الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
50 ( م ) - حدثنا حوثرة بن محمد المنقري قال : نا عمرو بن محمد قال : نا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن البراء قال : اشترى أبو بكر من عازب رحلا بثلاثة عشر درهما فقال أبو بكر لأبي : قل للبراء فليحمله إلى رحلي ، فقال : لا إلا أن تحدثنا حين خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنت معه، فقال أبو بكر : " خرجنا والمشركون يطلبون فأدلجنا ليلتنا ويومنا حتى أظهرنا وقام قائم الظهيرة فذهب بصري هل نرى من ظل نأوي إليه، فإذا نحن بظل صخرة ففرشت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه فروة ، ثم قلت : اضطجع يا رسول الله فاضطجع ، ثم انطلقت أنظر ما حولي هل أرى من طلب أحد فإذا أنا براعي غنم يسوق غنمه إلى الصخرة يريد منها الذي [ ص: 211 ] أردناه فسألته : لمن أنت يا غلام ؟ قال : لرجل من قريش وانتسب حتى عرفته فقلت : هل في غنمك من لبن ؟ قال : نعم ، قلت : فهل أنت حالب لي ؟ قال : نعم ، قال : فأمرته فاعتقل شاة من غنمه ، ثم أمرته فنفض ضرعها من الغبار ، ثم أمرته أن ينفض كفيه " قال أبو إسحاق : قال البراء بن عازب : ونفض إحدى يديه بالأخرى فحلب لي كثبة من لبن وقد رويت ، ومعي إداوة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فمها خرقة فصببت على اللبن حتى برد ، ثم أتيت به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت : اشرب فشرب حتى رضيت ، ثم قلت : الرحيل يا رسول الله ، فارتحلنا والقوم يطلبونا فلم يدركنا أحد غير سراقة بن مالك على فرس قلت هذا طلب قد لحقنا يا رسول الله ، قال : " لا تحزن إن الله معنا " . حتى إذا دنا منا وكان بيننا وبينه قدر رمحين أو ثلاثة ، قلت : هذا الطلب قد لحقنا يا رسول الله ، قال : وبكيت، فقال : " لم تبكي ؟ " قلت : أما والله ما على نفسي أبكي ولكن أبكي عليك ، فدعا عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " اللهم اكفناه " قال : فساخت فرسه في الأرض إلى بطنها ووثب عنها إلى الأرض ، ونادى يا محمد : إن هذا أحسبه قال : منك أو عملك فادع الله أن ينجيني مما أنا فيه ، فوالله لأعمين على من ورائي من الطلب ، وخذ سهما مني فإنك ستمر على إبل لي بمكان كذا وكذا فخذ منها ما شئت ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا حاجة لي فيها " فدعا له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فانطلق فرجع إلى أصحابه وأنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى انتهينا إلى المدينة [ ص: 212 ] فتلقاه الناس وخرج الناس على الطرق والنساء والخدم في الطرق يقولون : الله أكبر جاء محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وتنازعه القوم أيهم ينزل عليه فقال نبي الله - صلى الله عليه وسلم - : " ننزل الليلة على بني النجار أخوال عبد المطلب لنكرمهم بذلك ، ثم أصبح فغدا حيث أمر ، قال البراء : وكان أول من قدم علينا عمر بن الخطاب في عشرين راكبا فقلنا : ما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : هو على أثري ، ثم قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى قرأت سورا من المفصل.

وهذا الحديث روى منه شعبة حرفا وهو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شرب حتى رضيت.

52 ( م ) - حدثنا محمد بن المثنى قال : نا محمد بن جعفر ، عن شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن البراء ، عن أبي بكر بذلك .

وحديث إسرائيل قد شاركه على مثل روايته جماعة منهم زهير وحديج بن معاوية وغيرهما ، وهو من أحسن الأسانيد التي رويت عن أبي بكر رحمة الله عليه ورضوانه .

التالي السابق


الخدمات العلمية