الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        [ ص: 291 ] النوع السابع عشر معرفة الأفراد ، تقدم مقصوده .

        فالفرد قسمان : أحدهما : فرد ، عن جميع الرواة وتقدم .

        والثاني : بالنسبة إلى جهة كقولهم : تفرد به أهل مكة والشام ، أو فلان عن فلان ، أو أهل البصرة ، عن أهل الكوفة وشبهه ، ولا يقتضي هذا ضعفه إلا أن يراد بتفرد المدنيين انفراد واحد منهم ، فيكون كالقسم الأول .

        التالي السابق


        ( النوع السابع عشر : معرفة الأفراد ، تقدم مقصوده ) في الأنواع التي قبله .

        قال ابن الصلاح : لكن أفردته بترجمة ، كما أفرده الحاكم ولما بقي منه .

        [ ص: 291 ] ( فالفرد قسمان : أحدهما فرد ) مطلق ، تفرد به واحد ، ( عن جميع الرواة ، و ) قد ( تقدم حكمه .

        والثاني : ) فرد نسبي ( بالنسبة إلى جهة ) خاصة ، ( كقولهم : تفرد به أهل مكة والشام ) ، أو البصرة ، أو الكوفة ، أو خراسان ، ( أو ) تفرد به ( فلان عن فلان ) ، وإن كان مرويا من وجوه ، عن غيره ( أو أهل البصرة ، عن أهل الكوفة ) أو الخراسانيون ، عن المكيين ، ( وشبهه .

        ولا يقتضي هذا ضعفه ) من حيث كونه فردا ، ( إلا أن يراد بتفرد المدنيين ) مثلا : ( انفراد واحد منهم ) تجوزا ، أو يقال : لم يروه ثقة ، إلا فلان ( فيكون ) حكمه ( كالقسم الأول ) ; لأن رواية غير الثقة كلا رواية ، فينظر في المتفرد به هل بلغ رتبة من يحتج بتفرده أو لا ؟ في غير الثقة هل بلغ رتبة من يعتبر بحديثه أو لا ؟

        مثال ما انفرد به أهل بلد : ما رواه أبو داود ، عن أبي الوليد الطيالسي ، عن همام ، عن قتادة ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد ، قال : أمرنا أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر .

        [ ص: 292 ] قال الحاكم : تفرد بذكر الأمر فيه أهل البصرة ، من أول الإسناد إلى آخره ، ولم يشاركهم في هذا اللفظ سواهم .

        وما رواه مسلم من حديث عبد الله بن زيد في صفة وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ومسح رأسه بماء غير فضل يديه " .

        قال الحاكم : هذا سنة غريبة تفرد بها أهل مصر ولم يشاركهم فيها أحد .

        وما رواه أيضا من حديث الضحاك بن عثمان ، عن أبي النضر ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن عائشة ، قالت : " صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - على سهيل بن بيضاء ، وأخيه في المسجد " .

        قال الحاكم : تفرد به أهل المدينة .

        وما رواه أحمد من حديث إسماعيل بن عبد الملك المكي ، عن عبد الله بن أبي مليكة ، عن عائشة : " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج من عندها ، فقالت : يا رسول الله خرجت من عندي ، وأنت طيب النفس ، ثم رجعت إلي حزينا ، فقال : إني دخلت الكعبة ووددت أني لم أكن دخلتها ، أو أكون أتعبت أمتي " .

        [ ص: 293 ] قال الحاكم : تفرد به أهل مكة .

        ومثال ما تفرد به فلان ، عن فلان ما رواه أصحاب السنن الأربعة ، من طريق سفيان بن عيينة ، عن وائل بن داود ، عن ابنه بكر بن وائل ، عن الزهري ، عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أولم على صفية بسويق وتمر .

        قال ابن طاهر : تفرد به وائل ، عن ابنه ، ولم يروه عنه غير سفيان ، وقد رواه محمد بن الصلت التوزي ، عن ابن عيينة ، عن زياد بن سعد ، عن الزهري ، ورواه جماعة ، عن سفيان ، عن الزهري بلا واسطة .

        ومثال ما تفرد به أهل بلد ، عن أهل بلد ، والمراد : تفرد واحد منهم حديث النسائي : " كلوا البلح بالتمر " .

        قال الحاكم : هو من أفراد البصريين ، عن المدنيين ، تفرد به أبو زكير ، عن هشام .

        ومثال ما تفرد به ثقة : حديث مسلم وغيره أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في الأضحى والفطر بقاف ، واقتربت الساعة .

        [ ص: 294 ] تفرد به ضمرة بن سعيد ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن أبي واقد الليثي ، ولم يروه أحد من الثقات غير ضمرة ، ورواه من غيرهم ابن لهيعة ، وهو ضعيف عند الجمهور ، عن خالد بن يزيد ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة .

        فائدة : صنف الدارقطني في هذا النوع كتابا حافلا ، وفي معاجم الطبراني أمثلة كثيرة لذلك .




        الخدمات العلمية