَ عَلَى الْكِتَابِ فِي الْآخِرَةِ ، وَدَلِيلُ ذَلِكَ ظَاهِرٌ مِنْ سِيَاقِ خَبَرِهِمْ فِي تِلْكَ الْآيَاتِ مِنَ الْكَهْفِ .
وَالثَّالِثُ فِي سُورَةِ الْفُرْقَانِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=7وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ ( الْآيَةَ : 7 ) فَقَطَعُوا وَصْلَ الرِّسَالَةِ لِأَكْلِ الطَّعَامِ فَأَنْكَرُوا ، فَقَطَعُوا قَوْلَهُمْ هَذَا لِيَزُولَ عَنِ اعْتِقَادِهِمْ أَنَّهُ رَسُولٌ ، فَقَطْعُ اللَّامِ عَلَامَةٌ لِذَلِكَ .
وَالرَّابِعُ فِي الْمَعَارِجِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=36فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ ( الْآيَةَ : 36 ) هَؤُلَاءِ الْكُفَّارُ تَفَرَّقُوا جَمَاعَاتٍ مُخْتَلِفَاتٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=37عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ ( الْمَعَارِجِ : 37 ) قَطَعُوا وَصْلَهُمْ فِي قُلُوبِهِمْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَطَعَ اللَّهُ طَمَعَهُمْ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ ، وَلِذَلِكَ قُطِعَتِ اللَّامُ عَلَامَةً عَلَيْهِ .
وَمِنْ ذَلِكَ : ابْنَ أُمَّ فِي الْأَعْرَافِ ( الْآيَةَ : 150 ) فِي الْأَعْرَافِ مَفْصُولٌ عَلَى الْأَصْلِ ، وَفَى طه : " " ابْنَؤُمَّ " " ( الْآيَةَ : 94 ) مَوْصُولٌ لِسِرٍّ لَطِيفٍ ، وَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا أَخَذَ
مُوسَى بِرَأْسِ أَخِيهِ اعْتَذَرَ إِلَيْهِ فَنَادَاهُ مِنْ قُرْبٍ عَلَى الْأَصْلِ الظَّاهِرِ فِي الْوُجُودِ ، وَلَمَّا تَمَادَى نَادَاهُ بِحَرْفِ النِّدَاءِ يُنَبِّهُهُ لِبُعْدِهِ عَنْهُ فِي الْحَالِ ، لَا فِي الْمَكَانِ ، مُؤَكِّدًا لِوَصْلَةِ الرَّحِمِ بَيْنَهُمَا بِالرَّبْطِ ; فَلِذَلِكَ وُصِلَ فِي الْخَطِّ ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ نَصْبُ الْمِيمِ لِيَجْمَعَهُمَا الِاسْمُ بِالتَّعْمِيمِ .
وَمِنْ ذَلِكَ سِتَّةُ أَحْرُفٍ لَا تُوصَلُ بِمَا بَعْدَهَا ، وَهَى : الْأَلِفُ ، وَالْوَاوُ ، وَالدَّالُ ، وَالذَّالُ ، وَالرَّاءُ ، وَالزَّايُ ; لِأَنَّهَا عَلَامَاتٌ لِانْفِصَالَاتٍ وَنِهَايَاتٍ ، وَسَائِرُ الْحُرُوفِ تُوصَلُ فِي الْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ .