الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  صفحة جزء
                                                                  [ ص: 237 ] أبو رجاء العطاردي عن سمرة بن جندب

                                                                  6984 - حدثنا محمد بن العباس المؤدب ، ثنا هوذة بن خليفة ، ثنا عوف ، عن أبي رجاء العطاردي ، ثنا سمرة بن جندب ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيما يقول لأصحابه : " هل رأى أحد منكم رؤيا ؟ " قال : فنقص عليه ما شاء الله أن نقص ، قال : فقال ذات غداة : " إنه أتاني الليلة اثنان ، أو آتيان فابتعثاني ، وقالا لي : انطلق ، فانطلقت معهما ، وإنا أتينا على رجل مضطجع ، فإذا آخر قائم عليه بصخرة ، وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه ، فيثلغ رأسه فيتدهده الحجر فيذهب ههنا ، فيتبعه فيأخذه ، فلا يرجع إليه ، حتى يصح رأسه كما كان ، ثم يعود عليه فيفعل مثل فعل المرة الأولى ، قلت لهما : سبحان الله ، ما هذا ؟ قالا لي : انطلق ، فانطلقنا ، فأتينا على رجل مستلق لقفاه ، وإذا آخر قائم بكلوب من حديد ، وإذا هو يأتي إحدى شقي وجهه ، فيشرشر شدقه إلى قفاه ، ثم يتحول إلى الجانب الآخر ، فيفعل به مثل ذلك ، فما يفرغ منه حتى يصح ذلك الجانب كما كان ، ثم يعود إليه ، فيفعل به كما فعل المرة الأولى ، قال : قلت لهما : سبحان الله ، ما هذان ؟ قالا لي : انطلق ، فانطلقنا ، فأتينا على بناء مثل التنور - قال : فأحسب أنه قال - فسمعنا لغطا وأصواتا - قال - فاطلعنا فيه ، فإذا فيه رجال ونساء عراة ، وإذا هو يأتيهم لهب من أسفل منهم ، فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا قلت لهما : سبحان الله ، ما هؤلاء ؟ قالا لي : انطلق - قال : فانطلقنا فأتينا على نهر - حسبت أنه قال : - أحمر مثل الدم ، وإذا في النهر [ ص: 238 ] رجل يسبح ، وإذا على شاطئ النهر رجل قد جمع عنده حجارة ، وإذا ذلك السابح يسبح ما يسبح ، ثم يأتي ذلك الذي قد جمع عنده حجارة فيفغر له فاه فيلقمه حجرا ، فيذهب فيسبح ما يسبح ، ثم يرجع ، ، كلما رجع فغر له فاه فألقمه حجرا ، قلت لهما : ما هذا ؟ قالا لي : انطلق ، فانطلقنا ، فأتينا على رجل كريه المرآة ، كأكره ما أنت راء رجلا مرآة ، وإذا نار يحشها ويسعى حولها - قال - قلت لهما : ما هذا ؟ قالا لي : انطلق ، انطلق ، فانطلقنا ، فأتينا روضة معشبة فيها من كل الربيع ، وإذا بين ظهراني الروضة رجل طويل ، لا أكاد أن أرى رأسه طولا في السماء ، وإذا حول الرجل من أكثر ولدان رأيتهم قط ، وأحسنهم - قال - قلت لهما : سبحان الله ، ما هذا ؟ وما هؤلاء ؟ قالا لي : انطلق ، فانتهينا إلى دوحة عظيمة لم أر دوحة قط أعظم منها ، ولا أحسن - قال - قالا لي : ارق فيها ، فارتقينا ، فانتهينا إلى مدينة مبنية بلبن ذهب ، ولبن فضة ، فأتينا باب المدينة ، فاستفتحناها ، ففتح لنا ، فدخلناها ، فتلقانا فيها رجال شطر من خلقهم كأحسن ما أنت راء ، وشطر كأقبح ما أنت راء رجلا - قال - فقالا : اذهبوا فقعوا في ذلك النهر ، وإذا نهر معترض يجري كأن ماءه المحض بالبياض - قال : فذهبوا فوقعوا فيه ، ثم رجعوا إلينا وقد ذهب عنهم السوء ، وصاروا في أحسن صورة - قال : قالا لي : هذه جنة عدن ، وها هو ذاك منزلك ، فسما بصري مصعدا - قال - فإذا قصر مثل الربابة البيضاء - قال : قالا : هو ذاك منزلك ، فقلت لهما : بارك الله فيكما ، خلياني ، ذراني أدخله ، قالا لي : أما الآن ، فلا ، وأنت داخله - قال - قلت لهما : إني قد رأيت منذ الليلة عجبا ، فما هذا الذي رأيت ؟ - قال - قالا لي : أما إنا سنخبرك : أما الرجل الأول الذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر فإنه رجل يأخذ القرآن ، وينام عن الصلاة المكتوبة ، وأما الرجل الذي أتيت عليه يشرشر شدقه وعينه ومنخراه إلى قفاه ، فإنه الرجل يغدو من بيته ، فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق ، وأما الرجال والنساء العراة الذين في مثل بناء التنور ، فإنهم الزناة والزواني ، وأما الرجل الذي يسبح في النهر ، [ ص: 239 ] ويلقم الحجارة ، فإنه آكل الربا ، وأما الرجل الذي عنده الكريه المرآة فإنه مالك خازن جهنم ، وأما الرجل الذي في الروضة فإنه إبراهيم صلى الله عليه وسلم ، وأما الولدان الذين حوله فكل مولود على الفطرة " قال : وقال بعض المسلمين : يا رسول الله ، وأولاد المشركين ؟ قال : " وأولاد المشركين ، وأما القوم الذين كانوا شطرا منهم حسنا وشطرا منهم قبيحا ، فإنهم قوم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا فتجاوز الله عنهم " .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية