الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
205 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : نا أبو خلف عبد الله بن عيسى [ ص: 316 ] قال : نا يونس بن عبيد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، سمع عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج يوما عند الظهيرة فوجد أبا بكر - رضي الله عنه - في المسجد جالسا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما أخرجك في هذه الساعة ؟ " قال : يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أخرجك ؟ قال : " أخرجني الذي أخرجك ، ثم إن عمر - رضي الله عنه - جاء فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا ابن الخطاب ما أخرجك هذه الساعة ؟ " قال : أخرجني يا رسول الله الذي أخرجكما ، فقعد معهما فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحدثهما فقال لهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " هل بكما من قوة فتنطلقان إلى هذا النخل فتصيبان من طعام وشراب ؟ " فقلنا : نعم يا رسول الله ، فانطلقنا حتى أتينا منزل مالك بن التيهان أبي الهيثم الأنصاري ، فتقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أيدينا فاستأذن عليهم ، وأم أبي الهيثم تسمع السلام تريد أن يزيدهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من السلام فلما أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ينصرف ، خرجت أم أبي الهيثم تسعى فقالت : يا رسول الله : قد سمعت تسليمك ولكن أردت أن تزيدنا من سلامك ، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أين أبو الهيثم ؟ " قالت : قريب يا رسول الله ذهب يستعذب لنا من الماء ، ادخلوا ، الساعة يأتي ، فبسطت لهم بساطا تحت شجرة حتى جاء أبو الهيثم مع حماره وعليه قربتان من ماء ففرح [ ص: 317 ] بهم أبو الهيثم وقرب تحيتهم وصعد أبو الهيثم على نخلة فصرم أعذاقا ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " حسبك يا أبا الهيثم ، فقال : يا رسول الله تأكلون من بسره ومن رطبه ، وتلذوا به ، ثم أتاهم بماء فشربوا عليه ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " هذا من النعيم الذي تسألون عنه " ، ثم قام أبو الهيثم إلى شاة ليذبحها فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إياك واللبون " ، ثم قام أبو الهيثم فعجن لهم ووضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر رءوسهم فناموا فاستيقظوا وقد أدرك طعامهم ، فوضعه بين أيديهم فأكلوا وشبعوا وحمدوا الله ، وأتاهم أبو الهيثم ببقية الأعذاق فأصابوا منه وسلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودعا لهم بخير ، ثم قال لأبي الهيثم : " إذا بلغك أنه قد أتانا رقيق فأتنا " قال أبو الهيثم : فلما بلغني أنه قد أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رقيق أتيت المدينة فأعطاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأسا فكاتبته على أربعين ألف درهم فما رأيت رأسا كان أعظم بركة منه .

[ ص: 318 ] قال عبد الله بن عيسى : فحدثت به إسماعيل المكي فحدثني بنحوه ، وزاد فيه : فقالت له أم أبي الهيثم : لو دعوت لنا فقال : " أفطر عندكم الصائمون وأكل طعامكم الأبرار وصلت عليكم الملائكة .

وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن عمر إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد ، ولا رواه عن يونس إلا عبد الله بن عيسى .

التالي السابق


الخدمات العلمية