الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب الوضوء من قبلة الرجل امرأته

                                                                                                          حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه عبد الله بن عمر أنه كان يقول قبلة الرجل امرأته وجسها بيده من الملامسة فمن قبل امرأته أو جسها بيده فعليه الوضوء

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          16 - باب الوضوء من قبلة الرجل امرأته

                                                                                                          97 95 - ( مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه عبد الله بن عمر أنه كان يقول : قبلة الرجل امرأته وجسها بيده ) بلا حائل ( من الملامسة ) التي قال الله تعالى فيها : ( أو لامستم النساء ) ( سورة النساء : الآية 43 ) ( فمن قبل امرأته أو جسها بيده فعليه الوضوء ) لانتقاضه ، وبه قال ابن مسعود وجماعة من التابعين والأئمة الثلاثة وغيرهم ، إلا أن الشافعي لم يشترط وجود اللذة لظاهر قول ابن عمر وابن مسعود وعموم الآية ، وللإجماع على وجوب الغسل على المستكرهة والنائمة بالتقاء الختانين وإن لم تقع لذة ، واشترط مالك اللذة أو وجودها عند اللمس وهو أصح ; لأنه لم يأت في الملامسة إلا قولان : الجماع وما دونه ، ومن قال بالثاني إنما أراد ما دونه مما ليس بجماع ، ولم يرد اللطمة ولا قبلة الرجل بنته ولا اللمس بلا شهوة فلم يبق إلا ما وقعت به اللذة ، إذ لا خلاف أن من لطم امرأته أو داوى جرحها لا وضوء عليه ، فكذلك من لمس ولم يلتذ ، كذا قال ابن عبد البر : وفيه نظر فمذهب الشافعي أن مس المرأة بلطمها أو مداواة جرحها ناقض للوضوء ، فإن أراد نفي [ ص: 190 ] الخلاف في مذهبه لم يتم الدليل لأنه من جملة محل النزاع .

                                                                                                          وقال ابن عباس : اللمس هو الجماع ولكن الله تعفف وكنى عنه وقال : ما أبالي قبلت امرأتين أو شممت ريحانة ، وكذا روي عن عمر وقال به جماعة من التابعين وأبو حنيفة وطائفة واحتجوا بأحاديث ضعيفة لا حجة فيها ، والحجة لنا أن العرب لا تعرف من الملامسة إلا لمس اليد ، قال تعالى : ( فلمسوه بأيديهم ) ( سورة الأنعام : الآية 7 ) وقال - صلى الله عليه وسلم - : " اليدان تزنيان وزناهما اللمس " ومنه بيع الملامسة وقد قرئ : ( أو لمستم النساء ) وحمله على التصريح أولى من حمله عن الكناية .

                                                                                                          وأتى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل فسأله عن رجل أصاب من امرأة لا تحل له ما يصيب الرجل من امرأته إلا الجماع فقال : " يتوضأ وضوءا حسنا " ، وحديث عائشة : " فقدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فالتمسته فوقعت يدي على باطن قدمه وهو يصلي " دليل على أن كل لمس بلا لذة ليس من معنى الآية .

                                                                                                          وجعل جمهور السلف القبلة من الملامسة وهي بغير اليد وإن كانت في الأغلب باليد فمعناها التقاء البشرتين ، فأي عضو كان مع الشهوة فهي الملامسة التي عنى الله تعالى ذكره أبو عمر .




                                                                                                          الخدمات العلمية