الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3006 - وعن سمرة بن جندب أنه كانت له عضد من نخيل في حائط رجل من الأنصار ، ومع الرجل أهله ، فكان سمرة يدخل عليه فيتأذى به ، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له فطلب إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - ليبيعه فأبى ، فطلب أن ينقله فأبى ، قال : فهبه له ولك كذا أمرا رغبة فيه فأبى ، فقال : أنت مضار ، فقال للأنصاري : اذهب فاقطع نخله . رواه أبو داود وذكر حديث جابر " من أحيا أرضا " في باب الغضب برواية سعيد بن زيد ، وسنذكر حديث أبي صرمة من ضار أضر الله به في باب ما ينهي عن التهاجر .

التالي السابق


3006 - ( وعن سمرة بن جندب ) بضمتين وبفتح الثاني ( أنه كانت له عضد ) بفتحتين وبضم الثاني ويسكن أي : طريقة ( من نخل ) قيل معناها أعداد من نخل قصار مصطفة والطريق الطوال من النخل ، وقيل : الطريقة على صف واحد ، وفي القاموس : العضد الطريقة من النخل وبالتحريك الشجر المنضود اه فقوله : من نخل على سبيل التجريد وفي الفائق قالوا : للطريق من النخل عضد لأنها متناضرة في جهة ، وروي عضيد ، قال الأصمعي : " إذا صار للنخلة جذع يتناول منه فهي العضيد والجمع عضدان وقيل هي الجبارة البالغة غاية الطول ( في حائط رجل من الأنصار ) قيل : الأنصاري من بني النجار وقيل : اسمه مالك بن قيس وقيل : مالك بن أسعد وكان شاعرا ( ومع الرجل أهله فكان سمرة يدخل عليه ) أي : على الرجل ( فيتأذى به ) أي : بدخوله ، قال الطيبي : " ذكر الأهل والتأذي دالان على تضرر الأنصاري من مروره " ( فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك ) أي : الأمر له ( فطلب إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - ) أي : سمرة إلى مجلسه الشريف ( ليبيعه ) قال الطيبي - رحمه الله - : " تعدية طلب بإلى يشعر بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهى إليه طلب البيع شافعا وكذا في الباقي " ( فأبى ) أي : امتنع ( فطلب أن ينقله ) أي : يبادل بمثله في موضع آخر ( فأبى فقال : فهبه له ) قال التوربشتي : " لفظ الحديث يدل على أنه كان فرد نخل لتعاقب الضمير بلفظ التذكير في قوله ليبيعه ويناقله وفهبه له وأيضا لو كانت طريقة من النخل لم يأمره بقطعها لدخول الضرر عليه أكثر ما يدخل على صاحبه من دخوله وقد ذكر أن صوابه عضيد ، قال القاضي : إفراد الضمير فيها لإفراد اللفظ ( ولك ذلك ) أي : في الجنة من البساتين والحور والقصور والحبور والسرور ( أمرا رغبة فيه ) أي : في الأمر ونصبه على الاختصاص ، والتفسير لقوله فهبه له يعني هو أمر على سبيل الترغيب والاستشفاع ، ويجوز أن يكون حالا من فاعل " قال " أي : قال آمرا مرغبا فيه وأن يكون نصبا على المصدر لأن الأمر فيه معنى القول أي : قال قولا مرغبا فيه وهذه الوجوه جارية في قوله تعالى ( فيها يفرق كل أمر حكيم أمرا من عندنا ) كذا حققه الطيبي ( فأبى ) أي : امتنع من هذا أيضا ( فقال : أنت مضار ) قال المظهر : أي إذا لم تقبل هذه الأشياء فلست تريد إلا إضرار الناس ومن يريد إضرار الناس جاز دفع ضرره ، ودفع ضررك أن يقطع شجرك ( فقال للأنصاري : اذهب فاقطع نخله ) ولعله إنما أمر الأنصاري بقطع النخل لما تبين له أن سمرة يضاره لما علم أن غرسها كان بالعارية ( رواه أبو داود ، وذكر حديث جابر ) أي : الواقع في المصابيح ( من أحيا أرضا ) أي : ميتة فهي له وليس لعرق ظالم حق ( برواية سعيد بن زيد ) أي : في المشكاة ( وسنذكر حديث أبي صرمة ) بكسر الصاد المهملة وسكون الراء ( من ضار أضر الله به ) كذا هنا في أصل المشكاة ( في باب ما ينهي من التهاجر ) بلفظ ضار الله به ومن شاق شاق الله عليه ، والظاهر أن الأول سهو قلم .

[ ص: 2003 ]



الخدمات العلمية