الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  صفحة جزء
                                                                  6985 - حدثنا أحمد بن داود المكي ، بمصر ، ثنا معاوية بن عطاء الخزاعي ، ثنا شعبة ، عن عوف ، عن أبي رجاء العطاردي ، عن سمرة بن جندب ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما أصبح قال لأصحابه : " هل رأى أحد منكم رؤيا ؟ " قال : وإنه أصبح ذات يوم ، فقال : " إني رأيت كأن اثنين أتياني ، فقالا : انطلق انطلق ، فانطلقت معهما ، حتى انتهيا بي على شيخ أبيض الرأس واللحية ، كئيب حزين عنده نار وهو يحشها ويصلح منها ، فقلت : بارك الله فيكما ، من هذا الشيخ ؟ وما هذه النار ؟ فقالا لي : انطلق انطلق ، فانطلقت معهما ، حتى انتهيا بي إلى رجل ، وإذا رجل قائم على رأسه وإذا بيده كلوب من حديد ، وهو يشرشر فمه إلى قفاه ، ومنخره إلى قفاه وعينه إلى قفاه ، ثم يفعل بهذه الناحية الأخرى ، فما يفرغ منها حتى تعود تلك الناحية كأصح ما كانت ، فقلت : يا بارك الله فيكم ما هذان الرجلان ؟ قالا لي : انطلق انطلق ، فانطلقت معهما حتى أتيا بي إلى رجل مستلق على قفاه ، وإذا رجل قائم على رأسه بيده صخرة ، وهو يثلغ بها رأسه ، فيدهده الحجر مكانا أتاك أتاك ، فيذهب فيأخذه ، فما يرجع إلى صاحبه حتى يرجع رأسه كأصح ما كان ، فيفعل نحو ما فعل ، فقلت : يا بارك الله فيكما ، ما هذان ؟ قالا : انطلق انطلق ، فانطلقت معهما ، حتى انتهيا بي إلى شبه البركة ، وإذا فيها رجل يسبح ، وإذا رجل قائم على شفة البركة بيده صخرة ، فيجيء السابح فيفغر له فاه ، فيلقمه ذلك الحجر ، فقلت : يا بارك الله فيكما ، ما هذان ؟ قالا لي : انطلق انطلق ، فانطلقت معهما حتى انتهيا بي إلى شبه التنور ، [ ص: 240 ] وإذا فيه رجال ونساء ، فيأتيهم لهب أسفل منهم فيضوضووا ، فقلت : يا بارك الله فيكما ، ما هؤلاء ؟ فقالا لي : انطلق انطلق ، فانطلقت معهما حتى انتهيا بي إلى أرض بيضاء كأنها الفضة ، وإذا فيها كل نور ربيع ، وإذا رجل أبيض الرأس واللحية كأجمل ما أنت راء من الرجال ، وإذا عنده ولدان فهو محوشهم ويصلح منهم ، فقلت : يا بارك الله فيكما ، من هذا الشيخ ؟ ومن هؤلاء الولدان ؟ قالا لي : انطلق انطلق ، فانطلقت معهما حتى انتهيا بي إلى أرض بيضاء كأنها الفضة ، وإذا فيها نهر يجري ، ويجيء قوم نصف أجسادهم كأحسن ما أنت راء ، ونصف أجسادهم كأقبح ما أنت راء ، فيدخلون في ذلك النهر كأنما أمروا به ، فيخرجون منه كأنما دهنوا بالدهان ، فقلت : يا بارك الله فيكما ، ما هؤلاء ؟ قالا : انطلق انطلق ، فانطلقت معهما حتى انتهيا بي إلى سدرة المنتهى ، وهي جنة عدن ، وذاك منزلك ، قلت : يا بارك الله فيكما ، دعاني فأدخله ، قالا : لا ، وأنت داخله ، قلت : يا بارك الله فيكما ، إني قد رأيت منذ الليلة عجبا ، قالا : نخبرك : أما الذي رأيت أبيض الرأس واللحية فذاك مالك خازن جهنم ، وأما الذي رأيت يشرشر فمه إلى قفاه ومنخره إلى قفاه فذاك رجل يخرج من منزله ، يكذب الكذبة ، فيشيع في الآفاق ، وأما الذي رأيت يثلغ رأسه ، فيترك كأنه خبزة ، فذلك الرجل النمام ، وأما الذي رأيت في البركة يلقم حجرا فذلك الرجل الذي يأكل مال اليتيم ، وأما الذي رأيت في شبه التنور فأولئك الزواني والزناة ، وأما الذي رأيت الأبيض الرأس واللحية فذاك إبراهيم خليل الله ، والولدان الذين رأيت فذاك ولدان المسلمين ، وكل مولود يولد على الفطرة ، وأما الذين رأيت نصف أجسادهم كأحسن ما أنت راء ، ونصف أجسادهم كأقبح ما أنت راء ، فأولئك قوم عملوا عملا صالحا وآخر سيئا ، فيغفر الله لهم " .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية