الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
207 - وعن شقيق : - رضي الله عنه - كان عبد الله بن مسعود يذكر الناس في كل خميس . فقال له رجل : يا أبا عبد الرحمن ! لوددت أنك ذكرتنا في كل يوم . قال : أما إنه يمنعني من ذلك أني أكره أن أملكم ، وإني أتخولكم بالموعظة كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتخولنا بها مخافة السآمة علينا . متفق عليه .

التالي السابق


207 - ( وعن شقيق ) هو ابن أبي سلمة ، يكنى أبا وائل الأسدي ، أدرك زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يره ولم يسمع منه ، وهو ثقة حجة ، روى عن خلق من الصحابة ، منهم : عمر بن الخطاب ، وابن مسعود ، وكان خصيصا به من أكابر الصحابة ، وهو كثير الحديث مات زمن الحجاج قاله المصنف . ( قال : كان عبد الله بن مسعود يذكر ) : بالتشديد أي : يعظ ( الناس ) : ويخوفهم أي : يذكر كلام الله وحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهم ( في كل خميس ) . ولعل وجه التخصيص ليصل بركته إلى يوم الجمعة ( فقال له رجل ) : يحتمل الراوي وغيره ( يا أبا عبد الرحمن لوددت ) أي : أحببت أو تمنيت ( أنك ذكرتنا في كل يوم ) : لغلبة الغفلة علينا ليعود بتذكيرك الحضور إلينا ( قال : أما ) : بمعنى ألا للتنبيه ( إنه ) : بكسر الهمزة والضمير للشأن ( يمنعني من ذلك ) أي : من التذكير كل يوم ( أني أكره ) : بفتح الهمزة فاعل يمنعني ، أي : كراهتي ( أن أملكم ) : مفعول أكره أي : إملالكم يعني إيقاعكم في الملالة ( وإني ) : بكسر الهمزة عطف على " إنه " أو حال ( أتخولكم ) : من التخول ، وهو التعفف وحسن الرعاية ( بالموعظة كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتخولنا ) : من التخول ، وفي بعض الروايات بالحاء المهملة وهو تفقد الحال . روى يتخوننا بالخاء المعجمة والنون بمعنى يتخولنا . قيل : الرواية باللام أكثر ، وزعم بعضهم أن الصواب يتحولنا بالحاء المهملة ، لكن الرواية في الصحاح بالخاء المعجمة ، وكان أبو عمرو يقول : إنما هو يتخوننا والتخون : التعهد ، وقد رد على الأعمش روايته باللام ، وكان الأصمعي يقول : ظلمه أبو عمرو ، ويقال : يتخولنا ويتخوننا جميعا . كذا ذكره الطيبي ، ويدل عليه اختلاف الرواة في حديث واحد ، يعني يتفقدنا ( بها ) أي : بالموعظة في مظان القبول ، ولا يكثر علينا ولا يعظنا متواليا ( مخافة السآمة علينا ) . وفي المصابيح : كراهة السآمة أي الملالة إذ لا تأثير للموعظة عند الملالة . قال ابن الملك أي يعظنا يوما دون يوم ووقتا دون وقت ، ويروى بالحاء المهملة أيضا أي : يتأمل أحوالنا التي ننشط فيها للموعظة فيعظنا فيها ، وكذلك يفعل المشايخ والوعاظ في تربية المريدين ( متفق عليه ) .

[ ص: 291 ]



الخدمات العلمية