الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 97 ] 2655 - حدثنا سلمة بن شبيب ، قال: أخبرنا بسطام بن خالد الحراني ، قال: أخبرنا نصر بن عبد الله أبو الفتح ، عن ثور بن يزيد ، عن خالد بن معدان ، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من صلى منكم من الليل فليجهر بقراءته ؛ فإن الملائكة تصلي بصلاته، وتسمع لقراءته، وإن مؤمني الجن الذين يكونون في الهواء، وجيرانه معه في مسكنه يصلون بصلاته، ويستمعون قراءته، وإنه ليطرد بجهر قراءته عن داره، وعن الدور التي حوله فساق الجن، ومردة الشياطين، وإن البيت الذي يقرأ فيه القرآن عليه خيمة من نور يقتدي بها أهل السماء كما [ ص: 98 ] يقتدون بالكوكب الدري في لجج البحار، وفي الأرض القفر فإذا مات صاحب القرآن رفعت تلك الخيمة فينظر الملائكة من السماء فلا يرون ذلك النور فتنعاه الملائكة من سماء إلى سماء فتصلي الملائكة على روحه في الأرواح، ثم تستقبل الملائكة الحافظين اللذين كانا معه، ثم تستغفر له الملائكة إلى يوم يبعث، وما من رجل تعلم كتاب الله، ثم صلى ساعة من الليل إلا أوصت به تلك الليلة الماضية الليلة المستقبلة أن تنبهه لساعته، وأن تكون عليه خفيفة، وإذا مات وكان أهله في جهازه يجيء القرآن في صورة حسنة جميلة واقفا عند رأسه حتى يدرج في أكفانه فيكون القرآن على صدره دون الكفن، فإذا وضع في قبره، وسوي عليه، وتفرق عنه أصحابه أتاه منكر، ونكير فيجلسانه في قبره يجيء القرآن حتى يكون بينه وبينهما فيقولان له: إليك حتى نسأله، فيقول: لا ورب الكعبة إنه لصاحبي، وخليلي ولست أخذله على حال فإن كنتما أمرتما بشيء فامضيا لما أمرتما، ودعاني مكاني فإني لست أفارقه حتى أدخله الجنة إن شاء الله، ثم ينظر القرآن إلى صاحبه، فيقول له: اسكن فإنك ستجدني من الجيران جار صدق ومن الأخلاء خليل صدق، ومن الأصحاب صاحب صدق، فيقول له: من أنت ؟ فيقول: أنا القرآن الذي كنت تجهر بي، وتخفيني، وكنت تحبني فأنا حبيبك فمن أحببته أحبه الله ليس عليك بعد مسألة منكر، ونكير من غم، ولا هم، ولا حزن، فيسأله منكر، ونكير، ويصعدان، ويبقى هو والقرآن، فيقول: لأفرشنك فراشا لينا، ولأدثرنك دثارا حسنا جميلا جزاء لك بما أسهرت ليلك، وأنصبت نهارك، قال، فيصعد القرآن إلى السماء [ ص: 99 ] أسرع من الطرف فيسأل الله ذلك له فيعطيه الله ذلك، فينزل به ألف ألف من مقربي السماء السادسة فيجيئه القرآن، ويقول: هل استوحشت ؟ ما زلت مذ فارقتك أن كلمت الله تبارك وتعالى حتى أخرجت لك منه فراشا، ودثارا، ومصباحا وقد جئتك به فقم حتى تفرشك الملائكة، قال: فتنهضه الملائكة إنهاضا لطيفا، ثم يفسح له في قبره مسيرة أربع مائة عام ثم يوضع له فراش بطانته من حرير أخضر حشوه المسك الأذخر، ويوضع له مرافق عند رجليه ورأسه من السندس، والإستبرق، ويسرج له سراجان من نور الجنة عند رأسه ورجليه يزهران إلى يوم القيامة، ثم تضجعه الملائكة على شقه الأيمن مستقبل القبلة، ثم يؤتى بياسمين من ياسمين الجنة، ويصعد عنه، ويبقى هو والقرآن فيأخذ القرآن الياسمين فيضعه على أنفه غضا فيستنشقه حتى يبعث، ويرجع القرآن إلى أهله فيخبره بخبرهم كل يوم وليلة، ويتعاهده كما يتعاهد الوالد الشفيق ولده بالخبر فإن تعلم أحد من ولده القرآن بشره بذلك، وإن كان عقبه عقب السوء دعا لهم بالصلاح والإقبال أو كما ذكر .

وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ [ ص: 100 ] إلا من هذا الوجه ولم يسمع خالد بن معدان من معاذ وإنما ذكرناه لأنا لم نحفظه عن النبي صلى الله عليه وسلم، إلا من هذا الوجه فلذلك ذكرناه، وإنما يجيء ثواب القرآن، والدليل على ذلك أنه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم: " أن اللقمة أو الكسرة تجيء يوم القيامة مثل أحد " وإنما يجيء ثوابها، فكل شيء من ذلك يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم مما يكون في الآخرة فإنما هو الثواب.

التالي السابق


الخدمات العلمية