الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
569 - وعن جابر رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة " رواه مسلم .

التالي السابق


569 - ( وعن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بين العبد " ) أي : المسلم ( وبين الكفر ) : أي : مقاربته ، وقول ابن حجر : أي اتصافه به ، غير صحيح ; لما يلزم منه أن تارك الصلاة يكون كافرا ، ومن الغريب أنه تبجح بهذا التقرير ، وقال : لو فهم الشراح ما قلته لما أولوا وما تمحلوا ( ترك الصلاة ) : مبتدأ مؤخر . قال ابن الملك : متعلق " بين " محذوف ، تقديره : تركها وصلة بينه وبينه . وقال بعضهم : قد يقال لما يوصل الشيء إلى الشيء من شخص أو هدية هو بينهما . وقال الطيبي : ترك الصلاة مبتدأ والظرف المقدم خبره ، والظاهر أن فعل الصلاة هو الحاجز بين العبد والكفر ، فقال القاضي : يحتمل أن يئول ترك الصلاة بالحد الواقع بينهما ، فمن تركها دخل الحد ، وحام حول الكفر ، ودنا منه ، أو يقال : المعنى أن ترك الصلاة وصلة بين العبد والكفر ، والمعنى أنه يوصله إليه ، قيل : ويحتمل أن يقال : الكلام على خلاف الظاهر ، إذ ظاهره أن يقال : بين الإيمان والكفر ، أو بين المؤمن والكافر ، فوضع العبد موضع المؤمن ; لأن العبودية أن يخشع لمولاه ويشكر نعمه ، ووضع الكفر موضع الكافر وجعله نفس الكفر ، فكأنه قيل الفرق بين المؤمن والكافر ترك أداء الشكر ، فعلى هذا الكفر بمعنى الكفران ، وفي شرح السنة : اختلف في تكفير تارك الصلاة الفرض عمدا . قال عمر رضي الله عنه : لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة . وقال ابن مسعود : تركها كفر ، وقال عبد الله بن شقيق : كان أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة . وقال بعض العلماء : الحديث محمول على تركها جحودا أو على الزجر والوعيد ، وقال حماد بن زيد ، ومكحول ، ومالك ، والشافعي : تارك الصلاة كالمرتد ولا يخرج من الدين . وقال : صاحب الرأي لا يقتل ، بل يحبس حتى يصلي ، وبه قال الزهري . اهـ .

قلت : ونعم الرأي رأي أبي حنيفة ; إذ الأقوال باقيها ضعيفة ، ثم من التأويلات أن يكون مستحلا لتركها ، أو تركها يؤدي إلى الكفر ، فإن المعصية بريد الكفر ، أو يخشى على تاركها أن يموت كافرا ، أو فعله شابه فعل الكافر . ( رواه مسلم ) : قال ميرك : ورواه الأربعة ، وهذا لفظ ابن ماجه ، ولفظ مسلم : بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة . ورواه أحمد بلفظ : بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة ، رواه أبو داود والنسائي بلفظ : ليس بين العبد وبين الكفر إلا ترك الصلاة . ورواه الترمذي ولفظه : بين الكفر والإيمان ترك الصلاة .




الخدمات العلمية